في أحد أحياء القاهرة الراقية، وتحديدًا بمدينة الرحاب، وقعت جريمة أثارت الرأي العام المصري والعربي لغرابتها وغموضها وتفاصيلها المتداخلة. كانت البداية في صيف عام 2018، حين بدأت رائحة كريهة تنتشر من إحدى الفيلات بالمرحلة الثانية في الرحاب، ومع مرور الوقت لم يعد بإمكان الجيران تجاهل الأمر، فتم إبلاغ الأمن والإدارة المسؤولة. دخلت قوات الشرطة والنيابة إلى الفيلا ليُكشف الستار عن واحدة من أبشع الحوادث التي شهدتها المدينة، حيث وُجدت جثث خمسة أفراد من أسرة واحدة: الأب، الأم، وأبناؤهم الثلاثة، مصابين بطلقات نارية متفرقة، وغارقين في دمائهم داخل غرف متفرقة بالفيلا. كانت الجثث في مراحل تحلل متقدمة، ما دلّ على مرور أكثر من 3 أيام على الحادث.
رب الأسرة يدعى عماد سعد، عمره 56 عامًا، وكان يعمل في مجال المقاولات. لم يكن مشهورًا بشكل عام، لكنه كان معروفًا في نطاق ضيق في مجاله. تزوج من وفاء فوزي، وهي سيدة في الأربعينات من عمرها، وكان له منها ثلاثة أبناء: محمد، طالب بكلية الحقوق، ونورهان، طالبة جامعية، وعبد الرحمن، طالب في الثانوية. حسب شهادة أقاربه، كان عماد شخصية غامضة بعض الشيء، لا يتحدث كثيرًا عن تفاصيل حياته أو علاقاته، ويعيش في مستوى معيشي مرتفع رغم حديث متكرر عن مديونيات وقضايا مالية مرفوعة ضده.
بمجرد اكتشاف الجثث، بدأت التحقيقات. عثرت الشرطة بجانب جثة الأب على مسدس يبدو أنه استخدم في الحادث، ومعه 11 فارغ طلقة رصاص في أرجاء متفرقة من المنزل. الجريمة بدت في البداية انتحارًا جماعيًا أو قيام الأب بقتل أفراد أسرته ثم الانتحار، وهو ما عززته بعض الشواهد الأولية. لكن مع تقدم التحقيقات بدأت تبرز تناقضات حقيقية في الرواية. الجيران لم يسمعوا أي طلقات نارية رغم أن الحي هادئ جدًا، ولم تُسجل الكلاب البوليسية أي علامات على دخول غريب، كما أن الكلب الخاص بالأسرة لم ينبح في أيام الحادثة، ما جعل فكرة أن الجريمة ارتكبت من داخل المنزل أو على يد أحد معروف للعائلة أكثر ترجيحًا.
بحسب التحقيقات، كان عماد يعاني من أزمة مالية خانقة. تراكمت عليه ديون تتجاوز مليون جنيه، وعدة أوامر ضبط وإحضار كانت تنتظره. كما ظهر أن علاقاته في الوسط المالي كانت متوترة، وهناك قضايا نصب واحتيال سابقة. وبحسب أقوال أحد الشهود، فقد كان عماد قد عرض أكثر من مرة بعض القطع الأثرية للبيع لأشخاص من داخل مصر وخارجها، ما يفتح باب الشك حول علاقاته بعصابات تهريب آثار. إحدى الفرضيات التي تناولها فريق البحث الجنائي هي أن تكون هذه التجارة قد وصلت إلى مرحلة صدام مع شركاء أو وسطاء، ما أدى إلى قتله وقتل أسرته.
لكن التقارير الجنائية والطب الشرعي أعادت الأمور إلى المربع الأول. تقرير اللجنة الثلاثية للطب الشرعي التي كلفها النائب العام أكد أن الطلقات التي أصيب بها الأب يمكن أن تكون قد أُطلقت منه على نفسه، رغم غرابة وجود ثلاث طلقات، إحداها في الرأس. وجدت اللجنة أن مسار الرصاصات، وزاوية الإصابة، وموضع السلاح تؤكد احتمالية الانتحار. الجثث لم تكن بها آثار مقاومة، ولم يظهر أي تكسير أو عنف في الأبواب أو النوافذ. هواتف الأسرة توقفت عن استقبال الرسائل والمكالمات في وقت متقارب، وأغلق هاتف الأب بعدهم بساعات. الخزنة الخاصة بهم لم تُفتح بالقوة، ولم تُسرق المصوغات أو الأموال.
