السلام عليكم
تواصل الثلوج تساقطها بلا انقطاع فوق "كليفلاند"، وكأنها تحاول دفن كل أثر، وكل حقيقة، تحت ركام الصمت الأبيض.كان الصباح باهتًا، والسماء رمادية كأنها فقدت الأمل.
في شقة صغيرة مهجورة في أطراف المدينة، جلس أحمد أمام الحاسوب المحمول الذي استولى عليه من المستودع. ليلى كانت تراقب النافذة، سلاحها جاهز، وعيناها مرهقتان من السهر والتوتر.
قال أحمد وهو يتصفح الملفات:
– "انظري إلى هذا الاسم… الدكتور فرانكلين هايز. طبيب كبير في هيئة الغذاء والدواء. هذا يغيّر كل شيء."
ليلى اقتربت ببطء، وضعت يدها على الكتف الآخر لأحمد وقالت:
– "هايز كان مشرفًا على برنامج "نوراما" السري. تجربة على البشر لإنتاج دواء أعصاب، لكن التسريبات تقول إن من خضعوا له ماتوا ببطء."
– "وماذا عن الرقم 924؟"، سأل أحمد.
– "رمز العملية... العملية 924: تنظيف شامل لكل من يقترب من الحقيقة. كان زوجتك هدفًا لأنها كانت تعرف."
أحمد عض شفته السفلى، ثم أطفأ الشاشة بعنف وقال:
– "لن أترك دماءها تذهب سُدى."
في الجهة الأخرى من المدينة...
داخل مبنى أنيق محاط بالحراسة، جلس رجل ببدلة فاخرة. كان "إلياس سميث"، أحد عرّابي الشبكة، يراقب شاشة تظهر صورة حية من كاميرا مراقبة حرارية.
قال لأحد رجاله:
– "وجدناهم. استعدوا للحذف."
وفي الشقة المهجورة...
رن الهاتف. لكن هذه المرة، لم يكن تهديدًا، بل صوت نسائي متوتر:
– "اسمي نادين، كنت ضمن فريق البحث في نوراما. ساعدوني، إنهم يلاحقونني. لدي الدليل الأخير."
أحمد قال:
– "أين أنت؟"
– "المكتبة المركزية... الطابق الثالث... لكن أسرعوا، إنهم يعرفون أني اتصلت."
انقطع الاتصال.
نهض أحمد فورًا، وارتدى معطفه الثقيل. ليلى حذّرته:
– "قد تكون فخًا."
– "أو قد تكون الشاهد الوحيد المتبقي."
الطريق إلى المكتبة كان معقدًا...
ملاحقات، نظرات تترصد من السيارات، رجال بملامح باردة يظهرون في الزوايا، وبعضهم يختفي فجأة. استخدم أحمد ذكاءه في التمويه، ونجح في الوصول.
دخل المكتبة متسللًا كعادته، الجو هادئ أكثر من اللازم. صعد إلى الطابق الثالث، خطواته تخترق السكون.
رآها هناك — امرأة في الأربعين، شعرها أشعث، وملامحها مذعورة. أعطته ظرفًا صغيرًا وقالت:
– "هذا كل ما بقي... التسجيلات، الأسماء، الجرائم التي تم تغطيتها."
وقبل أن تتابع، دوى صوت انفجار في الطابق الأرضي.
صرخت نادين:
– "لقد وجدونا!"
أمسكها أحمد، وركض بها نحو سلم الطوارئ. في الأسفل، رجال بالأسود يصعدون، يطلقون النار بعشوائية.
في هذه اللحظة، ظهرت ليلى بسيارة مسروقة، اقتحمت بوابة خلفية، وصرخت من النافذة:
– "اقفز الآن!"
قفز أحمد ونادين، وسط زخات الرصاص، ونجحوا في الهروب.
داخل السيارة، قالت نادين:
– "الوثائق تثبت أن بعض السياسيين تلقوا تمويلًا من الشركة المسؤولة عن نوراما. لقد خلقوا مشروعًا للموت، وأخفوه تحت اسم "علاج الأعصاب المتقدم"."
أحمد نظر إلى ليلى وقال:
– "حان وقت إيصال هذه الحقيقة للعالم."
ليلى أجابت:
– "لكن من؟ كل الصحف الكبرى ممولة من ذات الجهة."
– "ربما علينا التفكير بشكل مختلف... نذهب إلى منبر حر، غير تقليدي، ونطلق كل شيء دفعة واحدة."
وفي تلك الليلة...
كانوا في مخبأ سري تحت الأرض، مع ناشط رقمي يُدعى "فينيكس"، مبرمج عبقري كان ينتظر فرصة كهذه.
قال فينيكس:
– "سأفتح بثًا مباشرًا غير قابل للتتبع، خلاله سنعرض كل شيء. لكن انتبهوا، بعد هذا لن يكون هناك عودة."
أحمد وقف أمام الكاميرا، نظرة حزينة وثابتة، ثم قال:
– "اسمي أحمد... طبيب، وزوجتي قتلت لأنها حاولت كشف الحقيقة. اليوم، أنقل إليكم القصة كاملة..."
وبدأ البث.
عرضوا الأسماء، الوثائق، التسجيلات، والتجارب المخفية، كل شيء. القصة انتشرت كالنار في الهشيم.
وفي أقل من ساعة، بدأت القنوات الإخبارية بالتفاعل، والضغط العام يتصاعد.
لكن في نفس الوقت، ظهرت قوة أخرى...
الفرقة 47، وحدة خاصة موجهة للتخلص من "الطفرات".
وأحمد على رأس القائمة.
رن هاتف فينيكس، ثم نظر إليهم وقال:
– "لقد وجدونا... سيصلون خلال دقائق."
أحمد نظر إلى ليلى، ثم إلى نادين، وقال:
– "الجزء الأول انتهى. والآن تبدأ الحرب الحقيقية."
نهاية الحلقة 17
في الحلقة 18:
– مطاردات شرسة عبر الولايات.
– انكشاف خائن داخل المجموعة.
– مواجهة مباشرة مع الدكتور هايز.
– وضحايا جدد يسقطون... فهل يبقى أحمد صامدًا؟