يحيى السنوار: رمز المقاومة الفلسطينية

  من الأسر إلى القيادة: مسيرة يحيى السنوار

القصة الكاملة ليحيى السنوار
يحيى إبراهيم حسن السنوار (29 أكتوبر 1962 - 16 أكتوبر 2024) كان قائدًا بارزًا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأحد أبرز الشخصيات الفلسطينية المؤثرة في العقود الأخيرة. شغل منصب رئيس المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة من فبراير 2017 حتى أغسطس 2024، ثم أصبح رئيس المكتب السياسي العام للحركة خلفًا لإسماعيل هنية بعد اغتياله. عُرف السنوار بقيادته الحازمة، دوره في تأسيس جهاز "مجد" الأمني لحماس، ومساهماته في المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. إليك القصة الكاملة ليحيى السنوار بناءً على المعلومات المتاحة:النشأة والطفولةوُلد يحيى السنوار في 29 أكتوبر 1962 في مخيم خان يونس للاجئين بقطاع غزة، لعائلة فلسطينية هُجّرت من مدينة عسقلان (مجدل عسقلان) خلال نكبة 1948. نشأ في ظروف صعبة في المخيم، حيث عاش واقع اللجوء والفقر الذي شكّل وعيه السياسي والوطني منذ صغره. تلقى تعليمه الأساسي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وأظهر تفوقًا دراسيًا، مما أهله للالتحاق بجامعة الإسلامية في غزة، حيث حصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية.خلال سنوات دراسته الجامعية، بدأ السنوار نشاطه السياسي ضمن الكتلة الإسلامية، الذراع الطلابية لحركة الإخوان المسلمين، التي كانت نواة تأسيس حماس لاحقًا. تميز بحضوره القوي وخطاباته المؤثرة التي جذبت العديد من الشباب إلى العمل الوطني والإسلامي.الانضمام إلى حماس وبداية المقاومةفي عام 1987، تأسست حركة حماس رسميًا، وكان السنوار من الأوائل الذين انضموا إليها. شارك في الانتفاضة الأولى (1987-1993) ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث برز كشخصية ميدانية نشطة. خلال هذه الفترة، ساهم في تأسيس جهاز "مجد"، وهو الجهاز الأمني الداخلي لحماس، الذي كان يهدف إلى حماية الحركة من الاختراقات والمتعاونين مع الاحتلال. أُطلق عليه لقب "الرجل ذو الوجهين" بسبب قدرته على الجمع بين العمل السياسي والعسكري بكفاءة.الاعتقال والسجناعتُقل السنوار لأول مرة عام 1982 بسبب نشاطه السياسي، لكنه أُطلق سراحه بعد فترة قصيرة. لاحقًا، في عام 1988، اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي مرة أخرى بتهمة الضلوع في عمليات مقاومة، وحُكم عليه بالسجن لمدة أربع مؤبدات بزعم مسؤوليته عن مقufeي عدد من المتعاونين مع الاحتلال. قضى السنوار أكثر من 22 عامًا في السجون الإسرائيلية (1988-2011)، وهي الفترة التي شكّلت شخصيته القيادية بشكل كبير.في السجن، أظهر السنوار صلابة وانضباطًا، حيث قاد العديد من الإضرابات عن الطعام للمطالبة بحقوق الأسرى. كما استغل فترة سجنه لتعلم اللغة العبرية بطلاقة، وقراءة العديد من الكتب عن التاريخ الصهيوني والسياسة الإسرائيلية، مما ساعده على فهم خصمه بشكل أعمق. خلال هذه الفترة، كتب رواية بعنوان "الأشواك والقرنفل"، عكست فيها تجربته الشخصية ونضال الشعب الفلسطيني.