قضية وفاة ياسين الشبلي داخل مخفر شرطة بنجري
قضية وفاة ياسين الشبلي داخل مخفر شرطة بنجرير تعتبر واحدة من القضايا الحساسة التي أثارت جدلاً واسعاً في المغرب، نظراً للظروف الغامضة المحيطة بالحادث والتي أثارت اتهامات بالتعذيب والإهمال.
فيما يلي سرد مفصل للقضية بناءً على المعلومات المتوفرة:
خلفية الحادث في أكتوبر 2022، توفي الشاب ياسين الشبلي، البالغ من العمر 25 سنة، داخل مخفر الشرطة بالمنطقة الإقليمية للأمن بمدينة بنجرير (إقليم الرحامنة)، أثناء خضوعه لتدابير الحراسة النظرية. تم توقيفه في الشارع العام بتاريخ 5 أكتوبر 2022، وفقاً لبلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، بتهمة السكر العلني، اعتراض سبيل المارة، وإثارة الضوضاء. في المقابل، تنفي عائلته هذه الرواية، مؤكدة أنه تم توقيفه أثناء تواجده مع صديقته في حديقة عمومية، دون أي مبرر واضح.
تفاصيل الواقعة
بعد توقيفه، تم اقتياد ياسين إلى مخفر الشرطة، حيث أفادت مصادر عائلته أنه تعرض لتعذيب شديد أثناء فترة الحراسة النظرية. وبحسب وصف شقيقته التي عاينت جثته في مستودع الأموات، كانت هناك آثار عنف واضحة على جسده، بما في ذلك وجه متورم، زرقة في إحدى العينين، دم متخثر في الأذن، كسر في الأنف، وانتفاخ في أسفل الجمجمة، مما يشير إلى تعرضه لضرب مبرح. تسجيلات كاميرات المراقبة، التي تم عرضها لاحقاً خلال جلسات المحاكمة، كشفت عن مشاهد صادمة وثقت تعنيفاً شديداً لياسين، حيث كان مصفد اليدين للخلف لمدة تزيد عن ثماني ساعات، وتعرض لضربات على الرأس وبين الفخذين أثناء تكبيله في وضعية غير إنسانية. وصف محامي العائلة، رشيد آيت بلعربي، هذه المشاهد بأنها تظهر "سلوكات عدوانية حاقدة" من قبل عناصر الشرطة، مؤكداً أن الضحية "دخل المخفر كبطل في فنون الحرب وخرج منه جثة هامدة".الرواية الرسميةفي المقابل، أصدر الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمراكش بلاغاً في ديسمبر 2022، نفى فيه أن تكون وفاة ياسين ناتجة عن ظروف توقيفه أو الصفعات التي تلقاها من عناصر الشرطة. وادعى البلاغ أن الوفاة نجمت عن رضوض تعرض لها الشبلي إثر إيذائه لنفسه وسقوطه المتكرر على الأرضية الصلبة بسبب حالة هيستيرية. هذه الرواية قوبلت بانتقادات شديدة من عائلة الضحية ومنظمات حقوقية، التي اعتبرتها محاولة للتستر على التعذيب.
الإجراءات القضائيةالتحقيق الأولي:
بعد الحادث، باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقاً بناءً على تعليمات النيابة العامة. تم تقديم خمسة من رجال الأمن أمام الوكيل العام للملك في ديسمبر 2022.
المتابعة القضائية:
المتابعة القضائية:
قرر الوكيل العام متابعة عنصرين من الأمن في حالة اعتقال بتهمة "استعمال العنف أثناء أداء الوظيفة والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن الإهمال وعدم التبصر"، بينما تمت متابعة عنصر ثالث في حالة سراح بتهمة مماثلة. كما تمت متابعة ضابط شرطة قضائية بشكل منفصل.
المحاكمة:
المحاكمة:
شهدت القضية عدة تأجيلات. في فبراير 2023، قضت المحكمة الابتدائية بمراكش بعدم الاختصاص في ملف ضابط الشرطة (ع.أ) وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف، التي ألغت هذا الحكم في أبريل 2023 وأعادت الملف إلى المحكمة الابتدائية. في أبريل 2025، أصدرت المحكمة الابتدائية ببنجرير أحكاماً متفاوتة:
براءة أحد المتهمين، وإدانة اثنين بعقوبات سجنية تراوحت بين سنتين ونصف وثلاث سنوات ونصف. كما أُدين ضابط شرطة في وقت سابق بخمس سنوات سجناً نافذاً.
