الخميس الأسود: انتفاضة 23 مارس 1965 في المغرب

  أحداث الدار البيضاء 1965

مشهد حقيقي من احتجاجات البيضاء 1965
السياق التاريخي
 في منتصف الستينيات، كان المغرب يعيش فترة مضطربة بعد الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي عام 1956. شهدت البلاد توترات سياسية واجتماعية بسبب:
الأزمة الاقتصادية: 
ارتفاع معدلات البطالة، الفقر، وتدهور الأوضاع المعيشية للطبقات الشعبية، خاصة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء.
الصراع السياسي: 
كانت هناك توترات بين النظام الملكي بقيادة الملك الحسن الثاني وأحزاب المعارضة، خاصة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (UNFP) بقيادة المهدي بن بركة، الذي كان رمزاً للمعارضة اليسارية.
إصلاحات التعليم:
 في عام 1965، أصدرت وزارة التربية الوطنية قراراً بتقييد الالتحاق بالتعليم الثانوي عبر فرض حد أقصى للسن (17 عاماً للصف الأول الثانوي و20 عاماً للبكالوريا). هذا القرار أثار غضب الطلاب والأسر الفقيرة، الذين رأوا فيه محاولة لتقييد التعليم وتعزيز الفوارق الاجتماعية.
الأسباب المباشرة للاحتجاجاتقرار التعليم: 
كان القرار الوزاري يعني استبعاد آلاف الطلاب من التعليم الثانوي، خاصة أبناء الطبقات الفقيرة الذين كانوا يواجهون صعوبات في إكمال دراستهم في الوقت المحدد بسبب ظروفهم الاقتصادية.
الاستياء الاجتماعي: 
تراكمت مشاعر الإحباط بسبب ارتفاع الأسعار، البطالة، وتدهور الخدمات العامة، مما جعل الطلاب والعمال أكثر استعداداً للاحتجاج.
دور المنظمات الطلابية والنقابية: 
لعب الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (UNEM) والاتحاد المغربي للشغل (UMT) دوراً مهماً في حشد الطلاب والعمال للتعبير عن مطالبهم.
تفاصيل أحداث 23 مارس 1965بداية المظاهرات: 
بدأت الاحتجاجات في الدار البيضاء، حيث نظم الطلاب الثانويون مسيرات سلمية في 22 مارس 1965 للمطالبة بإلغاء قرار الحد الأقصى للسن وتحسين ظروف التعليم. هتف الطلاب بشعارات مناهضة للحكومة وداعية للعدالة الاجتماعية.
انضمام فئات أخرى:
 سرعان ما انضم إلى الطلاب العمال، العاطلون عن العمل، وأفراد من الأحياء الشعبية في الدار البيضاء، مما جعل المظاهرات تأخذ طابعاً شعبياً واسعاً. انتشرت الاحتجاجات إلى مدن أخرى مثل الرباط، فاس، ومراكش.
التصعيد والقمع: 
في 23 مارس، تصاعدت حدة المواجهات. قامت السلطات بقيادة الجنرال محمد أوفقير، وزير الداخلية آنذاك، باستخدام قوات الأمن والجيش لتفريق المتظاهرين. تم استخدام الرصاص الحي، الهراوات، والغاز المسيل للدموع. شهدت شوارع الدار البيضاء، خاصة الأحياء الشعبية مثل حي المحمدي، مشاهد عنف دامية.
حصيلة الضحايا: 
لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة، لكن المصادر التاريخية تتحدث عن سقوط مئات القتلى والجرحى، إضافة إلى اعتقال المئات من المتظاهرين. بعض التقديرات غير الرسمية تشير إلى أن عدد القتلى قد تجاوز 400 شخص، بينما تقارير أخرى تتحدث عن أرقام أقل.
التداعيات حالة الطوارئ: 
أعلن الملك الحسن الثاني حالة الطوارئ في يونيو 1965، مما منح السلطات صلاحيات واسعة لقمع المعارضة. استمر هذا الوضع حتى عام 1970.
قمع المعارضة: 
استهدفت السلطات قادة المعارضة، خاصة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. اختفى المهدي بن بركة، زعيم المعارضة، في أكتوبر 1965 في باريس في ظروف غامضة، وهو حدث يُعتقد أنه مرتبط برد السلطات على أحداث الخميس الأسود.
سنوات الرصاص: 
كانت هذه الأحداث بداية لفترة طويلة من القمع السياسي عُرفت بـ"سنوات الرصاص"، حيث تم تقييد الحريات، اعتقال الناشطين، وتشديد الرقابة على المنظمات الطلابية والنقابية.
تأثير على الحركة الطلابية:
 تم حل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (UNEM) مؤقتاً، وضُيِّقت الخناق على الحركات الطلابية، مما أثر على دور الطلاب في النضال السياسي لسنوات.
الأهمية التاريخية والثقافيةرمز النضال: 
أصبح "الخميس الأسود" رمزاً للنضال من أجل الحقوق الاجتماعية والتعليمية في المغرب. يُحيي النشطاء ذكرى هذه الأحداث حتى اليوم كجزء من الذاكرة الجماعية.
تأثير على السياسة المغربية: 
عززت الأحداث من سيطرة النظام الملكي على المشهد السياسي، لكنها أيضاً زرعت بذور المقاومة التي ظهرت لاحقاً في انتفاضات أخرى، مثل انتفاضة 1981.
لجنة الحقيقة والمصالحة:
 في أوائل الألفية الثانية، تناولت هيئة الإنصاف والمصالحة (IER) أحداث الخميس الأسود ضمن تحقيقاتها في انتهاكات حقوق الإنسان خلال سنوات الرصاص، لكن العديد من التفاصيل حول الحدث ظلت غامضة.
تعليقات