احتجاجات ربات البيوت ...الاعتراف الرسمي بالعمل المنزلي كمهنة لها حقوق وضمانات اجتماعية
خرجت نساء مغربيات في مراكش وغيرها من المدن المغربية بمناسبة يوم عيد الشغل في الأول من مايو 2025، بُغية لفت الانتباه بشكل قوي إلى واقع العمل المنزلي الذي تُنفّذه ربة البيت دون أن تُعترف به رسمياً أو تُؤمَّن عليه وتُدفع عنه أجور. هؤلاء النساء ارتدين مآزر مطبوعة عليها قائمة طويلة من المهام اليومية كالطبخ والتنظيف ومتابعة الدراسة والمرافقة الطبية والعناية بكبار السن وتنظيم ميزانية الأسرة والإدارة اليومية، كلها أعمال تُنفَّذ بلا أجر ولا وصفة عمل رسمية ولا عقد قانوني، وإنّما تُعدّ "شقا" يحمل أعباء ووقتاً وجهداً لا يقل عن أي وظيفة في سوق الشغل
المشاركات بعبْرْنَ عن الحقوق المفقودة للربات البيوت، حيث رفعن لافتات مكتوب عليها: "الشقا حتى هو خدمة" و"وظيفة: ربة بيت – عقد الشغل: 0 – الأجر: 0". كانت هذه الرسائل رمزية لكن قوية لتفضح الظلم الاجتماعي والاقتصادي الذي تتعرّض له ملايين النساء المغربيات، اللواتي يقمن بالعمل المنزلي طيلة سنوات دون أن يحصلن على أي اعتراف معلن، حتى أنهن يحترقن في صمت
الاحتجاج لم يقتصر على النداء لاعتراف رمزي بمهنة "ربة بيت"، بل تعدّاه إلى دعوة لرصد العمل المنزلي وتسجيله ضمن الحصيلة الاقتصادية الوطنية والتفكير في آليات تدعمه، إما عبر التعويض المباشر أو عبر التأمين الاجتماعي، حتى يتسنى للنساء اللواتي يمارسن هذا النوع من العمل أن يحظين بحقوق مثل التغطية الصحية والتقاعد والإجازات القانونية، وهي حقوق لا تحصلن عليها لأنهن غير مسجّلات كمشتغلات. ظهرت فكرة تسجيل ربة البيت كأنّها "حرفية أو صانعة" في مشروع قانون المالية لسنة 2025، ولكنه جوبه بصعوبات كبيرة على مستوى الإدارة وتعرّض لنقد لاذع بسبب التعاقد غير الواضح، حيث برزت مشاكل من قبيل استثناء 8 ملايين مواطن من التغطية بسبب شروط الدخول أو التراتبية الإدارية غير المناسبة
ما أثار الانتباه أيضاً هو وجود توصية رسمية من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئة في المغرب تضمنت فكرة تخصيص "أجر" لربات البيوت والاعتراف بعملهن كجزء من النشاط الاقتصادي الوطني، وذلك بهدف تقويض التهميش الاقتصادي الذي يعشنه
هذه التوصية تكرّست كمطلب غير مجرّد احتجاج رمزي، بل جاءت مدعومة بتقييمات علمية واقتصادية تُبرز أهمية العمل المنزلي غير المؤدى عنه في استقرار الأسرة والمجتمع.
