الانتخابات المقبلة... حيث تُحاك التفاصيل في صمت
منذ انتهاء انتخابات 2021 في المغرب، شرعت الأحزاب السياسية تدريجياً في نسج خيوط تحركاتها استعداداً للانتخابات التشريعية المرتقبة سنة 2026، خيوط دقيقة ومتشابكة كعش العنكبوت، لا تبدو للعين المجردة متماسكة، لكنها تحمل في طياتها هندسة دقيقة تحكمها الحسابات وتوازنات المصالح وتقديرات الربح والخسارة، منذ السنة الأولى من عمر الولاية الحكومية الحالية بدأت المؤشرات تتراكم على أن المشهد السياسي المغربي لن يظل على حاله، فبعض الأحزاب التي فازت بمقاعد مريحة في البرلمان وشكلت التحالف الحكومي الثلاثي، وهي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، دخلت الحكم بأمل كبير في تنفيذ برامج انتخابية ثقيلة الوعود، لكن الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي سرعان ما بدأ يضغط عليها ويقلص من قدرتها على المناورة، فيما وقفت أحزاب المعارضة، وعلى رأسها العدالة والتنمية الذي تكبد هزيمة قاسية في انتخابات 2021، تنتظر فرصتها للعودة إلى الساحة من بوابة النقد والمراجعة وتقديم البدائل الممكنة.
بحلول سنة 2023 بدأت التحركات الفعلية تتخذ طابعاً أكثر وضوحاً، فاجتماعات داخلية، ومراجعات تنظيمية، وتغييرات على مستوى القيادات المحلية والجهوية كانت بمثابة إعادة ترتيب للصفوف قبل معركة 2026، في نفس السنة بدأت بعض المؤشرات تبرز داخل الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، حيث ظهرت بوادر خلافات في عدة مدن، خصوصاً في طنجة والدار البيضاء وفاس، بين منتخبي حزب الاستقلال وزملائهم في الأصالة والمعاصرة، بعض الخلافات كانت بسبب تدبير المجالس المنتخبة، وبعضها الآخر كان انعكاساً لصراعات محلية تاريخية بين المنتمين للحزبين، لكن ما كان يُقرأ بين السطور هو أن تماسك التحالف الثلاثي قد لا يصمد حتى نهاية الولاية، خاصة أن الانتخابات الجماعية لسنة 2021 كانت قد منحت أحزاب الأغلبية مواقع متقدمة محلياً وجهوياً، مما جعلها تدخل في منافسة صامتة حول النفوذ والزعامة الميدانية.
في بداية سنة 2024، بدأ حزب العدالة والتنمية، الذي قضى سنواته الثلاث الأولى في المعارضة بإعادة ترتيب بيته الداخلي، في الخروج العلني بمواقف سياسية أكثر حدة، وطالب بشكل رسمي وزارة الداخلية بفتح نقاش مبكر حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية لسنة 2026، واعتبر أن التحضير المبكر يضمن الشفافية والمنافسة النزيهة، في الوقت ذاته، لمّح الحزب إلى وجود مؤشرات على استخدام البرامج الاجتماعية التي تمولها الدولة لأغراض انتخابية، خاصة في ما يتعلق بالاستعداد لتنظيم كأس العالم 2030 الذي سيحتضنه المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال، حيث اعتبر أن تسويق مشاريع البنية التحتية ضمن سياقات حزبية هو نوع من التوظيف السياسي للأحداث الكبرى، كانت تلك بداية واضحة لعودة الحزب إلى خطابه الذي كان يعتمد عليه قبل سنة 2011، حيث يُزاوج بين الخطاب الاحتجاجي والدعوة إلى الإصلاح المؤسساتي.