تأييد الأحكام:
تأييد الأحكام:
في 3 يوليوز 2025، أيدت محكمة الاستئناف بمراكش الأحكام الابتدائية، حيث تم تأكيد السجن ثلاث سنوات ونصف لأحد المتهمين، وسنتين ونصف لآخر، مع تبرئة الثالث.
ردود الفعل عائلة الضحية:
ردود الفعل عائلة الضحية:
عبرت عائلة ياسين الشبلي عن استيائها الشديد من الأحكام، واصفة إياها بـ"غير المنصفة" و"مخيبة للآمال". أعلنت نيتها اللجوء إلى القضاء الدولي، وتحديداً لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، للمطالبة بتحقيق العدالة. كما نظمت العائلة وقفات احتجاجية للمطالبة بكشف الحقيقة، لكن بعض هذه الوقفات قوبلت بتدخل السلطات، مما أدى إلى توقيف شقيقي ياسين (سعيد وأيمن) في يونيو 2025، بتهمة الإخلال بالنظام العام.
المنظمات الحقوقية:
المنظمات الحقوقية:
طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنظمات أخرى بتحقيق معمق ومحاسبة المسؤولين. واعتبرت الأحكام الصادرة مخففة ولا تتناسب مع خطورة الجريمة.
الرأي العام: أثارت القضية غضباً شعبياً واسعاً، خاصة بعد تسريب صور وفيديوهات تظهر آثار العنف على جثة ياسين. اعتبر الكثيرون أن الحادث يمس بسمعة الأمن الوطني ويطرح تساؤلات حول احترام حقوق الإنسان داخل مراكز الاحتجاز.
التطورات الأخيرة
التطورات الأخيرة
في أبريل 2025، سمحت المحكمة لهيئة دفاع العائلة والـAMDH بمراجعة تسجيلات الكاميرات (من الأجهزة المحمولة لأفراد الشرطة ومراقبة داخلية). وأسفرت عن مشاهد مروعة تشمل إجبار الشبلي على الوقوف بأطراف أصابعه (وضعية "T") مكبّلًا ومرفوعًا على قضبان حديدية لأكثر من 8 ساعات، وتعرضه لضربات قوية على الرأس والفخذ، مما وصفه محاميه بـ"تعذيب حقيقي ووحشي ذو طابع سادي"
التحليل القانوني
التحليل القانوني
قضية ياسين الشبلي تثير عدة قضايا قانونية مهمة تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، وبالأخص التعذيب، والإجراءات القضائية في المغرب، ومدى الالتزام بالمعايير الدولية. فيما يلي تحليل قانوني للقضية:التعذيب والمعاملة اللاإنسانية:الإطار القانوني الدولي: المغرب طرف في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (CAT) منذ 1993، والتي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (المادة 1). كما تنص المادة 12 على وجوب إجراء تحقيق فوري ومحايد في حالات التعذيب المزعومة. تسجيلات الكاميرات التي كشفت عن إجبار ياسين على الوقوف في وضعية "T" لأكثر من 8 ساعات، مع الضرب المبرح، تُعتبر أدلة واضحة على التعذيب بموجب تعريف الاتفاقية، خاصة مع وصف المحامي لهذه الأفعال بـ"الوحشية ذات الطابع السادي".
القانون المغربي: الدستور المغربي (2011) يحظر التعذيب (المادة 22)، وينص قانون الإجراءات الجنائية (المادة 293) على أن أي إفادة تم الحصول عليها بالعنف أو الإكراه غير مقبولة كدليل. ومع ذلك، فإن توجيه اتهامات للشرطيين بـ"العنف البسيط" و"القتل غير العمد بالإهمال" بدلاً من "التعذيب" يُظهر فجوة في تطبيق القانون المحلي مقارنة بالمعايير الدولية.
