وثائق حساسة لمسؤولين كبار
تقرير مفصل حول تسريبات مجموعة الهاكر "جبروت" التي استهدفت مسؤولين مغاربة
المقدمة
في السنوات الأخيرة، باتت عمليات القرصنة وتسريب الوثائق الإلكترونية تمثل تهديدًا كبيرًا على الأمن المعلوماتي للدول، وخاصة في ظل تصاعد التوترات السياسية والجيوسياسية بين بعض الدول والمجموعات الإلكترونية. في هذا السياق، برزت في المغرب قضية تسريبات وثائق حساسة منسوبة إلى مجموعة هاكرز تُدعى "جبروت"، والتي أثارت جدلاً واسعًا وأدت إلى موجة من الاهتمام الإعلامي والتحقيقات الرسمية.
تُعتبر هذه القضية من أكبر تحديات الأمن السيبراني في المغرب خلال عام 2025، حيث طالت التسريبات بيانات ومستندات تخص مسؤولين كبار في الدولة، بما في ذلك وزراء وشخصيات نافذة في الساحة السياسية والاقتصادية. هذا التقرير يهدف إلى تسليط الضوء على ملابسات هذه التسريبات، الشخصيات المعنية، وطبيعة الوثائق التي تم تسريبها، بالإضافة إلى ردود الفعل الرسمية وغير الرسمية، وتداعيات هذه الأزمة على الأمن الوطني والثقة في المؤسسات.
العرض
1. خلفية مجموعة "جبروت" والعمليات التي نفذتها
مجموعة "جبروت" هي مجموعة هاكرز معروفة في الوسط السيبراني، يُعتقد أنها ذات خلفية جزائرية، وقد أعلنت في بداية 2025 عن تنفيذ سلسلة من الهجمات الإلكترونية ضد مؤسسات وهيئات مغربية. وفقًا للمصادر الإعلامية، فإن عمليات القرصنة شملت اختراق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، والوكالة الوطنية للتهيئة العقارية، ووزارة العدل، إلى جانب العديد من الهيئات الحكومية والخاصة.
العمليات لم تكن تقليدية فقط من حيث السرقة، بل تضمنت تسريب كميات ضخمة من البيانات والمستندات التي تحتوي على معلومات شخصية ومالية وحساسة، مما تسبب في حالة من الهلع والجدل داخل الأوساط السياسية والشعبية.
2. طبيعة الوثائق المسربة
تتميز الوثائق المسربة بتنوعها وشمولها على معلومات حساسة، منها:
بيانات مالية وشخصية لموظفين وعاملين في مؤسسات رسمية.
عقود وملفات ملكية عقارية تعود لمسؤولين كبار.
معلومات عن معاملات مالية مشبوهة وتورط بعض المسؤولين في صفقات غير شفافة.
وثائق تتعلق بأنشطة استثمارية لشخصيات سياسية عبر شركات خاصة.
3. أبرز المسؤولين الذين وردت أسماؤهم في التسريبات
من بين الأسماء التي ظهرت في التسريبات، نجد:
ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربية: ذكرت التسريبات وجود صفقات مالية وعقارية ضخمة تتعلق به، تثير تساؤلات حول مدى شفافيتها ومصدر تمويلها.
عبد اللطيف وهبي، وزير العدل: تم ذكر وثائق مرتبطة به وبعائلته، حيث تشير بعض المستندات إلى ملكيات عقارية وأرصدة مالية كبيرة.
فاطمة الزهراء المنصوري، زوجة رئيس الحكومة السابق: وردت أسماؤها في وثائق تخص شركات وعقارات، كما تظهر بعض العلاقات التجارية المشبوهة في الوثائق المسربة.
محمد ياسين المنصوري، مدير المخابرات الخارجية المغربي: تضمنت الوثائق التي سربت معلومات مالية وتفصيلات عن ممتلكات وأعمال تجارية مرتبطة به وبعائلته، منها إنشاء شركات باسم ابنته لشراء عقارات بأموال ضخمة وصلت إلى ملايين الدراهم خلال السنوات 2022-2023.
4. الأبعاد السياسية والأمنية للتسريبات
تشكل هذه التسريبات تحديًا أمنيًا وسياسيًا كبيرًا، فهي لا تمس فقط خصوصيات المسؤولين، بل تمسّ كذلك مصداقية المؤسسات الحكومية وتطرح أسئلة حول وجود فساد محتمل وتورط مسؤولين في ملفات مشبوهة. كما أن تبادل الاتهامات بين المغرب والجزائر على خلفية هذه الهجمات يضيف بُعدًا جيوسياسيًا مهمًا.
