تفاصيل خطيرة عن التجاوزات الإدارية والمالية في جماعة الكفاف وغياب المحاسبة
في إقليم خريبكة، المنطقة المغربية المعروفة بثروتها الفوسفاطية، تقع جماعة الكفاف، وهي جماعة قروية صغيرة تضم حوالي 8500 نسمة وتمتد على مساحة 196 كيلومترًا مربعًا، محاطة بجماعات مثل أيت عمار، أولاد بوغادي، وبوجنيبة. هذه الجماعة، التي تبدو هادئة ظاهريًا، تحولت إلى بؤرة لاتهامات خطيرة بالفساد والتواطؤ، مع أصابع الاتهام موجهة بشكل مباشر إلى رئيس الجماعة، عبد الإله بنحدو، ونائبه الأول، تونسعدي حسن، الملقب بـ"إبليس" في منشور على موقع "الفرشة" بتاريخ 8 يناير 2023، وهو لقب ساخر يعكس غضب السكان وسخطهم من ممارساته المزعومة. هذه الاتهامات، التي أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط المحلية، تتركز حول التلاعب بالوثائق الرسمية، استغلال الممتلكات الجماعية، وسوء تسيير المشاريع التنموية، مع صمت رسمي من المسؤولين يُنظر إليه كجزء لا يتجزأ من المشكلة. إقليم خريبكة يعتمد بشكل رئيسي على صناعة الفوسفاط، التي تُشكل مصدر الدخل الأساسي للمنطقة، لكن هذه الثروة لم تُترجم دائمًا إلى تنمية شاملة في المناطق القروية مثل الكفاف، حيث تعاني الساكنة من نقص في البنية التحتية، ضعف الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، وارتفاع معدلات البطالة. هذا الواقع يخلق بيئة خصبة للفساد، حيث يمكن للمسؤولين استغلال الموارد المحدودة لتحقيق مكاسب شخصية، بينما يشعر السكان بالإحباط والتهميش. في هذا السياق، برزت اتهامات محددة ضد عبد الإله بنحدو وتونسعدي حسن، اللذين ورد اسماهما في منشور "الفرشة" كشخصيتين مركزيتين في فضيحة بيع دكان جماعي (الدكان رقم 06) مقابل 30,000 درهم بشكل غير قانوني. حسب المنشور، تم تزوير وثائق التنازل عن هذا الدكان، وتم تسجيل العقد باسم تعاونية يترأسها بلكاسم كزان، لكن الاتهامات تُشير إلى أن تونسعدي حسن، نائب الرئيس الأول، هو المستفيد الفعلي من هذه العملية، بينما حاول عبد الإله بنحدو، الرئيس السابق للجماعة، التستر على الأمر من خلال إصدار جواب يكذب فيه على السلطات الإقليمية، مدعيًا أن رئيس التعاونية هو كزان وليس تونسعدي حسن. هذه الحادثة تُظهر بوضوح نمطًا من التواطؤ بين الرئيس ونائبه، حيث يُزعم أنهما عملا معًا لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الممتلكات الجماعية. لقب "إبليس" الذي أُطلق على تونسعدي حسن في المنشور يعكس مدى السخط الشعبي، حيث يُنظر إليه كشخصية رئيسية في هذه الممارسات المشبوهة، سواء من خلال استغلال الدكاكين الجماعية أو التلاعب بالوثائق. المنشور تضمن صورًا لكل من بنحدو وتونسعدي، مما يعزز التركيز على تورطهما المزعوم، مع استخدام هذا اللقب الساخر للتعبير عن استياء السكان. إضافة إلى ذلك، ذكر المنشور اتهامات أخرى تتعلق بـ"قرصنة المرفق العام"، تشمل سرقة ختم رسمي وتزوير توقيعات لإصدار شهادات مزورة، وهي ممارسات تُشير إلى خلل عميق في الحكامة المحلية. هذه الاتهامات، التي وُجهت إلى "رهط من المنتخبين"، تُظهر أن المشكلة قد تمتد إلى ما هو أبعد من بنحدو وتونسعدي، لتشمل أعضاء آخرين في المجلس الجماعي أو موظفين إداريين، لكن الأسماء الأخرى لم تُحدد بشكل واضح في المصدر. الصمت الرسمي، الذي يُشار إليه في هذه القضايا، يتعلق بعدم اتخاذ بنحدو وتونسعدي حسن إجراءات علنية لمعالجة الشكاوى، مما يعزز انطباع السكان بأن هناك تغاضيًا عن الفساد. على سبيل المثال، في قضية الدكان، لم يصدر أي رد رسمي من الجماعة لدحض الاتهامات أو توضيح الحقائق، مما يترك المجال مفتوحًا للشكوك حول تورط الرئيس ونائبه. هذا الصمت قد يكون نتيجة ضعف الرقابة الإدارية في الجماعات القروية، حيث تكون الموارد البشرية واللوجستية محدودة، أو ربما بسبب تحالفات سياسية تحمي المتورطين من المحاسبة. في سياق آخر، ظهر اسم عبد المجيد بوزاد، مدير المصالح ومهندس بالجماعة، في تقرير نشرته