ومع ذلك، يواجه هذا المطلب واقعاً معقّداً على مستويات عديدة. فنظرياً، العمل المنزلي ينبغي أن يُدرج ضمن الناتج المحلي الخام باعتباره قيمة اقتصادية تنتجها المرأة داخل المنزل. لكن تسجيله رسمياً يستلزم توفير استمارات وأدوات إحصائية لتقييم ساعات العمل المنزلي وعدد العاملات فيه، وكل ذلك يحتاج إلى قدرات إدارية وتجهيزات وتقنيات بيانات مفقودة في بعض المناطق
. إضافة إلى أن هناك مخاوف من وقوع الإقصاء للفئات الفقيرة أو الأميات اللائي يفتقرن إلى الوثائق اللازمة أو الوصول إلى البنية الإدارية، وهو ما يبدو أنه حصل بالفعل؛ فقد انطوى التسجيل على شروط "مؤشّرات وعتبات متعددة" حرمت ملايين، خاصة في القرى والمناطق النائية
على المستوى الاجتماعي، تعتبر ربات البيوت من أكثر الفئات عرضة للعنف، بحسب تقرير سابق لشبكة مراكز النجدة والإيواء في المغرب، التي أكدت أن 48٪ من النساء المعنفات في المغرب هن ربات بيوت، و32.5٪ منهن أميات، مما يشير إلى العلاقة بين التهميش الاقتصادي والتعرض للعنف
هذه الأرقام تدفع بالعديد من النشطاء لربط الاعتراف بالعمل المنزلي بتحسين حماية النساء، لأن تسجيلهن وتسجيل عملهن يعني أن لديهن حالة مدنية واقتصادية واضحة تمنع تهميشهن القانوني والاجتماعي.
في السياق نفسه، تحدثت بعض الدراسات عن أهمية إدراج العمل المنزلي غير المدفوع ضمن مساهمة المرأة في الأسرة، باعتباره نصف معركة التنمية، وقد اقترحت إدماجها ضمن الأنظمة الضريبية كتقدير للدخل العائلي، لكن هذا في الوقت ذاته أثار قلق البعض من أن إدراج قيمة إجبارية على العمل المنزلي قد يؤدي إلى رفع الضرائب على الأسر، أو أن تُستخدم تلك القيمة كذريعة لفرض ضرائب غير عادلة على النساء أو العوائل ذات الدخل المحدود
الحالة المغربية تبدو نموذجاً يحاكي تجارب دول أخرى في العالم، حيث بدأ الجدال حول الاعتراف العالمي بالعمل المنزلي غير الأجور منذ أعوام، وفقاً لمنظمة العمل الدولية، وبعض الدول الأوروبية بدأت بتقديم مساعدات جزئية أو توجيه نفوذ إداري محدد تجاه هذا النوع من العمل، كما تُحفظ له سجلات إحصائية، ولكن مازال جزء كبير من هذه المطالب يُطرح في المغرب العربية كموضوع جديد نسبياً وتوجد مقاومة لأسباب ثقافية واقتصادية وسياسية.
في المغرب، تأسست جمعيات تدافع عن "حقوق ربة البيت"، من بينها جمعية وجدة التي تطالب بإدراج مهنة "ربة منزل" في بطاقة الهوية الوطنية، وتطالب بالتعويض المالي والتغطية التأمينية والصحية، وتدريب النساء على مشاريع صغيرة تدر دخلاً من خلال دعم الدولة والقطاع الخاص (مصدر قديم غير موجود في نتائج البحث الحالية). لكن الأهم أن هذا المطلب نوقش بالفعل في نقاشات رسمية داخل البرلمان، وطرحت أسئلة شفوية ضمن جلسات الأسئلة الذهبيّة وبرلمان الشباب، مما يوحي بأن القضية لم تعد حَملَ مشاع شعبي فحسب، بل أصبحت جزءاً من جدول أعمال الدولة.
احتجاج الأوّل من مايو 2025 في مراكش، الذي نظّمته الجمعية المغربية من أجل تعليم النساء "ATEC"، شكّل إشارة واضحة إلى أن العمل المنزلي ليس مسئولية فردية محصورة في البيت بل يشكّل قضية اقتصادية وقانونية تحتاج إلى تدخل السياسات العمومية
رغم أن التفاصيل لا تزال نافذة، فإن الرسائل الرمزية المرفوعة – خاصة شعار "الشقا حتى هو خدمة" – تعبّر عن نقطة جوهرية مفادها أن الجهد الذي يُبذل في المنزل يساوي أي وظيفة، وأنه يجب أن يُعامل على هذا الأساس.
التفاوت في مستوى التعليم والوعي القانوني بين النساء له أثر كبير على هذه المطالب، فحسب دراسات، الأميات أو اللاتي يحملن تعليماً ابتدائياً هنّ الأكثر تعرضاً للعنف ويفتقرن إلى معرفة حقوقهن القانونية أو القدرة على التقدّم بشكاوى للمؤسسات المختصة
أما المتعلمات فمنهن من قد تلجأ إلى القضاء إذا ما تعرضت للإيذاء، لكن الغالبية العظمى لا تحصلن على هذا الدعم، ويظلص المتاح أمامهن هو الصبر والتضحية من أجل الأطفال، وبدون أي ضمانات مادية عند وفاة الزوج أو الطلاق.