من جهة أخرى، أكدت الجهات الأمنية المغربية أن التحقيقات مستمرة لتحديد مصدر التسريبات وكيفية حدوثها، مع التركيز على كشف ما إذا كانت هناك تسريبات داخلية أو اختراقات تقنية. كما نفت وزارة العدل تعرضها لاختراق مباشر، واعتبرت أن جزءًا كبيرًا من الوثائق المسربة تم الحصول عليه من خلال حواسيب موظفين سابقين أو منصات إلكترونية مستقلة.
5. تداعيات الأزمة على المستوى الشعبي والإعلامي
أثارت هذه التسريبات موجة من ردود الفعل بين المغاربة، حيث تداولها النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي وأثارت نقاشات حادة حول الشفافية ومحاربة الفساد. كما استغلت بعض الجهات هذه القضية لتعزيز خطابها السياسي أو انتقاد الحكومة.
في المقابل، حاولت السلطات التهدئة والتأكيد على أن هناك إجراءات أمنية مشددة لمنع تكرار هذه الحوادث، مع ضرورة انتظار نتائج التحقيقات الرسمية.
الخاتمة
تعتبر قضية تسريبات مجموعة الهاكر "جبروت" واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا في المشهد السيبراني والسياسي المغربي خلال عام 2025، حيث جمعت بين أبعاد تقنية وأمنية وسياسية وجيوسياسية في آن واحد. التسريبات كشفت عن وجود ملفات حساسة تخص مسؤولين كبار، مما دفع إلى إطلاق حملة نقاشات حادة حول الشفافية والفساد في المؤسسات المغربية.
بالرغم من ردود الفعل الرسمية التي حاولت التقليل من حجم الضرر وطمأنة الرأي العام، إلا أن القضية أثبتت هشاشة بعض الأنظمة الأمنية الرقمية في مواجهة هجمات إلكترونية متقدمة، وضرورة تعزيز آليات الحماية والشفافية في التعامل مع المعلومات الحساسة.
يبقى السؤال الأكبر مطروحًا: كيف ستتفاعل المؤسسات المغربية مع هذه التحديات، وهل ستؤدي هذه التسريبات إلى إصلاحات حقيقية أم ستُغلق القضية دون تغيير يذكر؟ في النهاية، تبقى هذه الأزمة تحذيرًا شديد اللهجة حول مدى أهمية الأمن السيبراني في العصر الحديث، وأهمية تعزيز الشفافية والثقة بين المواطنين وحكوماتهم.
غياب أي تسريبات تخص أفراد من حزب التجمع الوطني للأحرار (الأحرار) مثير للانتباه، خاصة أن الحزب له حضور قوي في الحكومة والبرلمان، ويمتلك الكثير من النفوذ المالي والسياسي. هذا قد يفتح الباب لأكثر من احتمال:
التسريبات مُوجهة وليس عشوائية
كثيرًا ما تكون عمليات التسريب الإلكترونية مُخطط لها بعناية، تستهدف خصوم سياسيين أو جهات معينة فقط، سواء لأهداف سياسية أو للتأثير على ميزان القوى في المشهد السياسي.
قد تكون التسريبات لعبة داخلية
من غير المستبعد أن تكون التسريبات أداة داخلية تستخدمها أطراف معينة ضمن النظام السياسي نفسه لإضعاف منافسين أو خصوم، خصوصًا إذا كان الطرف الذي لم يُمس (مثل حزب الأحرار) له مصلحة في بقاء الوضع على ما هو عليه أو الاستفادة من الإضعاف الذي يطال خصومه.
تسريبات مختارة بدقة
في السياسة، كثيرًا ما تُستخدم وسائل مثل التسريبات لتوجيه الرأي العام، خلق أزمات أو تشويش، وليس دائمًا لكشف الحقيقة كاملة. لذلك من الطبيعي أن تُستثنى بعض الأطراف التي تملك القدرة على حماية نفسها أو ليس لها مصلحة في الظهور بهذا الشكل.
غياب الأدلة الحاسمة حول "جبروت"
بما أننا لسنا متأكدين تمامًا من هوية "جبروت" وموقعها الحقيقي، فمن الممكن أن يكون اسم وهمي أو واجهة لأطراف أخرى داخلية أو خارجية تستخدم هذا الغطاء لنشر هذه التسريبات، وهذا يشير إلى تعقيد اللعبة السياسية والأمنية خلف الكواليس.
