القصة الكاملة لتيد باندي – الوسيم القاتل
كان تيد باندي رجلًا بوجه وسيم، بابتسامة ساحرة وعيون صافية، يستطيع بسهولة أن يكسب ثقة أي شخص. لكن خلف هذا الوجه، كان يسكن واحد من أكثر القتلة المتسلسلين رعبًا في القرن العشرين.
وُلد ثيودور روبرت باندي في 24 نوفمبر عام 1946، في بيرلينغتون، فيرمونت. نشأ في منزل جده الذي كان رجلاً صارمًا وعنيفًا، بينما أُخبر في صغره أن والدته هي شقيقته الكبرى. نشأ محاطًا بالأكاذيب والارتباك حول هويته. منذ صغره، أظهر باندي ميولًا غريبة؛ كان يحب مراقبة الناس خلسة، وسرقة الأشياء، وتعذيب الحيوانات الصغيرة.
رغم كل ذلك، بدا تيد شابًا طبيعيًا وناجحًا. التحق بالجامعة، ودرس علم النفس، وكان ذكيًا وجذابًا، يرتدي ملابس أنيقة، ويتحدث بثقة. كان يطمح أن يصبح محاميًا أو رجل سياسة. حتى أنه عمل لفترة في الحملة الانتخابية لأحد السياسيين الجمهوريين في سياتل.
لكن داخله كان يتعفن. بعد علاقة حب فاشلة مع امرأة من الطبقة الراقية، شعر باندي بالإهانة. تركته، وقالت له إنه ليس رجلًا يليق بها. هذا الجرح العاطفي شكّل نقطة التحول. أراد أن ينتقم، ليس منها فقط، بل من كل امرأة تشبهها.
بدأت أولى جرائمه في أوائل السبعينات. في البداية، كانت الفتيات يختفين دون أثر: طالبة من المكتبة، فتاة من موقف السيارات، شابة من حفل جامعي. كان يجذب ضحاياه بطريقة متقنة: يضع ذراعه في جبيرة، ويتظاهر بأنه بحاجة للمساعدة في حمل شيء إلى سيارته. كان يبدو ضعيفًا، وغير مؤذٍ، فيتطوعن لمساعدته.
لكن ما إن تدخل الضحية إلى السيارة، حتى تنقلب الأمور. كان يضربها بعصا معدنية، أو يخنقها حتى تفقد الوعي. ثم يأخذها إلى موقع معزول – غالبًا في الغابة – حيث يغتصبها، ويقتلها، وأحيانًا يحتفظ بالجثة لأيام، ليعود إليها لاحقًا ويمارس معها النيكروفيليا.
مع مرور الوقت، ازدادت جرأته. بدأ يقتحم المنازل، كما فعل في جريمة شاطئ "ليك ساماميش"، حيث اختطف فتاتين في وضح النهار. الشرطة كانت عاجزة. لم يكن هناك نمط واضح، والجثث كانت تظهر متناثرة في ولايات مختلفة: واشنطن، يوتا، كولورادو، وأخيرًا فلوريدا.
في عام 1975، تم القبض عليه لأول مرة. الشرطة أوقفته بسبب سلوك مريب، وعثرت في سيارته على أدوات غريبة: قيود، حبل، قناع، عصا معدنية. تم الربط بينه وبين عدد من الجرائم، وسُجن. لكنه لم يستسلم. في عام 1977، هرب من المحكمة، ثم هرب مرة أخرى من السجن، بطريقة مدهشة، عبر ثقب في السقف.
بعد هروبه، ذهب إلى فلوريدا، حيث ارتكب واحدة من أفظع جرائمه: اقتحم سكنًا لطالبات الجامعة في منتصف الليل، وهاجم أربع فتيات، قتل اثنتين بعنف لا يوصف. ثم بعد أيام، اختطف فتاة صغيرة عمرها 12 عامًا تُدعى كيمبرلي ليش، وقتلها.
لكن الشرطة ألقت القبض عليه مجددًا في 1978. هذه المرة لم يفلت. تمت محاكمته، وجلس في قاعة المحكمة يدافع عن نفسه، مرتديًا بذلة، مبتسمًا للكاميرات، كأنه نجم. النساء كنّ يتهافتن لحضور الجلسات، بعضهن وقعن في غرامه، غير مصدقات أنه القاتل.