مواقف المعارضة للمطالب الملابِسة لتقنين العمل المنزلي تتراوح بين الذين يرونه صعب التطبيق مادياً وإدارياً، وبين الذين يعتبرونه واجباً اجتماعياً أساسياً في البيت ولا يمكن تحويلى إلى عقد قانوني للحصول على أجر أو ضمانات اقتصادية، وهم يرون أن تدخّل الدولة في هذه المسألة قد يشكّل طفرة في التكاليف العامة. لكن الأصوات المؤيدة ترى فيه خطوة ضروريّة نحو إنصاف المرأة ومساواة دقيقة في الحقوق، خصوصاً أن معظم النساء لا يخرجن من سوق الشغل ويقمن بكل مسؤوليات البيت.
باختصار، ما حصل في المملكة المغربية في أول مايو 2025 كان انعكاساً لمعركة كبيرة بين الاعتراف بالعمل المنزلي كقيمة اقتصادية حقيقية وبين الواقع الإداري والاجتماعي الذي يقف عاجزاً أمام هذا الاعتراف، رغم توصيات رسمية ودعوات مجتمعية. في الوقت الذي تحمل فيه الحياة اليومية ربات البيوت أعباء لا تقل عن النساء العاملات خارج المنزل، يتعيّن على السياسات أن تواكب ذلك برقمنة التسجيل وضمان التغطية التأمينية والتقاعد وتقديم مساعدات مادية، أو إنشاء صناديق خاصة، كما تبيّنها توصية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئة، لكن التنفيذ التقني والمالي يبقى التحدي الأكبر أمام المغرب.
القصة في المغرب تفتح الباب لتفكّر أعمق في قضايا الجندر والعمل الاجتماعي وسؤال من يقيم أَن العمل الذي يُبذل بلا أجر يجب أن يُرى، يُحتسب، ويُدافع عنه. تحريك الشارع النسوي في مايو 2025 كان الرسالة الأقوى أن "العمل المنزلي لا يُحتسب، ولكنه يستحق الاعتراف"، وأنه لا يمكن أن يُقاس المجتمع بعدد الوظائف الرسمية فقط، بل يجب أن يُقاس أيضاً بعدد اللحظات التي تُبذل فيها جهود لا تظهر على بيانات الإحصاء، لكنها تبني الأسرة والمجتمع هيكلياً.
المشاركات بعبْرْنَ عن الحقوق المفقودة للربات البيوت، حيث رفعن لافتات مكتوب عليها: "الشقا حتى هو خدمة" و"وظيفة: ربة بيت – عقد الشغل: 0 – الأجر: 0". كانت هذه الرسائل رمزية لكن قوية لتفضح الظلم الاجتماعي والاقتصادي الذي تتعرّض له ملايين النساء المغربيات، اللواتي يقمن بالعمل المنزلي طيلة سنوات دون أن يحصلن على أي اعتراف معلن، حتى أنهن يحترقن في صمت
الاحتجاج لم يقتصر على النداء لاعتراف رمزي بمهنة "ربة بيت"، بل تعدّاه إلى دعوة لرصد العمل المنزلي وتسجيله ضمن الحصيلة الاقتصادية الوطنية والتفكير في آليات تدعمه، إما عبر التعويض المباشر أو عبر التأمين الاجتماعي، حتى يتسنى للنساء اللواتي يمارسن هذا النوع من العمل أن يحظين بحقوق مثل التغطية الصحية والتقاعد والإجازات القانونية، وهي حقوق لا تحصلن عليها لأنهن غير مسجّلات كمشتغلات. ظهرت فكرة تسجيل ربة البيت كأنّها "حرفية أو صانعة" في مشروع قانون المالية لسنة 2025، ولكنه جوبه بصعوبات كبيرة على مستوى الإدارة وتعرّض لنقد لاذع بسبب التعاقد غير الواضح، حيث برزت مشاكل من قبيل استثناء 8 ملايين مواطن من التغطية بسبب شروط الدخول أو التراتبية الإدارية غير المناسبة
ما أثار الانتباه أيضاً هو وجود توصية رسمية من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئة في المغرب تضمنت فكرة تخصيص "أجر" لربات البيوت والاعتراف بعملهن كجزء من النشاط الاقتصادي الوطني، وذلك بهدف تقويض التهميش الاقتصادي الذي يعشنه
هذه التوصية تكرّست كمطلب غير مجرّد احتجاج رمزي، بل جاءت مدعومة بتقييمات علمية واقتصادية تُبرز أهمية العمل المنزلي غير المؤدى عنه في استقرار الأسرة والمجتمع.
