من الطلاسم إلى التحقيقات: رحلة أحمد مسعود بين الشعوذة والأسرار المظلمة
أحمد مسعود، اسم ارتبط مؤخراً في ليبيا بظاهرة غريبة أثارت موجة من الجدل والذعر في الأوساط الشعبية. لم يكن مجرد رجل يمارس السحر داخل غرفة مغلقة بل كان أحد أكثر الأشخاص الذين تكررت أسماؤهم في التحقيقات الأمنية المرتبطة بأعمال الشعوذة والسحر الأسود في مدن مختلفة من البلاد. قصة القبض عليه بدأت عندما توصل جهاز الأمن الليبي إلى سلسلة من البلاغات المتكررة حول رجل يدّعي قدرته على فك السحر وجلب الحظ، وكان يتنقل بين المدن بتكتم شديد مستخدماً وسائل متعددة لإخفاء هويته. التقارير أشارت إلى أن نشاطه برز بشكل واضح في منطقتي سبها وبنغازي، حيث كان يتردد عليه عدد كبير من النساء والرجال من مختلف الفئات العمرية، وكلٌّ يحمل أملاً في حل مشاكل مستعصية تراوحت بين العقم، الطلاق، الكوابيس، والاضطرابات النفسية. بعد عملية مراقبة دقيقة استمرت عدة أشهر، تمكنت عناصر الأمن من تحديد مكانه داخل أحد البيوت المهجورة في ضواحي بنغازي. كان المنزل يبدو عادياً من الخارج، لكنه في الداخل تحول إلى مركز للطقوس السحرية، مليء بالرموز الغريبة، والكتب القديمة، وبعض الجماجم الحيوانية. وعند القبض عليه، لم يظهر عليه ارتباك بل ظل يتحدث بهدوء، وكأنه كان يعلم أن لحظة المواجهة قادمة.
التحقيقات التي جرت معه كشفت عن مفاجآت كبيرة. كان أحمد يحتفظ بسجلات مكتوبة بخط يده لطلبات الناس، فيها أسماء، صور، وطلبات مفصلة تتعلق بمشاكلهم اليومية. ولعل أكثر ما أثار الدهشة هو أنه اعترف باستخدامه أجزاء بشرية في بعض الطقوس، منها أجزاء من شعر المتوفيين، وحتى تربة مأخوذة من قبور قديمة، كان يؤمن بأنها تزيد فعالية "العمل" كما يسميه. إضافة إلى ذلك، كشف أحمد عن شبكة من المتعاونين يعملون معه في جمع المعلومات عن زبائنه، وتسهيل حصوله على المواد الغريبة التي يستخدمها، بعضهم كانوا أقارب، والبعض الآخر مجرد أشخاص أغرتهم الأموال. ومن أبرز المفاجآت في اعترافاته كانت الإشارة إلى وجود أخ له يدعى إبراهيم، كان يشاركه في بعض الطقوس، لكنه اختفى منذ نحو عام.
السلطات لم تأخذ هذا التصريح باستهانة، وبدأت عمليات البحث المكثفة عن إبراهيم مسعود، الذي تبيّن لاحقاً أنه كان مختبئاً في منزل شبه مهجور داخل حي شعبي بمدينة بنغازي. المفاجأة الكبرى كانت أنه قضى تسعة أشهر كاملة داخل غرفة مغلقة أسفل الدرج، لا يعلم عنه أحد شيئاً سوى صاحبة المنزل التي كانت تظن أنه مجرد عامل سابق اختفى فجأة. وعندما داهمت القوات المكان، وجدوه في حالة جسدية ونفسية غريبة، نحيل جداً، شعره طويل بشكل غير اعتيادي، وكان يهذي بكلمات غير مفهومة. التقرير الطبي الذي صدر لاحقاً كشف أنه كان يتعرض لنوبات هلوسة، وربما كان يستخدم مواد تساعده على الدخول في حالة "تركيز روحاني" كما وصفها شقيقه أحمد.
أحمد لم يكن فقط يمارس السحر، بل كانت له معتقدات متطرفة مرتبطة بعالم الجن، وكان يعتقد أنه وسيط روحي بين العالمين، وأن بعض الجن يخدمونه ويحمونه من الأذى البشري. هذه المعتقدات ظهرت جلياً في الطريقة التي كان يزين بها غرفته، حيث عُثر على رسومات على الجدران تحمل طلاسم بلغات قديمة، منها الأرامية والعبرية، بالإضافة إلى رموز لم تُفك حتى الآن. بعض المحققين الذين تعاملوا معه قالوا إنهم شعروا بانزعاج داخلي عند دخول المكان، وكأن هناك طاقة سلبية غريبة، رغم أنهم لا يؤمنون بهذه الأمور. لكنهم أقروا بأن أحمد كان يتمتع بقدرة خطابية غريبة، وكان يؤثر على من يسمعه بطريقة لم تكن عادية.