لكنه كان القاتل. الأدلة كانت دامغة. وفي 1980، صدر الحكم: الإعدام بالكهرباء.
قضى تيد باندي تسع سنوات في انتظار تنفيذ الحكم. خلال تلك الفترة، أجرى مقابلات، وكتب مذكرات، وبدأ بالكشف عن تفاصيل جرائمه، خاصة بعد أن أدرك أن موته قادم لا محالة. اعترف بقتل أكثر من 30 امرأة، لكن يعتقد أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير.
في 24 يناير 1989، تم تنفيذ الحكم. في سجن رايفورد بفلوريدا، جلس باندي على الكرسي الكهربائي، وانتهت بذلك حياة رجل حيّر أمريكا، رجل جمع بين الذكاء والوسامة والوحشية المطلقة.
تيد باندي لم يكن مجرد قاتل متسلسل. كان ظاهرة، كابوسًا ارتدى قناع الملاك، وصار رمزًا للشر المتخفي. قصته لا تزال تُروى، ليس فقط بسبب أفعاله، بل بسبب السؤال الذي لم يُجب عليه أبدًا: كيف يمكن لوجه جميل أن يخفي كل هذا الظلام؟
لم يكن تيد باندي مجرد قاتل عادي، بل كان يتمتع بدرجة من الذكاء والمكر جعلت المحققين يعترفون بأنهم أمام خصم فريد. كان يتمتع بقدرة عجيبة على التمثيل والخداع، لدرجة أنه استطاع خداع الأطباء النفسيين والمحامين وحتى بعض المحلفين. لكن خلف هذا الوجه الساحر، كان هناك اضطراب نفسي خطير.
تشير تحليلات العديد من المتخصصين في علم النفس إلى أن تيد باندي يعاني من اضطراب الشخصية النرجسية، وربما اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. كان يفتقد التعاطف، يشعر بتفوق دائم، ويعتقد أنه لا يُقهر. هذه الصفات جعلته لا يشعر بالندم إطلاقًا، حتى عندما كان يصف كيف قتل ضحاياه.
من بين ضحاياه: ليزا ليفي ومارغريت بومان، وهما طالبتان في جامعة ولاية فلوريدا، تعرضتا لهجوم وحشي أثناء نومهما، وتم قتلهما بآلة حادة. لم يكتفِ بقتلهما، بل هاجم فتاتين أخريين في الغرفة المجاورة، وتركهن بين الحياة والموت. بعدها بأيام، اختطف تيد باندي الطفلة كيمبرلي ليش، ذات الثانية عشر عامًا، وارتكب جريمة أقل ما توصف به أنها غير إنسانية.
الأمر المثير للجدل أيضًا هو ولع بعض النساء به خلال فترة محاكمته. تلقى مئات رسائل الإعجاب، وتم عرض الزواج عليه مرارًا، بل إنه تزوج من امرأة تُدعى كارول آن بون داخل قاعة المحكمة، أثناء محاكمته! لاحقًا، أنجبت منه طفلًا وهو في السجن، قبل أن تقطع علاقتها به بعد كشف تفاصيل جرائمه بالكامل.
الاهتمام الإعلامي الذي ناله تيد باندي كان هائلًا. ظهرت أفلام وثائقية عديدة، وأفلام سينمائية، آخرها من بطولة زاك إيفرون عام 2019، تناولت ازدواجية شخصيته بين الوسامة والوحشية. الكثيرون ما زالوا منبهرين بكيفية قدرة الإنسان على تمثيل البراءة وهو في الواقع ذئب مفترس.
رسائل باندي الأخيرة قبل إعدامه كانت مليئة بالتلاعب والتمثيل. لم يعترف بكل شيء، ولم يبدُ نادمًا، لكنه أبدى استعدادًا للحديث مقابل تأجيل الإعدام. في النهاية، لم يشفع له ذكاؤه، ولا وسامته، ولا مهاراته القانونية.
اليوم، لا تزال قصة تيد باندي تدرّس في كليات علم النفس والجريمة. كيف يمكن أن يعيش بيننا شخص بهذا القدر من السادية والخبث؟ كيف نعرف إن كان صديقنا أو زميلنا يخفي شيئًا مرعبًا خلف ابتسامته؟ هذه الأسئلة تلاحق كل من قرأ عن باندي، وتترك خلفها شعورًا دائمًا بعدم الأمان.
