"حين حلم اليسار بإسقاط الملكية: قصة الحركات الماركسية السرية في المغرب"

 "الحركات الماركسية السرية: «إلى الأمام» و«23 مارس» (1965–1975)"

إبراهيم السرفاتي

 الحركة الماركسية السرية في المغرب: "إلى الأمام" و"حركة 23 مارس" (1965–1975)
سأقدّم لك نسخة للنشر، متسلسلة زمنيًا، بالعناوين المفصلة، دون تقطيع. نبدأ:
الحركة الماركسية السرية في المغرب
"إلى الأمام" و"حركة 23 مارس"
من انتفاضة 1965 إلى محاكمات 1977
1. الشرارة الأولى: انتفاضة 23 مارس 1965
في 23 مارس 1965، اندلعت احتجاجات طلابية في مدينة الدار البيضاء ضد قرار تعليمي مجحف، لكنها سرعان ما تحولت إلى انتفاضة اجتماعية شاملة، طالبت بالتغيير السياسي والعدالة الاجتماعية.
الرد الأمني كان قاسيًا: إطلاق نار من مروحيات، قتل جماعي، واعتقالات واسعة. الجنرال أوفقير أشرف على القمع الدموي، وأعلن الملك الحسن الثاني بعدها حالة الاستثناء.
كانت هذه الأحداث الشرارة التي دفعت عددًا من الشباب اليساري والمثقفين إلى القناعة بأن الإصلاح داخل النظام غير ممكن، وأن التغيير الجذري يتطلب عملًا سريًا ثوريًا.
عبد اللطيف اللعبي
2. من الفكر إلى التنظيم: ميلاد اليسار الجديد
خلال أواخر الستينات، تشكّلت نواة فكرية جديدة وسط الجامعات والمجلات، خصوصًا حول مجلة "سوڤل–أنفاس" (Souffles–Anfas)، التي انتقلت من الأدب الطليعي إلى الخطاب السياسي الثوري.
أبرز الأسماء:
عبد اللطيف اللعبي
إبراهيم السرفاتي
عبد اللطيف زروال
زهور بنشمسي
سيون أسيدون
مصطفى مسداد
محمد بنسعيد آيت إيدر
هؤلاء المفكرون والطلبة رأوا في الماركسية اللينينية بديلاً لتحلل الأحزاب الوطنية، وبدأوا يُبلورون ما سيُعرف لاحقًا بـ:
حركة "إلى الأمام" (Ilal Amam)
"حركة 23 مارس" (Harakat 23 Mars)
 3. التأسيس الرسمي: 1970–1972
🔻 "إلى الأمام":
تأسست سنة 1970 في الدار البيضاء.
تبنّت شعار: "لنفتح المسار الثوري الجماهيري".
دعت إلى إسقاط النظام الملكي، وبناء دولة اشتراكية تعتمد على العمال والفلاحين.
🔻 "23 مارس":
تأسست سنة 1971، اختارت العمل السري والتنظيم الخلوي داخل الجامعات والنقابات.
كانت أكثر انفتاحًا على التفاعل مع القضايا الديمقراطية، مقارنة بـ "إلى الأمام" التي كانت أكثر راديكالية.
المنظمتان رفضتا الديمقراطية التمثيلية التقليدية، واعتبرتا أن التغيير لا يمكن أن يتم عبر صناديق الاقتراع، بل عبر الثورة الشعبية المسلحة.
 4. القمع والمنفى: 1972–1977
ابتداءً من 1972، بدأت الدولة حملة موسعة على المنظمات السرية:
شُنَّت مداهمات ليلية واعتقالات في الجامعات والمنازل.
نُقل المعتقلون إلى معتقلات سرية مثل درب مولاي الشريف وبيكوان، حيث تعرّضوا للتعذيب الوحشي.
أُغلقَت مجلة "أنفاس" نهائيًا، وصودرت كل نسخها.
حُكم على قيادات بارزة بالسجن لمدد طويلة، أبرزهم:
عبد اللطيف اللعبي (حكم بـ 10 سنوات)
إبراهيم السرفاتي
سيون أسيدون
زهور بنشمسي
البعض فُقِد أو مات تحت التعذيب، والبعض الآخر نُفي أو أُجبر على العمل السري الكامل في أوروبا والجزائر.
5. المحاكمات والصمت الثقيل
في منتصف السبعينات، بدأت الدولة محاكمات صورية ضد من تبقى من كوادر هذه الحركات، وأغلقت الحياة السياسية بشكل شبه كامل.
الإعلام الرسمي شيطن المنظمات الماركسية.
انتشرت تقارير أمنية مفبركة عن "خيانة وطنية" و"عمالة للخارج".
ساد الصمت، وبدأت مرحلة "سنوات الرصاص".
 6. المصير والتأثير
رغم القمع، تركت "إلى الأمام" و"حركة 23 مارس" أثرًا عميقًا:
نشأ عنها جيل جديد من المفكرين والسياسيين الذين ساهموا في التجربة الديمقراطية لاحقًا، مثل بنسعيد آيت إيدر وسيون أسيدون.
ألهمت حركات مثل: اليسار الموحد، النهج الديمقراطي، وأطياف من 20 فبراير.
المجلات كـ "أنفاس" أصبحت مرجعًا أدبيًا وفكريًا عالميًا.
 خاتمة
في ظرف 10 سنوات (1965–1975)، دخلت المغرب واحدة من أعقد المراحل السياسية:
مرحلة اليسار الجذري السري الذي حاول قلب الموازين بالقلم والفكر والتنظيم، لكنه اصطدم بجهاز أمني لا يرحم.
ورغم هزيمته الأمنية، فقد انتصر على المدى الطويل:
في الجامعات، في الفكر، وفي الذاكرة الشعبية.

تعليقات