في الخلاصة، إمكانية أن تكون هناك لعبة داخلية يستخدم فيها حزب الأحرار نفوذه وماله لتوجيه ضربات للخصوم واردة جدًا في سياق الواقع السياسي، وهي تعكس حقيقة أن السياسة ليست دائمًا واضحة ولا شفافة، خاصة في مثل هذه الملفات الحساسة.
تحليل أعمق: السيناريوهات المحتملة وراء التسريبات وأبعادها السياسية
1. التسريبات كأداة سياسية داخلية
في كثير من الأنظمة السياسية، يُستخدم التسريب كوسيلة لضرب الخصوم وإضعافهم عبر الكشف عن معلومات محرجة أو وثائق تدينهم. هذا قد يتم تنظيمه من داخل مؤسسات الدولة نفسها أو عبر أطراف تابعة لأحزاب سياسية أو مجموعات ضغط.
في المغرب، حزب الأحرار يمتلك نفوذًا واسعًا في مؤسسات الدولة والاقتصاد، وهو ما قد يجعل من الصعب استهدافه مباشرة من قبل مجموعات خارجية، لأن التسريبات التي ستطال أعضائه قد تقابل بحجب أو تلاعب أمني متطور.
2. حماية حزب الأحرار ضمن اللعبة
من الممكن أن يكون هناك اتفاق ضمني أو غير معلن بعدم المساس بحزب الأحرار، لأنه الطرف القوي داخل النظام الحالي، والذي قد يستفيد من حالة الانقسام بين الأحزاب الأخرى أو من إضعاف خصومه.
هذا الاتفاق قد يكون جزءًا من صراع النفوذ الداخلي، حيث تُترك بعض الأطراف تحت الضوء بينما يتم حماية أخرى.
يُقال إن الأحزاب الكبرى في الأنظمة الهشة تتجنب "قتالاً مفتوحاً" بينها عبر وسائل قد تؤدي إلى أزمات كبيرة، ويُفضلون ضبط الصراع ضمن حدود معينة.
3. احتمالية استخدام "جبروت" كواجهة
كما ذكرت، قد يكون اسم "جبروت" مجرد واجهة أو قناع يُستخدم لتغطية عمليات تسريب منظمة من داخل النظام، أو حتى من أطراف مرتبطة بأحد الأحزاب أو أجهزة الأمن.
هذا يفسر عدم وضوح مصدرها وغياب تأكيدات رسمية واضحة.
4. تأثير التسريبات على المشهد السياسي
هذه التسريبات تلعب دورًا مزدوجًا: تضع ضغطًا على مسؤولين معينين، وتضع الرأي العام تحت حالة شك وقلق من احتمالات الفساد أو سوء إدارة.
في نفس الوقت، يمكن أن تفتح المجال أمام إعادة ترتيب سياسي داخلي، حيث تستغل بعض الأطراف الفوضى لتقوية مواقفها أو لاستهداف خصومهم.
من جهة أخرى، هذه التسريبات تثير مخاوف من انعدام الأمن السيبراني، مما قد يدفع الدولة لتعزيز سيطرتها وأجهزتها الأمنية، وهذا يخدم بالضرورة الأطراف القوية داخل النظام.
5. ماذا يعني غياب التسريبات عن حزب الأحرار؟
قد يكون مؤشراً على أن الحزب قادر على حماية أعضائه، سواء عبر آليات أمنية قوية، أو عبر سيطرة على الإعلام والتحقيقات، أو عبر تفاهمات سياسية.
غياب التسريبات عن حزب الأحرار لا يعني بالضرورة عدم وجود ملفات، بل ربما هناك "سقف محمي" يُحترم في اللعبة السياسية.
هذا السقف يجعل من الصعب إطلاق عمليات مسيئة لأعضاء الحزب دون تداعيات سياسية وأمنية كبيرة.
الخلاصة
الفرضية منطقية جدًا في ضوء معطيات المشهد السياسي المغربي، حيث غالبًا ما يتم توظيف الأحداث مثل هذه التسريبات لأهداف سياسية داخلية أكثر من كونها فقط اختراقات إلكترونية أو هجمات خارجية بحتة.
وجود طرف قوي مثل حزب الأحرار في قلب السلطة يوفر له حماية نسبية من هذه العمليات، وهذا يعكس حقيقة أن السياسة ليست لعبة شاملة للجميع، بل لعبة مصالح تحكمها قواعد غير مكتوبة.
