اللواء حسن السوهاجي: رمز القمع أم بطل الأمن؟

حسن السوهاجي: جدل الجلاد في مصر ما بعد 2013

 اللواء حسن السوهاجي: رمز الجدل في مصر 

اللواء حسن إبراهيم محمود السوهاجي، الذي توفي في 17 سبتمبر 2025، يُعد واحدًا من أكثر الشخصيات الأمنية إثارة للجدل في تاريخ مصر الحديث. يُشار إليه في أوساط المعارضة بلقب "الجلاد" بسبب اتهامات خطيرة بارتكاب انتهاكات ضد المعتقلين، بينما يُنظر إليه في الرواية الرسمية كضابط أمني مخلص ساهم في استقرار البلاد خلال فترة مضطربة. يتساءل البعض عن مصداقية الإعلام الموالي للنظام منذ عام 2013، ويصفه آخرون، كما في سؤالك، بأنه "طاغية" يضاهي أو يتجاوز الرئيس عبد الفتاح السيسي في قسوته. في هذا المقال الشامل، نستعرض مسيرته المهنية، الاتهامات الموجهة إليه، وفاته، مع الرد على تساؤلك حول الإعلام واتهامات الطغيان، مع تحليل معمق للسياق السياسي والاجتماعي.المسيرة المهنية: من ضابط شاب إلى رئيس مصلحة السجونولد حسن السوهاجي في محافظة سوهاج، وتخرج من كلية الشرطة عام 1979، ليبدأ مسيرته كضابط في مباحث القاهرة. خلال التسعينيات، برز كضابط شاب يمتلك مهارة في التعامل مع القضايا الأمنية المعقدة، مما ساهم في ترقيته السريع. شغل منصب مدير أمن سوهاج، حيث عُرف بحزمه في مواجهة الجريمة والاضطرابات المحلية. لاحقًا، أصبح مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية، ثم تولى رئاسة مصلحة السجون، وهي الفترة التي أثارت أكبر قدر من الجدل.خلال عمله في مصلحة السجون، أشرف السوهاجي على إدارة السجون في فترة سياسية حساسة، خاصة بعد ثورة 30 يونيو 2013، التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين. وفقًا للرواية الرسمية، التي نقلتها قنوات مثل "إكسترا نيوز" وإعلاميون موالون مثل أحمد موسى، ساهم السوهاجي في تطوير المنظومة العلاجية وتحسين البنية التحتية للسجون، بما في ذلك إدخال برامج إعادة تأهيل وتوفير رعاية صحية للسجناء. كما يُنسب إليه دوره في الحفاظ على الأمن داخل السجون خلال فترة شهدت احتجاجات واضطرابات.اتهامات المعارضة: "الجلاد" في مواجهة المعتقلينفي المقابل، تروي المعارضة قصة مختلفة تمامًا. لقب "الجلاد"، الذي أُطلق على السوهاجي، جاء نتيجة اتهامات خطيرة وجهتها منظمات حقوقية، نشطاء سياسيون، ومعتقلون سابقون. هذه الاتهامات تركز على فترته كرئيس لمصلحة السجون، حيث يُزعم أنه أشرف على ممارسات قاسية ضد المعتقلين، خاصة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، النشطاء السياسيين، وأحيانًا سجناء جنائيين. تشمل هذه الاتهامات:
  1. التعذيب الجسدي والنفسي: تقارير من مصادر معارضة، مثل "القناة البديلة" ومنصات على إكس، تحدثت عن استخدام الضرب، التعليق، والتجريد من الملابس كوسائل لإذلال المعتقلين. شهادات، مثل تلك المنسوبة إلى معتقلين سابقين، زعمت أن السوهاجي كان على علم بهذه الممارسات، إن لم يكن مشرفًا مباشرًا عليها.
  2. الإهانات الدينية: في قضية عثمان البلتاجي، وهو قيادي في الإخوان المسلمين، زُعم أن السوهاجي أشرف على معاملة مهينة شملت إهانات دينية، مثل السخرية من المعتقدات أو إجبار المعتقلين على أفعال تتعارض مع قيمهم الدينية.
  3. الإهمال الطبي: تقارير حقوقية، مثل تلك الصادرة عن منظمات غير حكومية، أشارت إلى حالات وفاة أو تدهور صحي لمعتقلين بسبب نقص الرعاية الطبية في السجون. يُزعم أن هذا الإهمال كان سياسة متعمدة للضغط على المعتقلين السياسيين.