الأدلة: تسجيلات كاميرات المراقبة (من الأجهزة المحمولة وكاميرات المخفر) التي عُرضت في أبريل 2025 تُعد دليلاً مادياً قوياً يدعم ادعاءات التعذيب. رفض الرواية الرسمية التي تزعم أن الوفاة نجمت عن إيذاء ذاتي يتعارض مع هذه الأدلة، مما يثير تساؤلات حول نزاهة التحقيق الأولي.
المعايير الدولية:
القانون المغربي: الدستور المغربي (2011) يحظر التعذيب (المادة 22)، وينص قانون الإجراءات الجنائية (المادة 293) على أن أي إفادة تم الحصول عليها بالعنف أو الإكراه غير مقبولة كدليل. ومع ذلك، فإن توجيه اتهامات للشرطيين بـ"العنف البسيط" و"القتل غير العمد بالإهمال" بدلاً من "التعذيب" يُظهر فجوة في تطبيق القانون المحلي مقارنة بالمعايير الدولية.
الأدلة: تسجيلات كاميرات المراقبة (من الأجهزة المحمولة وكاميرات المخفر) التي عُرضت في أبريل 2025 تُعد دليلاً مادياً قوياً يدعم ادعاءات التعذيب. رفض الرواية الرسمية التي تزعم أن الوفاة نجمت عن إيذاء ذاتي يتعارض مع هذه الأدلة، مما يثير تساؤلات حول نزاهة التحقيق الأولي.
المعايير الدولية:
اتفاقية مناهضة التعذيب تتطلب تحقيقات مستقلة ومحايدة. لكن التحقيق الأولي في قضية الشبلي أجري جزئياً من قبل أفراد من نفس المخفر الذي وقعت فيه الوفاة، مما يناقض مبدأ الاستقلالية ويثير شكوكاً حول الحياد.
الإجراءات القضائية:
الإجراءات القضائية:
متابعة الشرطيين بتهم مخففة (العنف و الإهمال) بدلاً من التعذيب تُظهر عدم الالتزام الكامل بالقانون الدولي، حيث كان يجب توجيه تهمة التعذيب بناءً على الأدلة المادية. كما أن تأخير المحاكمات وإصدار أحكام مخففة (2.5 إلى 3.5 سنوات لاثنين، و5 سنوات لضابط) يشير إلى تساهل محتمل، خاصة مع وجود أدلة واضحة على التعذيب.
حقوق الدفاع والشفافية:السماح للدفاع والجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراجعة التسجيلات في أبريل 2025 كان خطوة إيجابية، لكن تأخر عرض هذه الأدلة (بعد أكثر من عامين) يثير تساؤلات حول الشفافية. كما أن عدم إجراء فحوص طبية فورية بعد الوفاة، كما ينص القانون المغربي (المادة 88 من قانون الإجراءات الجنائية)، يشير إلى إخفاق في ضمان حقوق الضحية.
اللجوء إلى القضاء الدولي:
حقوق الدفاع والشفافية:السماح للدفاع والجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراجعة التسجيلات في أبريل 2025 كان خطوة إيجابية، لكن تأخر عرض هذه الأدلة (بعد أكثر من عامين) يثير تساؤلات حول الشفافية. كما أن عدم إجراء فحوص طبية فورية بعد الوفاة، كما ينص القانون المغربي (المادة 88 من قانون الإجراءات الجنائية)، يشير إلى إخفاق في ضمان حقوق الضحية.
اللجوء إلى القضاء الدولي:
عائلة ياسين أعلنت نيتها تقديم شكوى إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وهو خيار قانوني متاح بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تسمح بتقديم شكاوى فردية إذا فشلت الدولة في التحقيق أو تقديم العدالة. التسجيلات وشهادات العائلة تشكل أساساً قوياً للشكوى، لكن نجاحها يعتمد على قبول اللجنة للقضية واستجابة المغرب.