المقدمة
في السنوات الأخيرة، باتت عمليات القرصنة وتسريب الوثائق الإلكترونية تمثل تهديدًا كبيرًا على الأمن المعلوماتي للدول، وخاصة في ظل تصاعد التوترات السياسية والجيوسياسية بين بعض الدول والمجموعات الإلكترونية. في هذا السياق، برزت في المغرب قضية تسريبات وثائق حساسة منسوبة إلى مجموعة هاكرز تُدعى "جبروت"، والتي أثارت جدلاً واسعًا وأدت إلى موجة من الاهتمام الإعلامي والتحقيقات الرسمية.
تُعتبر هذه القضية من أكبر تحديات الأمن السيبراني في المغرب خلال عام 2025، حيث طالت التسريبات بيانات ومستندات تخص مسؤولين كبار في الدولة، بما في ذلك وزراء وشخصيات نافذة في الساحة السياسية والاقتصادية. هذا التقرير يهدف إلى تسليط الضوء على ملابسات هذه التسريبات، الشخصيات المعنية، وطبيعة الوثائق التي تم تسريبها، بالإضافة إلى ردود الفعل الرسمية وغير الرسمية، وتداعيات هذه الأزمة على الأمن الوطني والثقة في المؤسسات.
العرض
1. خلفية مجموعة "جبروت" والعمليات التي نفذتها
مجموعة "جبروت" هي مجموعة هاكرز معروفة في الوسط السيبراني، يُعتقد أنها ذات خلفية جزائرية، وقد أعلنت في بداية 2025 عن تنفيذ سلسلة من الهجمات الإلكترونية ضد مؤسسات وهيئات مغربية. وفقًا للمصادر الإعلامية، فإن عمليات القرصنة شملت اختراق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، والوكالة الوطنية للتهيئة العقارية، ووزارة العدل، إلى جانب العديد من الهيئات الحكومية والخاصة.
العمليات لم تكن تقليدية فقط من حيث السرقة، بل تضمنت تسريب كميات ضخمة من البيانات والمستندات التي تحتوي على معلومات شخصية ومالية وحساسة، مما تسبب في حالة من الهلع والجدل داخل الأوساط السياسية والشعبية.
2. طبيعة الوثائق المسربة
تتميز الوثائق المسربة بتنوعها وشمولها على معلومات حساسة، منها:
بيانات مالية وشخصية لموظفين وعاملين في مؤسسات رسمية.
عقود وملفات ملكية عقارية تعود لمسؤولين كبار.
معلومات عن معاملات مالية مشبوهة وتورط بعض المسؤولين في صفقات غير شفافة.
وثائق تتعلق بأنشطة استثمارية لشخصيات سياسية عبر شركات خاصة.
3. أبرز المسؤولين الذين وردت أسماؤهم في التسريبات
من بين الأسماء التي ظهرت في التسريبات، نجد:
ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربية: ذكرت التسريبات وجود صفقات مالية وعقارية ضخمة تتعلق به، تثير تساؤلات حول مدى شفافيتها ومصدر تمويلها.
عبد اللطيف وهبي، وزير العدل: تم ذكر وثائق مرتبطة به وبعائلته، حيث تشير بعض المستندات إلى ملكيات عقارية وأرصدة مالية كبيرة.
فاطمة الزهراء المنصوري، زوجة رئيس الحكومة السابق: وردت أسماؤها في وثائق تخص شركات وعقارات، كما تظهر بعض العلاقات التجارية المشبوهة في الوثائق المسربة.
محمد ياسين المنصوري، مدير المخابرات الخارجية المغربي: تضمنت الوثائق التي سربت معلومات مالية وتفصيلات عن ممتلكات وأعمال تجارية مرتبطة به وبعائلته، منها إنشاء شركات باسم ابنته لشراء عقارات بأموال ضخمة وصلت إلى ملايين الدراهم خلال السنوات 2022-2023.
4. الأبعاد السياسية والأمنية للتسريبات
تشكل هذه التسريبات تحديًا أمنيًا وسياسيًا كبيرًا، فهي لا تمس فقط خصوصيات المسؤولين، بل تمسّ كذلك مصداقية المؤسسات الحكومية وتطرح أسئلة حول وجود فساد محتمل وتورط مسؤولين في ملفات مشبوهة. كما أن تبادل الاتهامات بين المغرب والجزائر على خلفية هذه الهجمات يضيف بُعدًا جيوسياسيًا مهمًا.