منصة "ديسبريس" عام 2022، حيث تحدث نيابة عن رئيس الجماعة خلال زيارة إعلامية، مشيرًا إلى مشاريع تنموية مثل شراكات مع وكالات دولية لدعم الجمعيات والتعاونيات المحلية. لكن السكان شككوا في فعالية هذه المشاريع، معتبرين أنها قد تكون مجرد واجهة لتغطية ممارسات مشبوهة، خاصة في ظل غياب تحسينات ملموسة في البنية التحتية أو الخدمات الأساسية. على الرغم من أن بوزاد لم يُتهم مباشرة بالفساد في المصادر، فإن دوره كمتحدث نيابة عن بنحدو يجعله جزءًا من النقاش حول الصمت الرسمي، حيث يُنظر إلى تصريحاته كمحاولة لتلميع صورة الجماعة دون معالجة الاتهامات الأساسية. لفهم هذه القضايا بشكل أعمق، يجب أن ننظر إلى السياق الأوسع لإقليم خريبكة، حيث تتكرر الاتهامات بالفساد في جماعات أخرى. على سبيل المثال، في مدينة خريبكة، واجه النائب السادس لرئيس الجماعة، الذي ذُكر باسم "الحاج م." في تقرير "مدار21" عام 2022، اتهامات بالتحايل لإخفاء تضارب المصالح عبر استغلال محل تجاري تابع للجماعة وتنازله عنه لابنه. هذه الحادثة تُظهر نمطًا عامًا من استغلال السلطة في الإقليم، مما يعزز الشكوك حول وجود تواطؤ على مستويات مختلفة. في الكفاف، يبدو أن هذا النمط يتكرر، حيث تشير تقارير "الفرشة" إلى أن الفساد "يستشري" أمام صمت السلطات المحلية، مع أسماء مثل بنحدو وتونسعدي حسن في صدارة الاتهامات. لقب "إبليس" الذي أُطلق على تونسعدي يعكس مدى الغضب الشعبي، حيث يُنظر إليه كرمز للفساد المحلي، سواء من خلال دوره في قضية الدكان أو في ممارسات أخرى تتعلق بإهدار الموارد الجماعية. السياق السياسي يلعب دورًا كبيرًا في تعقيد المشهد. في إقليم خريبكة، تكون المجالس الجماعية ساحة للتنافس بين الأحزاب السياسية، حيث يسعى كل حزب إلى تعزيز نفوذه من خلال السيطرة على الموارد. في جماعة الكفاف، تشير تقارير إلى وجود "تطاحنات" داخل المجلس، حيث يتم التركيز على الصراعات الشخصية بدلاً من خدمة النفع العام. هذه الصراعات قد تجعل من الصعب محاسبة المتورطين، حيث يتم استخدام الاتهامات بالفساد كأداة لتصفية الحسابات السياسية بدلاً من السعي إلى العدالة. على سبيل المثال، تقرير "هبة بريس" عام 2022 وصف نقاشات المجلس الجماعي لخريبكة بأنها تركز على "لي الذراع" بدلاً من تقديم حلول، وهو نمط قد ينطبق على الكفاف أيضًا. الصمت الرسمي قد يكون أيضًا نتيجة ضعف التواصل بين الجماعة والسكان. في المناطق القروية، غالبًا ما تكون قنوات الشفافية محدودة، مما يجعل من الصعب على السكان متابعة ما يحدث داخل المجلس. في الكفاف، يشعر السكان بالإحباط من عدم رؤية تحسينات ملموسة في الخدمات، مما يعزز شكوكهم حول تورط بنحدو وتونسعدي حسن في إهدار الموارد. لقب "إبليس" الذي أُطلق على تونسعدي يُظهر مدى الغضب الشعبي، حيث يُنظر إليه كشخصية مركزية في الفساد المحلي. دور الجهات الرقابية، مثل عامل إقليم خريبكة، يبقى محوريًا. في بعض الحالات، مثل إقالة رئيس جماعة بوجنيبة عام 2024 بسبب انقطاعه عن مهامه، تُظهر السلطات استعدادًا للتدخل. لكن في الكفاف، لا توجد أدلة واضحة في المصادر على تدخل مماثل، مما يعزز انطباع الصمت الرسمي. هذا الصمت قد يكون نتيجة نقص الأدلة القانونية أو رغبة في تجنب التصعيد السياسي في منطقة تعاني من توترات اجتماعية. في النهاية، قضية جماعة الكفاف تُسلط الضوء على تحديات عميقة في الحكامة المحلية بالمغرب. الأسماء المتورطة، مثل عبد الإله بنحدو كرئيس سابق، وتونسعدي حسن كنائب أول ملقب بـ"إبليس"، وبلكاسم كزان كرئيس تعاونية، تُمثل جزءًا من الصورة، لكن القضية أكبر من أفراد بعينهم. إنها تعكس نظامًا يسمح باستمرار الممارسات المشبوهة دون محاسبة فعالة. الحل يكمن في تعزيز الرقابة، تحسين الشفافية، وإشراك السكان بشكل أكبر في مراقبة أداء المسؤولين. إلى أن يتحقق ذلك، ستظل جماعة الكفاف رمزًا للصراع بين طموحات التنمية وتحديات الفساد، مع أسماء مثل بنحدو وتونسعدي في قلب الجدل.