وُلد ثيودور روبرت باندي في 24 نوفمبر عام 1946، في بيرلينغتون، فيرمونت. نشأ في منزل جده الذي كان رجلاً صارمًا وعنيفًا، بينما أُخبر في صغره أن والدته هي شقيقته الكبرى. نشأ محاطًا بالأكاذيب والارتباك حول هويته. منذ صغره، أظهر باندي ميولًا غريبة؛ كان يحب مراقبة الناس خلسة، وسرقة الأشياء، وتعذيب الحيوانات الصغيرة.
رغم كل ذلك، بدا تيد شابًا طبيعيًا وناجحًا. التحق بالجامعة، ودرس علم النفس، وكان ذكيًا وجذابًا، يرتدي ملابس أنيقة، ويتحدث بثقة. كان يطمح أن يصبح محاميًا أو رجل سياسة. حتى أنه عمل لفترة في الحملة الانتخابية لأحد السياسيين الجمهوريين في سياتل.
لكن داخله كان يتعفن. بعد علاقة حب فاشلة مع امرأة من الطبقة الراقية، شعر باندي بالإهانة. تركته، وقالت له إنه ليس رجلًا يليق بها. هذا الجرح العاطفي شكّل نقطة التحول. أراد أن ينتقم، ليس منها فقط، بل من كل امرأة تشبهها.
بدأت أولى جرائمه في أوائل السبعينات. في البداية، كانت الفتيات يختفين دون أثر: طالبة من المكتبة، فتاة من موقف السيارات، شابة من حفل جامعي. كان يجذب ضحاياه بطريقة متقنة: يضع ذراعه في جبيرة، ويتظاهر بأنه بحاجة للمساعدة في حمل شيء إلى سيارته. كان يبدو ضعيفًا، وغير مؤذٍ، فيتطوعن لمساعدته.
لكن ما إن تدخل الضحية إلى السيارة، حتى تنقلب الأمور. كان يضربها بعصا معدنية، أو يخنقها حتى تفقد الوعي. ثم يأخذها إلى موقع معزول – غالبًا في الغابة – حيث يغتصبها، ويقتلها، وأحيانًا يحتفظ بالجثة لأيام، ليعود إليها لاحقًا ويمارس معها النيكروفيليا.
مع مرور الوقت، ازدادت جرأته. بدأ يقتحم المنازل، كما فعل في جريمة شاطئ "ليك ساماميش"، حيث اختطف فتاتين في وضح النهار. الشرطة كانت عاجزة. لم يكن هناك نمط واضح، والجثث كانت تظهر متناثرة في ولايات مختلفة: واشنطن، يوتا، كولورادو، وأخيرًا فلوريدا.
في عام 1975، تم القبض عليه لأول مرة. الشرطة أوقفته بسبب سلوك مريب، وعثرت في سيارته على أدوات غريبة: قيود، حبل، قناع، عصا معدنية. تم الربط بينه وبين عدد من الجرائم، وسُجن. لكنه لم يستسلم. في عام 1977، هرب من المحكمة، ثم هرب مرة أخرى من السجن، بطريقة مدهشة، عبر ثقب في السقف.
بعد هروبه، ذهب إلى فلوريدا، حيث ارتكب واحدة من أفظع جرائمه: اقتحم سكنًا لطالبات الجامعة في منتصف الليل، وهاجم أربع فتيات، قتل اثنتين بعنف لا يوصف. ثم بعد أيام، اختطف فتاة صغيرة عمرها 12 عامًا تُدعى كيمبرلي ليش، وقتلها.
لكن الشرطة ألقت القبض عليه مجددًا في 1978. هذه المرة لم يفلت. تمت محاكمته، وجلس في قاعة المحكمة يدافع عن نفسه، مرتديًا بذلة، مبتسمًا للكاميرات، كأنه نجم. النساء كنّ يتهافتن لحضور الجلسات، بعضهن وقعن في غرامه، غير مصدقات أنه القاتل.
لكنه كان القاتل. الأدلة كانت دامغة. وفي 1980، صدر الحكم: الإعدام بالكهرباء.