أما حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة برئاسة عزيز أخنوش، فقد ظل خلال نفس الفترة يعتمد سياسة الإعلام الكثيف والظهور الميداني المكثف، مستثمراً بشكل كبير في مشاريع الدعم الاجتماعي الجديدة، مثل برنامج "مدخول الكرامة" الذي يستهدف منح 1000 درهم شهرياً للأشخاص الذين تجاوزوا سن الخامسة والستين، وأيضاً في مشاريع الصحة والتعليم، حيث جرى الإعلان عن رفع أجور الأساتذة الجدد إلى 7500 درهم شهرياً، وإنشاء أربعة مراكز استشفائية جامعية جديدة، كما سعت قيادة الحزب إلى خلق دينامية داخلية قوية، من خلال لقاءات جهوية مكثفة مع المنسقين المحليين، وتقييم مرحلي للأداء السياسي لكل تنظيمات الحزب، وكانت الرسالة غير المعلنة أن الحزب سيخوض حملة انتخابية مبكرة من خلال الأداء الحكومي وليس عبر الشعارات، لكنه في المقابل بدأ يواجه انتقادات حتى من حلفائه، حيث بدأ حزب الأصالة والمعاصرة يعبّر عن امتعاضه من "الهيمنة" التجمعية على الواجهة الإعلامية والمؤسساتية، وبدأ الحديث يدور داخل الكواليس حول إعادة ترتيب موازين القوة داخل الحكومة نفسها قبل حلول منتصف الولاية.
في منتصف سنة 2024، أعلن كل من حزب الحركة الشعبية والحزب المغربي الليبرالي والحزب الوطني الديمقراطي عن تحالف جديد تحت اسم "الائتلاف الشعبي"، وهي خطوة غير متوقعة أثارت الانتباه، إذ ضمّت أطيافاً متباعدة من الطيف السياسي المغربي، وكانت شعارات التحالف ترتكز على محاربة الفساد ودعم الفئات الهشة وتحقيق عدالة اجتماعية وشفافية في توزيع الثروة، لم يكن للتحالف تمثيلية وازنة في البرلمان، لكنه كان إشارة واضحة على أن هناك قوى تبحث عن التموقع في ظل التوازنات الجديدة التي بدأت تتشكل، وتم استخدام منصات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف للترويج لهذا المشروع الجديد، مع اعتماد خطاب يمزج بين النقد الحاد للمؤسسات القائمة والتقرب من الشباب والطبقة الوسطى.
في بداية سنة 2025، دخلت البلاد مرحلة ما يمكن تسميته "الحملة الانتخابية الصامتة"، إذ بدأ عدد من الأحزاب في تجديد هياكلها، وتفعيل تنظيماتها القاعدية، والاستعداد لعقد المؤتمرات الوطنية التي تسبق عادة إعلان اللوائح النهائية للمرشحين، كما بدأت اجتماعات موسعة بين وزارة الداخلية وممثلي الأحزاب من أجل التوصل إلى توافقات بخصوص القوانين المؤطرة للعملية الانتخابية، في إحدى هذه الاجتماعات دعا وزير الداخلية إلى "إخراج النموذج الانتخابي الجديد الذي يعكس التحولات الاجتماعية ويضمن التمثيلية المتوازنة"، وقد طُرحت على طاولة النقاش مجموعة من المقترحات من بينها مراجعة نمط الاقتراع، وإعادة النظر في العتبة الانتخابية، وتعزيز تمثيلية الشباب في اللوائح الوطنية، ومراقبة صارمة لتمويل الحملات.
لكن في خلفية هذه التحركات التنظيمية، كانت تدور حوارات خفية داخل القصر الملكي وبين قيادات الأحزاب الكبرى، لأن سنة 2026 لم تكن بالنسبة للنظام السياسي مجرد انتخابات عادية، بل كانت المحطة التي ستُفضي إلى تشكيل الحكومة التي ستدبر مرحلة تنظيم كأس العالم، وهي مرحلة تعتبر حساسة وتستلزم استقراراً سياسياً كبيراً وتماسكاً حكومياً غير قابل للتفكك، لذلك بدأ يُطرح سؤال جوهري حول من الحزب أو التحالف القادر على ضمان قيادة مستقرة لحكومة تمتد بين 2026 و2031، بعض الأصوات داخل الأوساط السياسية كانت ترى أن إعادة تجديد الثقة في حزب التجمع الوطني للأحرار قد يكون خياراً آمناً، خصوصاً إذا تواصل تنفيذ المشاريع الاجتماعية، بينما كانت أطراف أخرى ترى أن المشهد بحاجة إلى إعادة التوازن وإدخال عنصر جديد يعيد توزيع القوة بين الأحزاب.