الجانب المظلم في القضية ظهر عندما ربط المحققون بين نشاط أحمد واختفاء فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً في مدينة سبها قبل عامين. الفتاة، التي كانت تعاني من اضطرابات نفسية، اختفت من منزلها فجأة، ولم يُعثر لها على أثر. وعند مراجعة سجلات أحمد، وُجد اسمها مدوّناً في قائمة خاصة بها رموز حمراء، مما أثار شكوكاً حول تورطه في اختفائها. ولكن لم تُثبت عليه التهمة لعدم وجود أدلة مادية كافية، رغم أن والدة الفتاة أصرت على أنه كان يعرف مكانها. لم يكن هذا الحادث الوحيد، بل أشارت التقارير إلى وجود حالات مشابهة في مدن أخرى، منها طرابلس والكفرة، لكن لم يتم الربط المباشر بينها وبين أحمد، مما جعل المحققين يركزون أكثر على تفكيك شبكته ومتابعة الأشخاص الذين تعاونوا معه.
من بين هؤلاء كانت امرأة تدعى "زهرة"، عُرفت بأنها خبيرة في الأعشاب الطبية، وكانت تزود أحمد بخلطات تساعده على إدخال زبائنه في حالة "استعداد روحاني"، وهي خلطات كان يقول إنها تساعدهم على "الانفتاح" على الطاقات المحيطة. زهرة تم القبض عليها لاحقاً واعترفت بأنها كانت تعتقد أن أحمد لديه "قوة خاصة"، وأنها كانت تتعلم منه منذ سنوات، وكانت تؤمن بقدراته، رغم أنه لم يكن يسمح لها بالمشاركة في الطقوس الأساسية. هذا الاعتراف فتح بابًا جديدًا أمام السلطات التي بدأت تربط بين عالم الأعشاب والشعوذة في البلاد، وبدأت حملة واسعة لمراجعة نشاطات العطارين والرقاة الذين يعملون بشكل غير رسمي في الأحياء الشعبية.
أما عن المحاكمة، فقد تمت وسط تغطية إعلامية كبيرة، حيث حضر عدد كبير من الصحفيين والناشطين، البعض كان يطالب بإعدامه، والبعض الآخر كان ينادي بضرورة إخضاعه للعلاج النفسي. أحمد، الذي ظهر أمام المحكمة بملابس بسيطة، لم يُظهر ندمًا، بل تحدث مطولاً عن تجربته، وطلب أن يُعرض على "لجنة روحانية" تفهم حالته وتعرف أنه ليس مجرماً بل صاحب مهمة روحية. هذه الكلمات أثارت سخرية القضاة، الذين اعتبروا أن ما فعله يشكل تهديداً للأمن العام، خاصة أن الكثيرين تعرضوا للاستغلال المادي والنفسي من قبله.
وفي النهاية، حكمت المحكمة عليه بالسجن لمدة عشرين عامًا مع الأشغال الشاقة، فيما تم إدخال شقيقه إبراهيم إلى مستشفى نفسي للعلاج من اضطرابات الهلوسة والانفصام. أما شبكة المتعاونين معه فتم تفكيكها، وصدرت بحق بعضهم أحكام متفاوتة، تراوحت بين ثلاث إلى سبع سنوات، حسب الدور الذي لعبه كل فرد منهم. هذه القضية أصبحت محورًا للعديد من البرامج الحوارية والتحقيقات الصحفية التي تناولت موضوع السحر والشعوذة في ليبيا، وأثارت جدلاً واسعاً حول غياب الرقابة على الممارسات الروحية غير الرسمية، كما أعادت تسليط الضوء على أهمية التوعية المجتمعية لمحاربة هذه الظواهر.
التحقيقات التي جرت معه كشفت عن مفاجآت كبيرة. كان أحمد يحتفظ بسجلات مكتوبة بخط يده لطلبات الناس، فيها أسماء، صور، وطلبات مفصلة تتعلق بمشاكلهم اليومية. ولعل أكثر ما أثار الدهشة هو أنه اعترف باستخدامه أجزاء بشرية في بعض الطقوس، منها أجزاء من شعر المتوفيين، وحتى تربة مأخوذة من قبور قديمة، كان يؤمن بأنها تزيد فعالية "العمل" كما يسميه. إضافة إلى ذلك، كشف أحمد عن شبكة من المتعاونين يعملون معه في جمع المعلومات عن زبائنه، وتسهيل حصوله على المواد الغريبة التي يستخدمها، بعضهم كانوا أقارب، والبعض الآخر مجرد أشخاص أغرتهم الأموال. ومن أبرز المفاجآت في اعترافاته كانت الإشارة إلى وجود أخ له يدعى إبراهيم، كان يشاركه في بعض الطقوس، لكنه اختفى منذ نحو عام.
السلطات لم تأخذ هذا التصريح باستهانة، وبدأت عمليات البحث المكثفة عن إبراهيم مسعود، الذي تبيّن لاحقاً أنه كان مختبئاً في منزل شبه مهجور داخل حي شعبي بمدينة بنغازي. المفاجأة الكبرى كانت أنه قضى تسعة أشهر كاملة داخل غرفة مغلقة أسفل الدرج، لا يعلم عنه أحد شيئاً سوى صاحبة المنزل التي كانت تظن أنه مجرد عامل سابق اختفى فجأة. وعندما داهمت القوات المكان، وجدوه في حالة جسدية ونفسية غريبة، نحيل جداً، شعره طويل بشكل غير اعتيادي، وكان يهذي بكلمات غير مفهومة. التقرير الطبي الذي صدر لاحقاً كشف أنه كان يتعرض لنوبات هلوسة، وربما كان يستخدم مواد تساعده على الدخول في حالة "تركيز روحاني" كما وصفها شقيقه أحمد.