ومع ذلك، يواجه هذا المطلب واقعاً معقّداً على مستويات عديدة. فنظرياً، العمل المنزلي ينبغي أن يُدرج ضمن الناتج المحلي الخام باعتباره قيمة اقتصادية تنتجها المرأة داخل المنزل. لكن تسجيله رسمياً يستلزم توفير استمارات وأدوات إحصائية لتقييم ساعات العمل المنزلي وعدد العاملات فيه، وكل ذلك يحتاج إلى قدرات إدارية وتجهيزات وتقنيات بيانات مفقودة في بعض المناطق
. إضافة إلى أن هناك مخاوف من وقوع الإقصاء للفئات الفقيرة أو الأميات اللائي يفتقرن إلى الوثائق اللازمة أو الوصول إلى البنية الإدارية، وهو ما يبدو أنه حصل بالفعل؛ فقد انطوى التسجيل على شروط "مؤشّرات وعتبات متعددة" حرمت ملايين، خاصة في القرى والمناطق النائية
على المستوى الاجتماعي، تعتبر ربات البيوت من أكثر الفئات عرضة للعنف، بحسب تقرير سابق لشبكة مراكز النجدة والإيواء في المغرب، التي أكدت أن 48٪ من النساء المعنفات في المغرب هن ربات بيوت، و32.5٪ منهن أميات، مما يشير إلى العلاقة بين التهميش الاقتصادي والتعرض للعنف
هذه الأرقام تدفع بالعديد من النشطاء لربط الاعتراف بالعمل المنزلي بتحسين حماية النساء، لأن تسجيلهن وتسجيل عملهن يعني أن لديهن حالة مدنية واقتصادية واضحة تمنع تهميشهن القانوني والاجتماعي.
في السياق نفسه، تحدثت بعض الدراسات عن أهمية إدراج العمل المنزلي غير المدفوع ضمن مساهمة المرأة في الأسرة، باعتباره نصف معركة التنمية، وقد اقترحت إدماجها ضمن الأنظمة الضريبية كتقدير للدخل العائلي، لكن هذا في الوقت ذاته أثار قلق البعض من أن إدراج قيمة إجبارية على العمل المنزلي قد يؤدي إلى رفع الضرائب على الأسر، أو أن تُستخدم تلك القيمة كذريعة لفرض ضرائب غير عادلة على النساء أو العوائل ذات الدخل المحدود
الحالة المغربية تبدو نموذجاً يحاكي تجارب دول أخرى في العالم، حيث بدأ الجدال حول الاعتراف العالمي بالعمل المنزلي غير الأجور منذ أعوام، وفقاً لمنظمة العمل الدولية، وبعض الدول الأوروبية بدأت بتقديم مساعدات جزئية أو توجيه نفوذ إداري محدد تجاه هذا النوع من العمل، كما تُحفظ له سجلات إحصائية، ولكن مازال جزء كبير من هذه المطالب يُطرح في المغرب العربية كموضوع جديد نسبياً وتوجد مقاومة لأسباب ثقافية واقتصادية وسياسية.
في المغرب، تأسست جمعيات تدافع عن "حقوق ربة البيت"، من بينها جمعية وجدة التي تطالب بإدراج مهنة "ربة منزل" في بطاقة الهوية الوطنية، وتطالب بالتعويض المالي والتغطية التأمينية والصحية، وتدريب النساء على مشاريع صغيرة تدر دخلاً من خلال دعم الدولة والقطاع الخاص (مصدر قديم غير موجود في نتائج البحث الحالية). لكن الأهم أن هذا المطلب نوقش بالفعل في نقاشات رسمية داخل البرلمان، وطرحت أسئلة شفوية ضمن جلسات الأسئلة الذهبيّة وبرلمان الشباب، مما يوحي بأن القضية لم تعد حَملَ مشاع شعبي فحسب، بل أصبحت جزءاً من جدول أعمال الدولة.