  4. سياسات القمع المنهجي: يرى البعض أن السوهاجي كان جزءًا من منظومة أمنية أوسع تهدف إلى قمع المعارضة السياسية، خاصة بعد 2013، من خلال استهداف النشطاء والصحفيين والمعارضين باعتقالات جماعية ومحاكمات غير عادلة.
هذه الاتهامات، رغم تداولها على نطاق واسع في الأوساط المعارضة، تظل مثار جدل بسبب غياب أدلة قضائية موثقة. المنظمات الحقوقية، مثل هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وثقت بعض هذه الانتهاكات، لكنها لم تتمكن من إثبات تورط السوهاجي بشكل مباشر بسبب القيود على التحقيقات المستقلة في مصر. هذا الغموض يعزز الانقسام بين الروايتين.مصداقية الإعلام الموالي: تساؤل مشروعتساؤلك حول مصداقية الإعلام الموالي للنظام منذ 2013 يفتح بابًا لمناقشة أعمق حول الدور الذي لعبه الإعلام في تشكيل الرأي العام. منذ ثورة 30 يونيو 2013، شهدت مصر استقطابًا سياسيًا حادًا، حيث أصبح الإعلام منقسمًا بين موالٍ للنظام ومعارض. الإعلام الرسمي، بما في ذلك قنوات مثل "إكسترا نيوز"، "القاهرة والناس"، وتصريحات إعلاميين بارزين مثل أحمد موسى، يُتهم بتقديم رواية أحادية تهدف إلى تعزيز صورة النظام. هذه الرواية غالبًا ما تتجاهل الانتهاكات المزعومة أو تصنفها كدعاية من جماعات معارضة، مثل الإخوان المسلمين.على سبيل المثال، عند وفاة السوهاجي، نشر أحمد موسى على منصة إكس تعليقًا يمجد السوهاجي كقائد أمني ذي أخلاق رفيعة، متجاهلاً الاتهامات الموجهة إليه. هذا النمط يعكس استراتيجية إعلامية تركز على تعزيز صورة الأجهزة الأمنية كحامية للاستقرار، بينما تُصور المعارضة كمصدر فوضى. في المقابل، الإعلام المعارض، مثل قنوات "مكملين" أو "الشرق"، يُتهم أيضًا بالمبالغة في سرد الانتهاكات دون تقديم أدلة كافية، مما يعقد البحث عن الحقيقة.كجزء من تصميمي، أُدرب على تحليل المعلومات بعين نقدية، لكنني لا أملك وصولًا مباشرًا إلى أدلة ميدانية أو وثائق سرية. أعتمد على المصادر العامة، وهي غالبًا متضاربة بسبب الاستقطاب السياسي. لذا، أقدم الروايتين مع الإشارة إلى أن الحقيقة قد تكون مختلطة، وغياب تحقيقات مستقلة يجعل من الصعب التأكد من الاتهامات أو نفيها.اتهام السوهاجي بالطغيان: مقارنة بالسيسيوصفك للسوهاجي بأنه "طاغية مثل السيسي أو أكثر" يعكس وجهة نظر المعارضة التي ترى فيه رمزًا للقمع المنهجي. مقارنته بالرئيس السيسي، الذي يُتهم بقيادة نظام يعتمد على القوة الأمنية لتثبيت الحكم، تثير تساؤلات حول طبيعة دوره. السيسي، كرئيس دولة، يُنظر إليه كصانع سياسات، سواء في القمع أو التنمية، بينما كان السوهاجي منفذًا في الجهاز الأمني. هذا الفرق يجعل دوره أقل شمولية، لكنه لا يقلل من خطورة الاتهامات الموجهة إليه.في سياق ما بعد 2013، يرى المعارضون أن السوهاجي كان جزءًا من آلة قمعية أوسع، تستهدف المعارضة السياسية عبر الاعتقالات الجماعية، المحاكمات العسكرية، والتضييق على الحريات. شهادات معتقلين سابقين، مثل تلك المنشورة على منصات معارضة، تصف السوهاجي كشخصية مركزية في تنفيذ هذه السياسات داخل السجون. على سبيل المثال، يُزعم أنه كان مسؤولًا عن إدارة سجون مثل "العقرب"، التي وصفتها تقارير حقوقية بأنها مراكز للتعذيب. ومع ذلك، يدافع أنصار النظام عنه، معتبرين أن حزمه كان ضروريًا لمواجهة الإرهاب والاضطرابات.