أحمد لم يكن فقط يمارس السحر، بل كانت له معتقدات متطرفة مرتبطة بعالم الجن، وكان يعتقد أنه وسيط روحي بين العالمين، وأن بعض الجن يخدمونه ويحمونه من الأذى البشري. هذه المعتقدات ظهرت جلياً في الطريقة التي كان يزين بها غرفته، حيث عُثر على رسومات على الجدران تحمل طلاسم بلغات قديمة، منها الأرامية والعبرية، بالإضافة إلى رموز لم تُفك حتى الآن. بعض المحققين الذين تعاملوا معه قالوا إنهم شعروا بانزعاج داخلي عند دخول المكان، وكأن هناك طاقة سلبية غريبة، رغم أنهم لا يؤمنون بهذه الأمور. لكنهم أقروا بأن أحمد كان يتمتع بقدرة خطابية غريبة، وكان يؤثر على من يسمعه بطريقة لم تكن عادية.
الجانب المظلم في القضية ظهر عندما ربط المحققون بين نشاط أحمد واختفاء فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً في مدينة سبها قبل عامين. الفتاة، التي كانت تعاني من اضطرابات نفسية، اختفت من منزلها فجأة، ولم يُعثر لها على أثر. وعند مراجعة سجلات أحمد، وُجد اسمها مدوّناً في قائمة خاصة بها رموز حمراء، مما أثار شكوكاً حول تورطه في اختفائها. ولكن لم تُثبت عليه التهمة لعدم وجود أدلة مادية كافية، رغم أن والدة الفتاة أصرت على أنه كان يعرف مكانها. لم يكن هذا الحادث الوحيد، بل أشارت التقارير إلى وجود حالات مشابهة في مدن أخرى، منها طرابلس والكفرة، لكن لم يتم الربط المباشر بينها وبين أحمد، مما جعل المحققين يركزون أكثر على تفكيك شبكته ومتابعة الأشخاص الذين تعاونوا معه.
من بين هؤلاء كانت امرأة تدعى "زهرة"، عُرفت بأنها خبيرة في الأعشاب الطبية، وكانت تزود أحمد بخلطات تساعده على إدخال زبائنه في حالة "استعداد روحاني"، وهي خلطات كان يقول إنها تساعدهم على "الانفتاح" على الطاقات المحيطة. زهرة تم القبض عليها لاحقاً واعترفت بأنها كانت تعتقد أن أحمد لديه "قوة خاصة"، وأنها كانت تتعلم منه منذ سنوات، وكانت تؤمن بقدراته، رغم أنه لم يكن يسمح لها بالمشاركة في الطقوس الأساسية. هذا الاعتراف فتح بابًا جديدًا أمام السلطات التي بدأت تربط بين عالم الأعشاب والشعوذة في البلاد، وبدأت حملة واسعة لمراجعة نشاطات العطارين والرقاة الذين يعملون بشكل غير رسمي في الأحياء الشعبية.
أما عن المحاكمة، فقد تمت وسط تغطية إعلامية كبيرة، حيث حضر عدد كبير من الصحفيين والناشطين، البعض كان يطالب بإعدامه، والبعض الآخر كان ينادي بضرورة إخضاعه للعلاج النفسي. أحمد، الذي ظهر أمام المحكمة بملابس بسيطة، لم يُظهر ندمًا، بل تحدث مطولاً عن تجربته، وطلب أن يُعرض على "لجنة روحانية" تفهم حالته وتعرف أنه ليس مجرماً بل صاحب مهمة روحية. هذه الكلمات أثارت سخرية القضاة، الذين اعتبروا أن ما فعله يشكل تهديداً للأمن العام، خاصة أن الكثيرين تعرضوا للاستغلال المادي والنفسي من قبله.
وفي النهاية، حكمت المحكمة عليه بالسجن لمدة عشرين عامًا مع الأشغال الشاقة، فيما تم إدخال شقيقه إبراهيم إلى مستشفى نفسي للعلاج من اضطرابات الهلوسة والانفصام. أما شبكة المتعاونين معه فتم تفكيكها، وصدرت بحق بعضهم أحكام متفاوتة، تراوحت بين ثلاث إلى سبع سنوات، حسب الدور الذي لعبه كل فرد منهم. هذه القضية أصبحت محورًا للعديد من البرامج الحوارية والتحقيقات الصحفية التي تناولت موضوع السحر والشعوذة في ليبيا، وأثارت جدلاً واسعاً حول غياب الرقابة على الممارسات الروحية غير الرسمية، كما أعادت تسليط الضوء على أهمية التوعية المجتمعية لمحاربة هذه الظواهر.