وفي هذه الأثناء، برز دور الإعلام بشكل أكثر حساسية، حيث بدأت المنابر المختلفة تنشر تسريبات وتوقعات حول مرشحين بارزين، وحول الصراعات الداخلية التي بدأت تعصف بعدد من التنظيمات الحزبية، بعض القيادات التاريخية بدأت تلوّح بالانسحاب، وأخرى عادت فجأة إلى الساحة بعد سنوات من الغياب، وقد تسرب في بداية غشت 2025 أن حزب الاستقلال يُحضر لتعديل كبير على مستوى قيادته التنفيذية، وقد يشمل ذلك الأمين العام نفسه، كما بدأت الأصوات تتعالى داخل حزب الأصالة والمعاصرة حول ضرورة إعادة النظر في التحالفات المستقبلية، خاصة إذا تبين أن استمرار التحالف الحالي قد يضعف الحزب أكثر مما يقويه.
في مقابل هذه الدينامية، عاد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى الواجهة بخطاب أكثر وضوحاً، وبدأ يشتغل على برنامج انتخابي يرتكز على تقوية الطبقة المتوسطة ومحاربة الفوارق الاجتماعية، مع تعهد بإصلاح ضريبي يعيد التوازن بين الفئات، أما حزب التقدم والاشتراكية فكان يراهن على خطاب أخلاقي يربط بين الكرامة والديمقراطية، واعتبر أن المغرب بحاجة إلى إصلاح سياسي جديد يكرس استقلالية المؤسسات ويقلص من سلطة التعيين الفوقي، في حين ظلت أحزاب مثل فيدرالية اليسار تبحث عن صوت موحد يعيد إحياء الحلم الديمقراطي الذي فقده عدد كبير من المغاربة، وخاصة فئة الشباب التي بدأت تفقد الثقة في المؤسسات السياسية.
مع دخول صيف 2025، أصبحت الاستعدادات للانتخابات القادمة تأخذ طابعاً أكثر كثافة، فكل حزب بات يتصرف وكأن الحملة قد انطلقت بالفعل، رغم أن القانون لا يسمح بذلك بعد، حيث يتم استغلال الأنشطة الثقافية والرياضية والدينية لتكريس الحضور الميداني، فيما يتم التحضير للمؤتمرات الوطنية التي ستكون محطة مفصلية في انتقاء القيادات الجديدة والمرشحين المحتملين، وهكذا تجد البلاد نفسها وسط شبكة كثيفة من التحركات والخطابات والمشاورات، تشبه في تركيبها عش العنكبوت، لا يظهر للعيان سوى السطح الهادئ، لكن في الأعماق تدور صراعات مريرة ومعارك مؤجلة، وقرارات استراتيجية تُطبخ في الغرف المغلقة، استعداداً لموعد 2026، الذي لن يكون مجرد محطة انتخابية، بل مفترق طرق حاسم في المسار السياسي المغربي لعقد كامل قادم.
بحلول سنة 2023 بدأت التحركات الفعلية تتخذ طابعاً أكثر وضوحاً، فاجتماعات داخلية، ومراجعات تنظيمية، وتغييرات على مستوى القيادات المحلية والجهوية كانت بمثابة إعادة ترتيب للصفوف قبل معركة 2026، في نفس السنة بدأت بعض المؤشرات تبرز داخل الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، حيث ظهرت بوادر خلافات في عدة مدن، خصوصاً في طنجة والدار البيضاء وفاس، بين منتخبي حزب الاستقلال وزملائهم في الأصالة والمعاصرة، بعض الخلافات كانت بسبب تدبير المجالس المنتخبة، وبعضها الآخر كان انعكاساً لصراعات محلية تاريخية بين المنتمين للحزبين، لكن ما كان يُقرأ بين السطور هو أن تماسك التحالف الثلاثي قد لا يصمد حتى نهاية الولاية، خاصة أن الانتخابات الجماعية لسنة 2021 كانت قد منحت أحزاب الأغلبية مواقع متقدمة محلياً وجهوياً، مما جعلها تدخل في منافسة صامتة حول النفوذ والزعامة الميدانية.