من جهة أخرى، أكدت الجهات الأمنية المغربية أن التحقيقات مستمرة لتحديد مصدر التسريبات وكيفية حدوثها، مع التركيز على كشف ما إذا كانت هناك تسريبات داخلية أو اختراقات تقنية. كما نفت وزارة العدل تعرضها لاختراق مباشر، واعتبرت أن جزءًا كبيرًا من الوثائق المسربة تم الحصول عليه من خلال حواسيب موظفين سابقين أو منصات إلكترونية مستقلة.
5. تداعيات الأزمة على المستوى الشعبي والإعلامي
أثارت هذه التسريبات موجة من ردود الفعل بين المغاربة، حيث تداولها النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي وأثارت نقاشات حادة حول الشفافية ومحاربة الفساد. كما استغلت بعض الجهات هذه القضية لتعزيز خطابها السياسي أو انتقاد الحكومة.
في المقابل، حاولت السلطات التهدئة والتأكيد على أن هناك إجراءات أمنية مشددة لمنع تكرار هذه الحوادث، مع ضرورة انتظار نتائج التحقيقات الرسمية.
الخاتمة
تعتبر قضية تسريبات مجموعة الهاكر "جبروت" واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا في المشهد السيبراني والسياسي المغربي خلال عام 2025، حيث جمعت بين أبعاد تقنية وأمنية وسياسية وجيوسياسية في آن واحد. التسريبات كشفت عن وجود ملفات حساسة تخص مسؤولين كبار، مما دفع إلى إطلاق حملة نقاشات حادة حول الشفافية والفساد في المؤسسات المغربية.
بالرغم من ردود الفعل الرسمية التي حاولت التقليل من حجم الضرر وطمأنة الرأي العام، إلا أن القضية أثبتت هشاشة بعض الأنظمة الأمنية الرقمية في مواجهة هجمات إلكترونية متقدمة، وضرورة تعزيز آليات الحماية والشفافية في التعامل مع المعلومات الحساسة.
يبقى السؤال الأكبر مطروحًا: كيف ستتفاعل المؤسسات المغربية مع هذه التحديات، وهل ستؤدي هذه التسريبات إلى إصلاحات حقيقية أم ستُغلق القضية دون تغيير يذكر؟ في النهاية، تبقى هذه الأزمة تحذيرًا شديد اللهجة حول مدى أهمية الأمن السيبراني في العصر الحديث، وأهمية تعزيز الشفافية والثقة بين المواطنين وحكوماتهم.
غياب أي تسريبات تخص أفراد من حزب التجمع الوطني للأحرار (الأحرار) مثير للانتباه، خاصة أن الحزب له حضور قوي في الحكومة والبرلمان، ويمتلك الكثير من النفوذ المالي والسياسي. هذا قد يفتح الباب لأكثر من احتمال:
التسريبات مُوجهة وليس عشوائية
كثيرًا ما تكون عمليات التسريب الإلكترونية مُخطط لها بعناية، تستهدف خصوم سياسيين أو جهات معينة فقط، سواء لأهداف سياسية أو للتأثير على ميزان القوى في المشهد السياسي.
قد تكون التسريبات لعبة داخلية
من غير المستبعد أن تكون التسريبات أداة داخلية تستخدمها أطراف معينة ضمن النظام السياسي نفسه لإضعاف منافسين أو خصوم، خصوصًا إذا كان الطرف الذي لم يُمس (مثل حزب الأحرار) له مصلحة في بقاء الوضع على ما هو عليه أو الاستفادة من الإضعاف الذي يطال خصومه.
تسريبات مختارة بدقة
في السياسة، كثيرًا ما تُستخدم وسائل مثل التسريبات لتوجيه الرأي العام، خلق أزمات أو تشويش، وليس دائمًا لكشف الحقيقة كاملة. لذلك من الطبيعي أن تُستثنى بعض الأطراف التي تملك القدرة على حماية نفسها أو ليس لها مصلحة في الظهور بهذا الشكل.
غياب الأدلة الحاسمة حول "جبروت"
بما أننا لسنا متأكدين تمامًا من هوية "جبروت" وموقعها الحقيقي، فمن الممكن أن يكون اسم وهمي أو واجهة لأطراف أخرى داخلية أو خارجية تستخدم هذا الغطاء لنشر هذه التسريبات، وهذا يشير إلى تعقيد اللعبة السياسية والأمنية خلف الكواليس.