ردود الفعل الدوليةردود الفعل الدولية على قضية ياسين الشبلي كانت محدودة مقارنة بحجم القضية، لكن هناك بعض الإشارات المهمة:
ردود الفعل الدوليةردود الفعل الدولية على قضية ياسين الشبلي كانت محدودة مقارنة بحجم القضية، لكن هناك بعض الإشارات المهمة:
منظمة العفو الدولية (Amnesty International):
في أبريل وسبتمبر 2023، طالبت منظمة العفو الدولية بإجراء تحقيق محايد وشامل في وفاة ياسين، مشيرة إلى أن التحقيق الأولي لم يكن مستقلاً بسبب تورط أفراد من نفس المخفر. انتقدت المنظمة توجيه اتهامات بالعنف البسيط بدلاً من التعذيب، معتبرة أن الإجراءات القضائية لا تتماشى مع المعايير الدولية. دعت إلى محاسبة المسؤولين في محاكمة عادلة وتقديم تعويضات للعائلة.
لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (CAT):
لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (CAT):
لم تُصدر اللجنة بياناً محدداً بشأن قضية ياسين حتى يوليو 2025، لكن إعلان العائلة عن نيتها تقديم شكوى إلى اللجنة (أبريل 2025) يُظهر استناداً إلى سابقة قضايا أخرى ضد المغرب. على سبيل المثال، في 2022، قدمت منظمات حقوقية شكاوى نيابة عن مدافعين صحراويين، وأدانت اللجنة المغرب بسبب فشله في التحقيق في ادعاءات التعذيب. هذا يشير إلى أن شكوى عائلة الشبلي قد تُقبل إذا قدمت أدلة كافية مثل التسجيلات.
منظمات حقوقية أخرى:
منظمات حقوقية أخرى:
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (AMDH) لعبت دوراً بارزاً في القضية، حيث ساهمت في مراجعة التسجيلات ودعت إلى محاسبة صارمة. وصفت الأحكام بأنها "مخففة" ولا تعكس خطورة التعذيب الموثق.
لم تُصدر منظمات دولية أخرى مثل هيومن رايتس ووتش بيانات مباشرة حول القضية، لكن تقاريرها عن المغرب (مثل تقرير 2023) تشير إلى نمط من الإفلات من العقاب في قضايا التعذيب، مما يدعم الانتقادات الموجهة للتحقيق في قضية الشبلي.
الرأي العام الدولي:
لم تُصدر منظمات دولية أخرى مثل هيومن رايتس ووتش بيانات مباشرة حول القضية، لكن تقاريرها عن المغرب (مثل تقرير 2023) تشير إلى نمط من الإفلات من العقاب في قضايا التعذيب، مما يدعم الانتقادات الموجهة للتحقيق في قضية الشبلي.
الرأي العام الدولي:
منشورات على منصة X (مثل من @Karamzixer و@DouniaFilalitv) عكست غضباً دولياً محدوداً ولكنه ملحوظ، خاصة بين الناشطين الحقوقيين، الذين وصفوا الأحكام بـ"اللطيفة" واتهموا السلطات بالتهاون بسبب تورط الشرطة. هذه المنشورات، رغم أنها لا تُعتبر أدلة رسمية، تعكس شعوراً بالإحباط من الإفلات من العقاب.
تقييم عامل قانوني:
تقييم عامل قانوني:
القضية تكشف عن فجوات في النظام القضائي المغربي، خاصة في تصنيف التعذيب واستقلالية التحقيقات. تسجيلات الكاميرات تُعد دليلاً قوياً يدعم اتهامات العائلة، لكن الأحكام المخففة تشير إلى تحديات في تطبيق القانون المحلي والدولي. اللجوء إلى لجنة مناهضة التعذيب قد يكون خطوة فعالة إذا تم دعمه بأدلة قوية.
ردود الفعل الدولية، بقيادة منظمة العفو الدولية، تركز على ضرورة التحقيق المستقل والمحاسبة. محدودية الاستجابة الدولية الأوسع قد تعود إلى أولويات حقوقية أخرى أو نقص الضغط الدبلوماسي. شكوى العائلة إلى الأمم المتحدة قد ترفع مستوى الاهتمام الدولي إذا تم قبولها.
ردود الفعل الدولية، بقيادة منظمة العفو الدولية، تركز على ضرورة التحقيق المستقل والمحاسبة. محدودية الاستجابة الدولية الأوسع قد تعود إلى أولويات حقوقية أخرى أو نقص الضغط الدبلوماسي. شكوى العائلة إلى الأمم المتحدة قد ترفع مستوى الاهتمام الدولي إذا تم قبولها.