فضيحة سياسية تهز حزب الأحرار: اتهامات الفايق بفساد انتخابي تكشف المستور

رشيد الفايق يفجر قنبلة انتخابية من السجن

 النائب البرلماني السابق عن حزب التجمع الوطني للأحرار ورئيس جماعة أولاد الطيب سابقًا بإقليم فاس، أصبح اسمًا بارزًا في المشهد السياسي المغربي، ليس فقط بسبب دوره السياسي السابق، بل بسبب الجدل الذي أثاره من خلال شكاية قدمها إلى النيابة العامة، تتعلق باتهامات خطيرة تتعلق بفساد انتخابي خلال الانتخابات التشريعية لعام 2021. هذه الشكاية، التي وُصفت في العديد من المصادر الإعلامية بأنها "قنبلة سياسية"، أثارت ضجة واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية، خاصة أنها تأتي من شخص يواجه بالفعل تهمًا جنائية ويقبع في السجن. لفهم هذا الموضوع بشكل كامل، يجب أن نستعرض السياق الذي أدى إلى هذه الشكاية، وتفاصيل الاتهامات، والأطراف المعنية، وردود الفعل، وكذلك التداعيات المحتملة لهذه القضية.رشيد الفايق ليس شخصية جديدة على الساحة السياسية المغربية. فقد كان نائبًا برلمانيًا عن حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو حزب بارز يقوده رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وكان يترأس جماعة أولاد الطيب، وهي جماعة قروية تقع في ضواحي مدينة فاس. خلال مسيرته، ارتبط اسمه بالعديد من القضايا والجدالات، بما في ذلك اتهامات بالفساد المالي واستغلال النفوذ، مما أدى إلى اعتقاله في عام 2022. في يونيو 2023، أصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بفاس حكمًا بسجنه لمدة 8 سنوات في قضية تُعرف إعلاميًا بـ"مافيا العقار"، والتي تضمنت تهمًا مثل الارتشاء، تبديد الأموال العامة، استغلال النفوذ، والتزوير في محررات رسمية. هذه القضية شملت أيضًا أشخاصًا آخرين، من بينهم شقيقه جواد الفايق، الذي كان رئيس مجلس عمالة فاس، وحُكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات. هذا السياق القضائي يُعتبر أساسيًا لفهم دوافع الفايق وراء تقديم شكايته، حيث يرى البعض أنها قد تكون محاولة منه للفت الانتباه إلى قضايا أوسع أو لتخفيف الضغط عنه.الشكاية التي تقدم بها رشيد الفايق إلى رئاسة النيابة العامة، والتي كُشف عنها في يوليو 2025، تتضمن اتهامات خطيرة تتعلق باستخدام المال للتأثير على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في 8 شتنبر 2021. وفقًا لما ورد في تقارير إعلامية متعددة، ادعى الفايق أنه، بالاشتراك مع قيادي في حزب سياسي معروف، دفع مبلغًا يصل إلى 8 ملايين درهم (800 مليون سنتيم) إلى مسؤول بارز في ولاية فاس. هذا المبلغ، حسب الشكاية، كان مخصصًا لضمان فوز ثلاثة مرشحين في الانتخابات البرلمانية، وتم تقسيمه كالتالي: 4 ملايين درهم للمرشح الذي سيحتل المرتبة الأولى، و2 مليون درهم لكل من المرشحين في المرتبتين الثانية والثالثة. الفايق أشار إلى أن هذه المبالغ تم تسليمها عبر وسيط موثوق لدى جميع الأطراف، وطالب بإجراء خبرة تقنية على الهواتف والتسجيلات لإثبات صحة المحادثات التي تدعم ادعاءاته. كما قدم تفاصيل دقيقة عن مكان وتوقيت لقاء مع المسؤول المذكور في سوق تجاري بفاس.ما يجعل هذه الشكاية مثيرة للجدل هو أن البرلمانيين الثلاثة المعنيين بالاتهامات ينتمون إلى نفس الحزب الذي ينتمي إليه الفايق، أي حزب التجمع الوطني للأحرار. هذا الأمر وضع الحزب في موقف محرج، حيث كان من المتوقع أن يصدر بيانًا أو توضيحًا رسميًا حول هذه القضية، لكنه اختار الصمت حتى الآن، وهو ما وُصف في بعض المصادر بأنه "صمت مطبق". هذا الصمت أثار تساؤلات حول مدى تورط قيادات الحزب أو مسؤولين آخرين في هذه القضية، خاصة أن الفايق لم يذكر أسماء البرلمانيين الثلاثة بشكل صريح في الشكاية، مما يترك المجال مفتوحًا للتكهنات حول هوياتهم.