في الخلاصة، إمكانية أن تكون هناك لعبة داخلية يستخدم فيها حزب الأحرار نفوذه وماله لتوجيه ضربات للخصوم واردة جدًا في سياق الواقع السياسي، وهي تعكس حقيقة أن السياسة ليست دائمًا واضحة ولا شفافة، خاصة في مثل هذه الملفات الحساسة.
تحليل أعمق: السيناريوهات المحتملة وراء التسريبات وأبعادها السياسية
1. التسريبات كأداة سياسية داخلية
في كثير من الأنظمة السياسية، يُستخدم التسريب كوسيلة لضرب الخصوم وإضعافهم عبر الكشف عن معلومات محرجة أو وثائق تدينهم. هذا قد يتم تنظيمه من داخل مؤسسات الدولة نفسها أو عبر أطراف تابعة لأحزاب سياسية أو مجموعات ضغط.
في المغرب، حزب الأحرار يمتلك نفوذًا واسعًا في مؤسسات الدولة والاقتصاد، وهو ما قد يجعل من الصعب استهدافه مباشرة من قبل مجموعات خارجية، لأن التسريبات التي ستطال أعضائه قد تقابل بحجب أو تلاعب أمني متطور.
2. حماية حزب الأحرار ضمن اللعبة
من الممكن أن يكون هناك اتفاق ضمني أو غير معلن بعدم المساس بحزب الأحرار، لأنه الطرف القوي داخل النظام الحالي، والذي قد يستفيد من حالة الانقسام بين الأحزاب الأخرى أو من إضعاف خصومه.
هذا الاتفاق قد يكون جزءًا من صراع النفوذ الداخلي، حيث تُترك بعض الأطراف تحت الضوء بينما يتم حماية أخرى.
يُقال إن الأحزاب الكبرى في الأنظمة الهشة تتجنب "قتالاً مفتوحاً" بينها عبر وسائل قد تؤدي إلى أزمات كبيرة، ويُفضلون ضبط الصراع ضمن حدود معينة.
3. احتمالية استخدام "جبروت" كواجهة
كما ذكرت، قد يكون اسم "جبروت" مجرد واجهة أو قناع يُستخدم لتغطية عمليات تسريب منظمة من داخل النظام، أو حتى من أطراف مرتبطة بأحد الأحزاب أو أجهزة الأمن.
هذا يفسر عدم وضوح مصدرها وغياب تأكيدات رسمية واضحة.
4. تأثير التسريبات على المشهد السياسي
هذه التسريبات تلعب دورًا مزدوجًا: تضع ضغطًا على مسؤولين معينين، وتضع الرأي العام تحت حالة شك وقلق من احتمالات الفساد أو سوء إدارة.
في نفس الوقت، يمكن أن تفتح المجال أمام إعادة ترتيب سياسي داخلي، حيث تستغل بعض الأطراف الفوضى لتقوية مواقفها أو لاستهداف خصومهم.
من جهة أخرى، هذه التسريبات تثير مخاوف من انعدام الأمن السيبراني، مما قد يدفع الدولة لتعزيز سيطرتها وأجهزتها الأمنية، وهذا يخدم بالضرورة الأطراف القوية داخل النظام.
5. ماذا يعني غياب التسريبات عن حزب الأحرار؟
قد يكون مؤشراً على أن الحزب قادر على حماية أعضائه، سواء عبر آليات أمنية قوية، أو عبر سيطرة على الإعلام والتحقيقات، أو عبر تفاهمات سياسية.
غياب التسريبات عن حزب الأحرار لا يعني بالضرورة عدم وجود ملفات، بل ربما هناك "سقف محمي" يُحترم في اللعبة السياسية.
هذا السقف يجعل من الصعب إطلاق عمليات مسيئة لأعضاء الحزب دون تداعيات سياسية وأمنية كبيرة.
الخلاصة
الفرضية منطقية جدًا في ضوء معطيات المشهد السياسي المغربي، حيث غالبًا ما يتم توظيف الأحداث مثل هذه التسريبات لأهداف سياسية داخلية أكثر من كونها فقط اختراقات إلكترونية أو هجمات خارجية بحتة.
وجود طرف قوي مثل حزب الأحرار في قلب السلطة يوفر له حماية نسبية من هذه العمليات، وهذا يعكس حقيقة أن السياسة ليست لعبة شاملة للجميع، بل لعبة مصالح تحكمها قواعد غير مكتوبة.