قضى تيد باندي تسع سنوات في انتظار تنفيذ الحكم. خلال تلك الفترة، أجرى مقابلات، وكتب مذكرات، وبدأ بالكشف عن تفاصيل جرائمه، خاصة بعد أن أدرك أن موته قادم لا محالة. اعترف بقتل أكثر من 30 امرأة، لكن يعتقد أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير.
في 24 يناير 1989، تم تنفيذ الحكم. في سجن رايفورد بفلوريدا، جلس باندي على الكرسي الكهربائي، وانتهت بذلك حياة رجل حيّر أمريكا، رجل جمع بين الذكاء والوسامة والوحشية المطلقة.
تيد باندي لم يكن مجرد قاتل متسلسل. كان ظاهرة، كابوسًا ارتدى قناع الملاك، وصار رمزًا للشر المتخفي. قصته لا تزال تُروى، ليس فقط بسبب أفعاله، بل بسبب السؤال الذي لم يُجب عليه أبدًا: كيف يمكن لوجه جميل أن يخفي كل هذا الظلام؟
لم يكن تيد باندي مجرد قاتل عادي، بل كان يتمتع بدرجة من الذكاء والمكر جعلت المحققين يعترفون بأنهم أمام خصم فريد. كان يتمتع بقدرة عجيبة على التمثيل والخداع، لدرجة أنه استطاع خداع الأطباء النفسيين والمحامين وحتى بعض المحلفين. لكن خلف هذا الوجه الساحر، كان هناك اضطراب نفسي خطير.
تشير تحليلات العديد من المتخصصين في علم النفس إلى أن تيد باندي يعاني من اضطراب الشخصية النرجسية، وربما اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. كان يفتقد التعاطف، يشعر بتفوق دائم، ويعتقد أنه لا يُقهر. هذه الصفات جعلته لا يشعر بالندم إطلاقًا، حتى عندما كان يصف كيف قتل ضحاياه.
من بين ضحاياه: ليزا ليفي ومارغريت بومان، وهما طالبتان في جامعة ولاية فلوريدا، تعرضتا لهجوم وحشي أثناء نومهما، وتم قتلهما بآلة حادة. لم يكتفِ بقتلهما، بل هاجم فتاتين أخريين في الغرفة المجاورة، وتركهن بين الحياة والموت. بعدها بأيام، اختطف تيد باندي الطفلة كيمبرلي ليش، ذات الثانية عشر عامًا، وارتكب جريمة أقل ما توصف به أنها غير إنسانية.
الأمر المثير للجدل أيضًا هو ولع بعض النساء به خلال فترة محاكمته. تلقى مئات رسائل الإعجاب، وتم عرض الزواج عليه مرارًا، بل إنه تزوج من امرأة تُدعى كارول آن بون داخل قاعة المحكمة، أثناء محاكمته! لاحقًا، أنجبت منه طفلًا وهو في السجن، قبل أن تقطع علاقتها به بعد كشف تفاصيل جرائمه بالكامل.
الاهتمام الإعلامي الذي ناله تيد باندي كان هائلًا. ظهرت أفلام وثائقية عديدة، وأفلام سينمائية، آخرها من بطولة زاك إيفرون عام 2019، تناولت ازدواجية شخصيته بين الوسامة والوحشية. الكثيرون ما زالوا منبهرين بكيفية قدرة الإنسان على تمثيل البراءة وهو في الواقع ذئب مفترس.
رسائل باندي الأخيرة قبل إعدامه كانت مليئة بالتلاعب والتمثيل. لم يعترف بكل شيء، ولم يبدُ نادمًا، لكنه أبدى استعدادًا للحديث مقابل تأجيل الإعدام. في النهاية، لم يشفع له ذكاؤه، ولا وسامته، ولا مهاراته القانونية.
اليوم، لا تزال قصة تيد باندي تدرّس في كليات علم النفس والجريمة. كيف يمكن أن يعيش بيننا شخص بهذا القدر من السادية والخبث؟ كيف نعرف إن كان صديقنا أو زميلنا يخفي شيئًا مرعبًا خلف ابتسامته؟ هذه الأسئلة تلاحق كل من قرأ عن باندي، وتترك خلفها شعورًا دائمًا بعدم الأمان.
لقد كان تيد باندي تجسيدًا حيًا للشرّ في أبسط أشكاله: رجل عادي... وجه جميل... وقلب مظلم.