من جانب آخر، دخلت فعاليات حقوقية على خط هذه القضية، وأبرزها الجمعية المغربية لحماية المال العام، التي يترأسها المحامي محمد الغلوسي. الغلوسي، في تصريحات إعلامية ومنشورات على منصة X، دعا إلى أخذ الشكاية بجدية وفتح تحقيق قضائي عاجل للتحقق من صحة الادعاءات. وأشار إلى أن الوقائع التي تحدث عنها الفايق، إذا ثبتت، تشكل جرائم انتخابية خطيرة تمس بنزاهة العملية الديمقراطية وتثير الشكوك حول سلامة انتخابات 2021. كما اعتبر أن الشكاية تعكس شعور الفايق بالغبن، حيث يرى نفسه مستهدفًا بينما يدرك أن الفساد في المدينة يشمل شبكة واسعة من الأطراف. الغلوسي طالب النيابة العامة بتكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإجراء تحريات شاملة، تشمل الاستماع إلى جميع الأطراف المذكورة في الشكاية، وإجراء خبرات تقنية على الأجهزة الإلكترونية، والاستعانة بالآثار الرقمية لتأكيد أو نفي الادعاءات.ردود الفعل على هذه الشكاية لم تقتصر على الجمعيات الحقوقية. فقد أثارت القضية اهتمام الرأي العام المحلي والوطني، خاصة في ظل حساسية الموضوع المتعلق بالفساد الانتخابي. العديد من التقارير الإعلامية وصفت الشكاية بأنها قد تتحول إلى "كرة ثلج سياسية"، نظرًا لما تحمله من اتهامات بتواطؤ بين المال والسياسة والإدارة، وهي قضية لطالما أثارت جدلاً في المغرب. بعض المحللين يرون أن الفايق، من خلال هذه الشكاية، يحاول لفت الانتباه إلى وجود شبكة فساد أوسع، ربما بهدف التخفيف من العقوبة المفروضة عليه أو لتصفية حسابات سياسية. في المقابل، هناك من يرى أن اتهاماته قد تكون محاولة يائسة من شخص معتقل لإثارة الجدل وتحويل الأنظار عن قضاياه الخاصة.للتوضيح، يجب أن ننظر إلى السياق الأوسع لقضية الفايق. قبل تقديم هذه الشكاية، كان الفايق قد واجه اتهامات متعددة، ليس فقط في قضية "مافيا العقار"، بل أيضًا في قضايا أخرى تتعلق بالابتزاز والتشهير. في عام 2021، على سبيل المثال، تعرض الفايق لحملة تشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اتهمته فتاة باغتصابها، وهي اتهامات تراجعت عنها لاحقًا، مما أثار تساؤلات حول دوافعها. كما واجه الفايق اتهامات بالابتزاز بمبالغ مالية مقابل عدم نشر أشرطة جنسية مزعومة، وهي قضية أدت إلى اعتقال أشخاص متورطين. هذه الحوادث تُظهر أن الفايق كان شخصية مثيرة للجدل حتى قبل اعتقاله، وهو ما قد يؤثر على مصداقية شكايته في نظر البعض.من الناحية القانونية، فإن شكاية الفايق تتطلب تحقيقًا دقيقًا لتأكيد صحة الادعاءات. النيابة العامة، التي تلقت الشكاية، لم تصدر بعد أي قرار رسمي بشأن فتح تحقيق، ولكن الضغط الحقوقي والإعلامي قد يدفعها إلى اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه. إذا تم فتح تحقيق، فإن الأمر قد يشمل استدعاء المسؤول البارز في ولاية فاس، والقيادي الحزبي المذكور، وربما البرلمانيين الثلاثة الذين استفادوا من المبالغ المزعومة. كما أن الخبرة التقنية التي طالب بها الفايق على الهواتف والتسجيلات قد تلعب دورًا حاسمًا في إثبات أو نفي الاتهامات.من الجدير بالذكر أن هذه القضية تأتي في سياق سياسي حساس، حيث يواجه حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة الحالية، انتقادات متكررة حول قضايا الفساد والشفافية. اتهامات الفايق، إذا ثبتت، قد تلحق ضررًا كبيرًا بسمعة الحزب، خاصة أنها تتعلق بانتخابات 2021 التي شهدت فوز الحزب بأغلبية المقاعد البرلمانية. من ناحية أخرى، فإن الصمت المستمر من قبل قيادة الحزب قد يُفسر على أنه محاولة لاحتواء الأزمة أو انتظار نتائج التحقيقات القضائية.في الختام، شكاية رشيد الفايق تمثل قضية معقدة تجمع بين السياسة والفساد والقضاء. الاتهامات التي أطلقها من داخل زنزانته تُعد بمثابة صرخة للفت الانتباه إلى ممارسات قد تكون متجذرة في النظام السياسي المحلي، ولكنها في الوقت ذاته تثير تساؤلات حول دوافعه ومصداقيته. التحقيقات المحتملة في هذه القضية قد تكشف عن حقائق صادمة، أو قد تنتهي دون نتائج ملموسة إذا لم تُدعم بأدلة كافية. ما هو مؤكد أن هذه القضية ستبقى محط اهتمام الرأي العام والإعلام لفترة طويلة، خاصة إذا تحولت إلى فضيحة سياسية كبرى.

تعليقات