احتجاج الأوّل من مايو 2025 في مراكش، الذي نظّمته الجمعية المغربية من أجل تعليم النساء "ATEC"، شكّل إشارة واضحة إلى أن العمل المنزلي ليس مسئولية فردية محصورة في البيت بل يشكّل قضية اقتصادية وقانونية تحتاج إلى تدخل السياسات العمومية
رغم أن التفاصيل لا تزال نافذة، فإن الرسائل الرمزية المرفوعة – خاصة شعار "الشقا حتى هو خدمة" – تعبّر عن نقطة جوهرية مفادها أن الجهد الذي يُبذل في المنزل يساوي أي وظيفة، وأنه يجب أن يُعامل على هذا الأساس.
التفاوت في مستوى التعليم والوعي القانوني بين النساء له أثر كبير على هذه المطالب، فحسب دراسات، الأميات أو اللاتي يحملن تعليماً ابتدائياً هنّ الأكثر تعرضاً للعنف ويفتقرن إلى معرفة حقوقهن القانونية أو القدرة على التقدّم بشكاوى للمؤسسات المختصة
أما المتعلمات فمنهن من قد تلجأ إلى القضاء إذا ما تعرضت للإيذاء، لكن الغالبية العظمى لا تحصلن على هذا الدعم، ويظلص المتاح أمامهن هو الصبر والتضحية من أجل الأطفال، وبدون أي ضمانات مادية عند وفاة الزوج أو الطلاق.
مواقف المعارضة للمطالب الملابِسة لتقنين العمل المنزلي تتراوح بين الذين يرونه صعب التطبيق مادياً وإدارياً، وبين الذين يعتبرونه واجباً اجتماعياً أساسياً في البيت ولا يمكن تحويلى إلى عقد قانوني للحصول على أجر أو ضمانات اقتصادية، وهم يرون أن تدخّل الدولة في هذه المسألة قد يشكّل طفرة في التكاليف العامة. لكن الأصوات المؤيدة ترى فيه خطوة ضروريّة نحو إنصاف المرأة ومساواة دقيقة في الحقوق، خصوصاً أن معظم النساء لا يخرجن من سوق الشغل ويقمن بكل مسؤوليات البيت.
باختصار، ما حصل في المملكة المغربية في أول مايو 2025 كان انعكاساً لمعركة كبيرة بين الاعتراف بالعمل المنزلي كقيمة اقتصادية حقيقية وبين الواقع الإداري والاجتماعي الذي يقف عاجزاً أمام هذا الاعتراف، رغم توصيات رسمية ودعوات مجتمعية. في الوقت الذي تحمل فيه الحياة اليومية ربات البيوت أعباء لا تقل عن النساء العاملات خارج المنزل، يتعيّن على السياسات أن تواكب ذلك برقمنة التسجيل وضمان التغطية التأمينية والتقاعد وتقديم مساعدات مادية، أو إنشاء صناديق خاصة، كما تبيّنها توصية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئة، لكن التنفيذ التقني والمالي يبقى التحدي الأكبر أمام المغرب.
القصة في المغرب تفتح الباب لتفكّر أعمق في قضايا الجندر والعمل الاجتماعي وسؤال من يقيم أَن العمل الذي يُبذل بلا أجر يجب أن يُرى، يُحتسب، ويُدافع عنه. تحريك الشارع النسوي في مايو 2025 كان الرسالة الأقوى أن "العمل المنزلي لا يُحتسب، ولكنه يستحق الاعتراف"، وأنه لا يمكن أن يُقاس المجتمع بعدد الوظائف الرسمية فقط، بل يجب أن يُقاس أيضاً بعدد اللحظات التي تُبذل فيها جهود لا تظهر على بيانات الإحصاء، لكنها تبني الأسرة والمجتمع هيكلياً.