في بداية سنة 2024، بدأ حزب العدالة والتنمية، الذي قضى سنواته الثلاث الأولى في المعارضة بإعادة ترتيب بيته الداخلي، في الخروج العلني بمواقف سياسية أكثر حدة، وطالب بشكل رسمي وزارة الداخلية بفتح نقاش مبكر حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية لسنة 2026، واعتبر أن التحضير المبكر يضمن الشفافية والمنافسة النزيهة، في الوقت ذاته، لمّح الحزب إلى وجود مؤشرات على استخدام البرامج الاجتماعية التي تمولها الدولة لأغراض انتخابية، خاصة في ما يتعلق بالاستعداد لتنظيم كأس العالم 2030 الذي سيحتضنه المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال، حيث اعتبر أن تسويق مشاريع البنية التحتية ضمن سياقات حزبية هو نوع من التوظيف السياسي للأحداث الكبرى، كانت تلك بداية واضحة لعودة الحزب إلى خطابه الذي كان يعتمد عليه قبل سنة 2011، حيث يُزاوج بين الخطاب الاحتجاجي والدعوة إلى الإصلاح المؤسساتي.
أما حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة برئاسة عزيز أخنوش، فقد ظل خلال نفس الفترة يعتمد سياسة الإعلام الكثيف والظهور الميداني المكثف، مستثمراً بشكل كبير في مشاريع الدعم الاجتماعي الجديدة، مثل برنامج "مدخول الكرامة" الذي يستهدف منح 1000 درهم شهرياً للأشخاص الذين تجاوزوا سن الخامسة والستين، وأيضاً في مشاريع الصحة والتعليم، حيث جرى الإعلان عن رفع أجور الأساتذة الجدد إلى 7500 درهم شهرياً، وإنشاء أربعة مراكز استشفائية جامعية جديدة، كما سعت قيادة الحزب إلى خلق دينامية داخلية قوية، من خلال لقاءات جهوية مكثفة مع المنسقين المحليين، وتقييم مرحلي للأداء السياسي لكل تنظيمات الحزب، وكانت الرسالة غير المعلنة أن الحزب سيخوض حملة انتخابية مبكرة من خلال الأداء الحكومي وليس عبر الشعارات، لكنه في المقابل بدأ يواجه انتقادات حتى من حلفائه، حيث بدأ حزب الأصالة والمعاصرة يعبّر عن امتعاضه من "الهيمنة" التجمعية على الواجهة الإعلامية والمؤسساتية، وبدأ الحديث يدور داخل الكواليس حول إعادة ترتيب موازين القوة داخل الحكومة نفسها قبل حلول منتصف الولاية.
في منتصف سنة 2024، أعلن كل من حزب الحركة الشعبية والحزب المغربي الليبرالي والحزب الوطني الديمقراطي عن تحالف جديد تحت اسم "الائتلاف الشعبي"، وهي خطوة غير متوقعة أثارت الانتباه، إذ ضمّت أطيافاً متباعدة من الطيف السياسي المغربي، وكانت شعارات التحالف ترتكز على محاربة الفساد ودعم الفئات الهشة وتحقيق عدالة اجتماعية وشفافية في توزيع الثروة، لم يكن للتحالف تمثيلية وازنة في البرلمان، لكنه كان إشارة واضحة على أن هناك قوى تبحث عن التموقع في ظل التوازنات الجديدة التي بدأت تتشكل، وتم استخدام منصات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف للترويج لهذا المشروع الجديد، مع اعتماد خطاب يمزج بين النقد الحاد للمؤسسات القائمة والتقرب من الشباب والطبقة الوسطى.
في بداية سنة 2025، دخلت البلاد مرحلة ما يمكن تسميته "الحملة الانتخابية الصامتة"، إذ بدأ عدد من الأحزاب في تجديد هياكلها، وتفعيل تنظيماتها القاعدية، والاستعداد لعقد المؤتمرات الوطنية التي تسبق عادة إعلان اللوائح النهائية للمرشحين، كما بدأت اجتماعات موسعة بين وزارة الداخلية وممثلي الأحزاب من أجل التوصل إلى توافقات بخصوص القوانين المؤطرة للعملية الانتخابية، في إحدى هذه الاجتماعات دعا وزير الداخلية إلى "إخراج النموذج الانتخابي الجديد الذي يعكس التحولات الاجتماعية ويضمن التمثيلية المتوازنة"، وقد طُرحت على طاولة النقاش مجموعة من المقترحات من بينها مراجعة نمط الاقتراع، وإعادة النظر في العتبة الانتخابية، وتعزيز تمثيلية الشباب في اللوائح الوطنية، ومراقبة صارمة لتمويل الحملات.
