الموظفون الأشباح في المغرب: فساد إداري يلتهم المال العام

 موظفون يتقاضون الأجور دون عمل في المغرب

تمهيد وبيانات وطنية
تشير المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد إلى وجود حوالي 100 ألف موظف شبح في الإدارات العمومية المغربية، وتتسبّب هذه الظاهرة في هدر يقدّر بأكثر من 10 مليارات درهم سنويًا — أي حوالي مليار دولار 
من جانب آخر، أكدت تصريحات الوزيرة غيثة مزور (يوليوز 2023) أن الإجراءات القانونية تم تفعيلها في حق 774 موظفًا شبحًا في العام 2018، بينما تقلّص العدد إلى 344 موظفًا فقط في 2021، وهو ما لا يتجاوز 0.06% من مجمل موظفي القطاع العمومي، مما يكشف قصورًا في المحاسبة الفعلية 
يُبرز رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان عبد الإله الخضري أن الحملات الحكومية لا تزال غير فعّالة بشكل كامل، وقد خفّضت الظاهرة فقط بنسبة 35% تقريبًا، إذ تُحال معظم الحالات إلى التقاعد بدلاً من المحاسبة القانونية 
 جهة الرباط–سلا–القنيطرة (عاصمة المغرب)
تقول رئيسة جماعة الرباط أسماء أغلالو إن من أصل 3400 موظّف، يعمل حوالى 1000 فقط بانتظام، بينما 2400 يتقاضون أجورهم دون حضور فعلي, وهو ما أثار موجة مطالبات بتحقيق رسمي 
الجهات المحلية: أكادير، اشتوكة أيت باها، تطوان، فاس...
أ) إقليم اشتوكة أيت باها (جماعات متعددة)
في جماعة أيت ميلك بالإقليم، تم رصد موظفين يتقاضون رواتب دون الحضور، بينهم حالات مرتبطة بمنتخبين كبار، مع غياب تام لمراقبة البوانتاج رغم وعود التغيير 
في المديرية الإقليمية للتعليم بأكادير إداوتنان، لوحظ أن نقابيين وأطر مديريّة يمنعون توقيع الاستفسارات أو الخصم عن المرتبات، ما يحمي تغيب بعض المدرّسين رغم ثبوت غيابهم 
حتى في قطاع الصحة بإقليم اشتوكة أيت باها، هناك تقارير عن موظفين تجلس في المقاهي طوال النهار بدلاً من العمل داخل الإدارات، وبعضهم محميّ بالنقابات 
ب) جماعة تطوان
بالمجلس الحضري لتطوان، ظهرت فضيحة حول موظفة شبح (م.ش) – أخت نائبة الرئيس – تستفيد من حوالي 80 000 درهم سنويًا دون أداء مهام فعلية، ما دفع النقابات للاحتجاج والمطالبة بإزالتها 
ج) جهة فاس
كشف تقرير المجلس الجهوي للحسابات بفاس (2014) عن متابعة مالية وإدارية في عدد من الجماعات القروية، مع إنذار غرامات وإعادة مبلغ إجمالي قدره 223 104 درهم ضمن 55 حسابًا موضوع تحقيق! بينما عدد قضايا الانضباط وصل إلى 6، ضمن 55 ملفًا مفتوحًا و408 حسابًا مدققًا 
أسباب الظاهرة
الزبونية والمحسوبية الانتخابية: تمثّل الوظائف الأشباح وسيلة لردّ الجميل للمنتفعين السياسيين .
ضعف آليات الرقابة: مثل غياب البوانتاج الفعلي، وتأخير استعراض الملفات الطبية، والتواطؤ النقابي 
ثغرات قانونية: خصوصًا في إدارة العمال المؤقتين والعرضيين .
 جهود الدولة
أطلقت وزارة الداخلية (مارس 2025) لجنة لمراجعة وضعيات العمال العرضيين في الجماعات، وحددت ثلاث جهات رئيسية: الدار البيضاء–سطات، بني ملال–خنيفرة، ومراكش–آسفي. في برشيد فقط تم تسجيل أكثر من 220 عامل عرضي يتقاضون أجورًا دون عمل فعلي 
وزارة الانتقال الرقمي وأخرى تدير العلاج الإداري لجأت إلى الأدوات الإلكترونية (الحضور بالبصمة أو الكرت) لمعالجة الغيابات المزمنة 
 تقديرات مالية
10 مليار درهم سنويًا هدرًا حسب منظمة حقوقية .
في الرباط وحدها حُددت 2400 حالة شبح من أصل 3400 موظف 
وفق تصريحات عام 2018، أحيل نحو 774 ملفًا إلى القضاء، بينما انخفض العدد إلى 344 في 2021 
 خاتمة
إن "الموظفين الأشباح" قضية بنيوية خطيرة في المغرب، تستنزف أموال الدولة وتعيق نجاعة الإدارة وتعيق الثقة في المؤسسات. حلولها تقتضي:
إرادة سياسية قوية لإصلاح المنظومة الإدارية،
تسطير آليات الشفافية والمساءلة الحقيقية،
توفير رقابة فعّالة وآليات تقنية للتحكم في الحضور.
المرحلة المقبلة تعتمد على الإنجاز الفعلي للإجراءات الحكومية، فضلاً عن ضغط حقوقي مدني مستمر لمحاسبة المسؤولين، أولئك الذين ثبت تورطهم سواء بإلغاء ملفاتهم أو فتح تحقيقات قضائية. 

تعليقات