فضيحة مالية في الجامعة الملكية للشطرنج بالمغرب مصطفى أمزال على الجبهة دينار و في الجيب مليار

اختلاس 1.4 مليار سنتيم وأزمة مصطفى أمزال

في أواخر عام 2016، بدأت تظهر بوادر فضيحة مالية داخل الجامعة الملكية المغربية للشطرنج، حين كشفت تحقيقات أولية عن قيام مصطفى أمزال، رئيس الجامعة آنذاك، بتحويل مبالغ مالية ضخمة من حسابات الجامعة إلى حسابه الشخصي. المبلغ الذي تم تحويله تجاوز 1.2 مليار سنتيم (ما يعادل 12 مليون درهم) بالإضافة إلى 200 مليون سنتيم أخرى (حوالي 2 مليون درهم)، وبذلك يصل المجموع إلى أكثر من 1.4 مليار سنتيم بدون أي سند قانوني أو إذن رسمي من الجهات المختصة.
مصطفى أمزال برر هذه التحويلات بأنه استخدم هذه الأموال لتغطية نفقات تنظيم بطولات محلية وعربية وأفريقية للشطرنج خلال فترة رئاسته بين عامي 2015 و2016، مؤكدًا أنه اقترض الأموال من أصدقائه وعائلته بهدف تنظيم هذه البطولات، وأنه أرفق تقارير مالية وفواتير مصادق عليها من طرف المكتب المديري للجامعة الملكية المغربية للشطرنج. لكنه لم يقدم أدلة ملموسة على أن هذه الأموال قد صرفت بالفعل في تنظيم هذه الفعاليات، مما أثار شكوكًا كبيرة لدى الجهات القضائية والرياضية.
المحكمة الزجرية بعين السبع أصدرت حكمها في مارس 2023، وأدانت مصطفى أمزال بتهم خيانة الأمانة، التزوير والمشاركة في تزوير محرر تجاري أو بنكي، إضافة إلى سحب مبالغ مالية دون سند قانوني. العقوبة التي فرضتها المحكمة كانت ستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ، مع غرامة مالية رمزية قدرها 1000 درهم فقط. هذا الحكم قوبل بانتقادات شديدة من قبل المجتمع الرياضي والحقوقي المغربي، حيث اعتبر كثيرون أن العقوبة لا تتناسب مع حجم الأموال التي تم تحويلها ولا مع الضرر الذي لحق بالجامعة وبرياضة الشطرنج المغربية.
على صعيد آخر، لم يصدر أي بيان رسمي يؤكد ما إذا كانت الأموال التي حولها مصطفى أمزال قد أعيدت إلى حساب الجامعة أم لا، وهو أمر ما زال يشكل لغزًا وموضع جدل واسع. الغموض حول مصير هذه الأموال أضر بثقة المتابعين والمهتمين بالرياضة في مصداقية إدارة الجامعة سابقًا.
في خضم هذه الأزمة، حدث تغيير إداري مهم داخل الجامعة، ففي يوليو 2024 تم انتخاب بشرى القادري رئيسة جديدة للجامعة الملكية المغربية للشطرنج، وذلك في محاولة لإعادة بناء ثقة المجتمع الرياضي وتحسين وضع الجامعة. منذ توليها المنصب، ركزت بشرى القادري على تعزيز الشفافية المالية والإدارية، ووضع آليات صارمة للحوكمة الرشيدة، كما عملت على تطوير رياضة الشطرنج في المغرب من خلال تنظيم فعاليات دولية وتوسيع قاعدة اللاعبين.
في سبتمبر 2024، تم انتخاب بشرى القادري نائبة لرئيس الجمعية الدولية للشطرنج الفرنكفوني، وهو إنجاز يعكس تقدير المجتمع الدولي لجهودها في الارتقاء بالرياضة وتنظيمها بشكل محترف ومتميز.
رغم هذه الجهود، لم تخلُ فترة رئاسة القادري من تحديات، فقد شهدت البطولة العربية للشطرنج التي استضافها المغرب انسحاب المنتخب اللبناني بسبب مشاكل في تأشيرات الدخول، مما شكل إحباطًا للمنظمين واللاعبين على حد سواء. حاولت القادري التدخل لحل الأزمة، لكن الصعوبات الإدارية حالت دون مشاركة لبنان، وهو ما أثر على صورة البطولة والجامعة.
تجسد قضية مصطفى أمزال وأحداثها الدرس المهم الذي يسلط الضوء على ضرورة إصلاح شامل في المؤسسات الرياضية المغربية، خصوصًا في ما يتعلق بإدارة الأموال العامة وتعزيز الرقابة والشفافية، لمنع تكرار مثل هذه التجاوزات التي تضر بالرياضة واللاعبين والمجتمع ككل.
حتى اليوم، لا توجد معلومات مؤكدة حول استرجاع الأموال أو اتخاذ إجراءات قانونية إضافية بحق المسؤولين السابقين، لكن القضية ما تزال حاضرة في وسائل الإعلام ومتابعة الجهات المختصة، مع دعوات مستمرة لإصلاح قوانين الرقابة وتعزيز العدالة في مجال الرياضة.

تعليقات