لكن في خلفية هذه التحركات التنظيمية، كانت تدور حوارات خفية داخل القصر الملكي وبين قيادات الأحزاب الكبرى، لأن سنة 2026 لم تكن بالنسبة للنظام السياسي مجرد انتخابات عادية، بل كانت المحطة التي ستُفضي إلى تشكيل الحكومة التي ستدبر مرحلة تنظيم كأس العالم، وهي مرحلة تعتبر حساسة وتستلزم استقراراً سياسياً كبيراً وتماسكاً حكومياً غير قابل للتفكك، لذلك بدأ يُطرح سؤال جوهري حول من الحزب أو التحالف القادر على ضمان قيادة مستقرة لحكومة تمتد بين 2026 و2031، بعض الأصوات داخل الأوساط السياسية كانت ترى أن إعادة تجديد الثقة في حزب التجمع الوطني للأحرار قد يكون خياراً آمناً، خصوصاً إذا تواصل تنفيذ المشاريع الاجتماعية، بينما كانت أطراف أخرى ترى أن المشهد بحاجة إلى إعادة التوازن وإدخال عنصر جديد يعيد توزيع القوة بين الأحزاب.
وفي هذه الأثناء، برز دور الإعلام بشكل أكثر حساسية، حيث بدأت المنابر المختلفة تنشر تسريبات وتوقعات حول مرشحين بارزين، وحول الصراعات الداخلية التي بدأت تعصف بعدد من التنظيمات الحزبية، بعض القيادات التاريخية بدأت تلوّح بالانسحاب، وأخرى عادت فجأة إلى الساحة بعد سنوات من الغياب، وقد تسرب في بداية غشت 2025 أن حزب الاستقلال يُحضر لتعديل كبير على مستوى قيادته التنفيذية، وقد يشمل ذلك الأمين العام نفسه، كما بدأت الأصوات تتعالى داخل حزب الأصالة والمعاصرة حول ضرورة إعادة النظر في التحالفات المستقبلية، خاصة إذا تبين أن استمرار التحالف الحالي قد يضعف الحزب أكثر مما يقويه.
في مقابل هذه الدينامية، عاد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى الواجهة بخطاب أكثر وضوحاً، وبدأ يشتغل على برنامج انتخابي يرتكز على تقوية الطبقة المتوسطة ومحاربة الفوارق الاجتماعية، مع تعهد بإصلاح ضريبي يعيد التوازن بين الفئات، أما حزب التقدم والاشتراكية فكان يراهن على خطاب أخلاقي يربط بين الكرامة والديمقراطية، واعتبر أن المغرب بحاجة إلى إصلاح سياسي جديد يكرس استقلالية المؤسسات ويقلص من سلطة التعيين الفوقي، في حين ظلت أحزاب مثل فيدرالية اليسار تبحث عن صوت موحد يعيد إحياء الحلم الديمقراطي الذي فقده عدد كبير من المغاربة، وخاصة فئة الشباب التي بدأت تفقد الثقة في المؤسسات السياسية.
مع دخول صيف 2025، أصبحت الاستعدادات للانتخابات القادمة تأخذ طابعاً أكثر كثافة، فكل حزب بات يتصرف وكأن الحملة قد انطلقت بالفعل، رغم أن القانون لا يسمح بذلك بعد، حيث يتم استغلال الأنشطة الثقافية والرياضية والدينية لتكريس الحضور الميداني، فيما يتم التحضير للمؤتمرات الوطنية التي ستكون محطة مفصلية في انتقاء القيادات الجديدة والمرشحين المحتملين، وهكذا تجد البلاد نفسها وسط شبكة كثيفة من التحركات والخطابات والمشاورات، تشبه في تركيبها عش العنكبوت، لا يظهر للعيان سوى السطح الهادئ، لكن في الأعماق تدور صراعات مريرة ومعارك مؤجلة، وقرارات استراتيجية تُطبخ في الغرف المغلقة، استعداداً لموعد 2026، الذي لن يكون مجرد محطة انتخابية، بل مفترق طرق حاسم في المسار السياسي المغربي لعقد كامل قادم.