صفقة وفاء الأحرارفي أكتوبر 2011، أُطلق سراح السنوار ضمن صفقة تبادل الأسرى "وفاء الأحرار"، التي توسطت فيها مصر بين حماس وإسرائيل. أُفرج عنه مع أكثر من 1000 أسير فلسطيني مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي كان محتجزًا لدى كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس. عودة السنوار إلى غزة كانت نقطة تحول في مسيرته، حيث سرعان ما أصبح أحد القادة الميدانيين المؤثرين في الحركة.الصعود إلى القيادةبعد إطلاق سراحه، أصبح السنوار عضوًا في المكتب السياسي لحماس، وعُيّن لاحقًا رئيسًا للمكتب السياسي في قطاع غزة عام 2017، خلفًا لإسماعيل هنية. خلال هذه الفترة، لعب دورًا بارزًا في تنسيق العمل بين الجناحين السياسي والعسكري للحركة، وعمل على تعزيز العلاقات مع دول مثل مصر وقطر لتحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية في غزة.عُرف السنوار بمواقفه المتشددة تجاه الاحتلال الإسرائيلي، وكان يُعتبر العقل المدبر وراء العديد من العمليات العسكرية، بما في ذلك هجوم 7 أكتوبر 2023، المعروف باسم "طوفان الأقصى". هذا الهجوم، الذي نفذته كتائب القسام، أدى إلى مقتل حوالي 1200 إسرائيلي وأسر أكثر من 250 آخرين، مما تسبب في تصعيد عسكري إسرائيلي غير مسبوق على قطاع غزة.دوره في طوفان الأقصىيُعتقد أن السنوار كان المهندس الرئيسي لعملية "طوفان الأقصى"، التي هدفت إلى كسر الحصار المفروض على غزة وإعادة إحياء القضية الفلسطينية على الساحة الدولية. خلال الحرب التي تلت العملية، اختفى السنوار عن الأنظار، مما جعله هدفًا رئيسيًا للجيش الإسرائيلي. عاش في شبكة الأنفاق التي طورتها حماس تحت غزة، وقاد المقاومة من هناك، مما جعله رمزًا للصمود بين أنصار الحركة.الاغتيالفي 16 أكتوبر 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل يحيى السنوار في عملية عسكرية في جنوب قطاع غزة. وفقًا للرواية الإسرائيلية، قُتل السنوار خلال مواجهة مسلحة في منطقة تل السلطان برفح، بعد أن رصدته قوات الجيش. أُكدت هويته لاحقًا من خلال فحص الحمض النووي. ومع ذلك، أثارت ظروف مقتله جدلًا، حيث وصفت بعض المصادر الفلسطينية العملية بأنها "اغتيال متعمد"، بينما رأى آخرون أنها جاءت في سياق المعارك الدائرة.الإرث والتأثيريحيى السنوار يُعتبر رمزًا للمقاومة الفلسطينية في أوساط مؤيدي حماس. أسلوبه القيادي، الذي جمع بين الصلابة العسكرية والدهاء السياسي، جعله شخصية مركزية في صراع الفلسطينيين ضد الاحتلال. من ناحية أخرى، وصفته إسرائيل والعديد من الدول الغربية بأنه "إرهابي" بسبب دوره في عمليات المقاومة.ترك السنوار إرثًا معقدًا، حيث يُنظر إليه كبطل قومي لدى الفلسطينيين الذين يدعمون المقاومة المسلحة، بينما يُعتبر شخصية مثيرة للجدل في الأوساط الدولية. كتاباته، مثل روايته "الأشواك والقرنفل"، وخطاباته، تعكس رؤيته للنضال الفلسطيني كمعركة وجودية.الحياة الشخصيةكان السنوار متزوجًا ولديه عدد من الأبناء، لكنه عاش حياة متواضعة بعيدًا عن الأضواء، مركزًا على العمل السياسي والعسكري. عُرف بتقشفه وانضباطه الشخصي، وكان يُفضل العيش بين أنصاره في غزة بدلاً من مغادرة القطاع كما فعل بعض قادة حماس الآخرين.

تعليقات