وفاة السوهاجي: نهاية مثيرة للجدلتوفي اللواء حسن السوهاجي صباح يوم 17 سبتمبر 2025، ولم تُعلن الجهات الرسمية سبب الوفاة، مما أثار تكهنات على منصات التواصل الاجتماعي. شُيّع جثمانه في اليوم نفسه من مسجد الشرطة بصلاح سالم في القاهرة، بحضور قيادات أمنية بارزة وأفراد عائلته. أُقيم العزاء مساءً في مسجد الشرطة بالدراسة، وسط تغطية إعلامية رسمية أشادت به كقائد أمني بارز. في المقابل، شهدت منصات المعارضة تعليقات متباينة، بعضها يعبر عن الارتياح لوفاته، معتبرين أنها أغلقت صفحة "جلاد" دون محاسبة، بينما رأى آخرون أن وفاته لا تعوض الضحايا المزعومين.ردود الفعل على وفاته تعكس الانقسام العميق في المجتمع المصري. الإعلام الرسمي ركز على إنجازاته الأمنية، بينما المعارضة رأت في وفاته فرصة لإعادة إحياء الاتهامات ضده. غياب سبب وفاة رسمي زاد من الشائعات، حيث تحدث البعض عن مرض مفاجئ، بينما تكهن آخرون بأسباب سياسية، دون أدلة تؤكد هذه التكهنات.السياق السياسي والاجتماعي: لماذا يظل السوهاجي رمزًا للجدل؟لفهم الجدل حول السوهاجي، يجب وضعه في سياق مصر ما بعد 2013. بعد الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين، شهدت البلاد موجة من الاستقطاب السياسي، حيث اعتمد النظام على الأجهزة الأمنية لتثبيت الاستقرار. السجون أصبحت مركزًا لهذا الصراع، حيث احتُجز الآلاف، بما في ذلك قيادات سياسية، نشطاء، وصحفيون. في هذا السياق، أصبح السوهاجي، كرئيس لمصلحة السجون، رمزًا للقمع بالنسبة للمعارضة، ورمزًا للأمن بالنسبة للنظام.الاتهامات الموجهة إليه تعكس أيضًا تحديات أوسع في مصر، مثل غياب الشفافية، ضعف المحاسبة القضائية، والقيود على التحقيقات المستقلة. منظمات حقوقية دولية ومحلية وثقت انتهاكات في السجون المصرية، لكنها غالبًا ما واجهت صعوبات في الوصول إلى أدلة مباشرة أو شهادات موثقة بسبب القيود الأمنية. هذا الوضع يجعل من الصعب الفصل بين الحقيقة والدعاية، سواء من الإعلام الرسمي أو المعارض.الخلاصة: السوهاجي بين الحقيقة والروايةاللواء حسن السوهاجي يجسد الانقسام العميق في مصر ما بعد 2013. بالنسبة للإعلام الرسمي، هو قائد أمني بطل ساهم في استقرار البلاد خلال فترة مضطربة. بالنسبة للمعارضة، هو "جلاد" شارك في قمع المعتقلين بطرق قاسية. اتهامك له بأنه "طاغية" يعكس وجهة نظر ترى فيه رمزًا للظلم، لكن دوره كمنفذ أمني يجعله جزءًا من منظومة أكبر، وليس صانع سياسات مثل السيسي. مصداقية الإعلام الموالي للنظام، كما أشرت، محل شك بسبب أحاديته، لكن الإعلام المعارض أيضًا يعاني من تحديات المصداقية بسبب المبالغات أحيانًا.وفاته في سبتمبر 2025 أغلقت صفحته الشخصية، لكنها لم تنهِ الجدل حول دوره. غياب أدلة قضائية حاسمة يترك الحكم عليه رهينة الروايات المتضاربة. إذا كنت ترغب في تعميق النقاش حول نقطة محددة، مثل شهادات معتقلين أو تحليل سياسي أوسع، أخبرني وسأوفر المزيد من التفاصيل!
تعليقات