كل هذه التفاصيل دفعت النيابة العامة لاحقًا لحفظ القضية واعتبارها جريمة قتل منتحر، أي أن الأب أقدم على قتل زوجته وأولاده ثم انتحر بسبب الضغوط المالية والاجتماعية. لكن هذا القرار لم يُرضِ أقارب العائلة، خاصة من جهة الزوجة، الذين شككوا في رواية الانتحار. قالوا إن عماد قد يكون قد تعرّض للقتل وتم التلاعب بالجريمة لتبدو وكأنها انتحار، خاصة مع تعدد خصومه وتاريخ الديون والملاحقات القانونية التي كان يعاني منها. كما أشاروا إلى أن وضع الجثث في أماكن متفرقة في الفيلا يوحي بأن القتل تم على مراحل وليس بشكل لحظي كما يحدث في الانتحار المتسلسل.
لكن مع مرور الوقت، تراجعت التغطية الإعلامية، وحُفظت القضية رسميًا كحادثة انتحار وانتهى بها الأمر ضمن قضايا "ضد مجهول" رغم ضبابيتها. البعض ما زال يرى أنها جريمة حقيقية وتم التستر عليها، بينما آخرون يعتبرونها فعلًا مأساويًا لرجل انهار أمام ديونه وخشي على أسرته من الضياع فقرر أن يأخذهم معه.
هكذا بقيت مذبحة الرحاب علامة استفهام مفتوحة، وصورة من صور الغموض في جرائم الأسر داخل الطبقة الراقية، حيث لا شيء يبدو كما هو، والبيوت المغلقة تخفي أحيانًا ما لا يصدقه عقل.
رب الأسرة يدعى عماد سعد، عمره 56 عامًا، وكان يعمل في مجال المقاولات. لم يكن مشهورًا بشكل عام، لكنه كان معروفًا في نطاق ضيق في مجاله. تزوج من وفاء فوزي، وهي سيدة في الأربعينات من عمرها، وكان له منها ثلاثة أبناء: محمد، طالب بكلية الحقوق، ونورهان، طالبة جامعية، وعبد الرحمن، طالب في الثانوية. حسب شهادة أقاربه، كان عماد شخصية غامضة بعض الشيء، لا يتحدث كثيرًا عن تفاصيل حياته أو علاقاته، ويعيش في مستوى معيشي مرتفع رغم حديث متكرر عن مديونيات وقضايا مالية مرفوعة ضده.
بمجرد اكتشاف الجثث، بدأت التحقيقات. عثرت الشرطة بجانب جثة الأب على مسدس يبدو أنه استخدم في الحادث، ومعه 11 فارغ طلقة رصاص في أرجاء متفرقة من المنزل. الجريمة بدت في البداية انتحارًا جماعيًا أو قيام الأب بقتل أفراد أسرته ثم الانتحار، وهو ما عززته بعض الشواهد الأولية. لكن مع تقدم التحقيقات بدأت تبرز تناقضات حقيقية في الرواية. الجيران لم يسمعوا أي طلقات نارية رغم أن الحي هادئ جدًا، ولم تُسجل الكلاب البوليسية أي علامات على دخول غريب، كما أن الكلب الخاص بالأسرة لم ينبح في أيام الحادثة، ما جعل فكرة أن الجريمة ارتكبت من داخل المنزل أو على يد أحد معروف للعائلة أكثر ترجيحًا.
بحسب التحقيقات، كان عماد يعاني من أزمة مالية خانقة. تراكمت عليه ديون تتجاوز مليون جنيه، وعدة أوامر ضبط وإحضار كانت تنتظره. كما ظهر أن علاقاته في الوسط المالي كانت متوترة، وهناك قضايا نصب واحتيال سابقة. وبحسب أقوال أحد الشهود، فقد كان عماد قد عرض أكثر من مرة بعض القطع الأثرية للبيع لأشخاص من داخل مصر وخارجها، ما يفتح باب الشك حول علاقاته بعصابات تهريب آثار. إحدى الفرضيات التي تناولها فريق البحث الجنائي هي أن تكون هذه التجارة قد وصلت إلى مرحلة صدام مع شركاء أو وسطاء، ما أدى إلى قتله وقتل أسرته.
لكن التقارير الجنائية والطب الشرعي أعادت الأمور إلى المربع الأول. تقرير اللجنة الثلاثية للطب الشرعي التي كلفها النائب العام أكد أن الطلقات التي أصيب بها الأب يمكن أن تكون قد أُطلقت منه على نفسه، رغم غرابة وجود ثلاث طلقات، إحداها في الرأس. وجدت اللجنة أن مسار الرصاصات، وزاوية الإصابة، وموضع السلاح تؤكد احتمالية الانتحار. الجثث لم تكن بها آثار مقاومة، ولم يظهر أي تكسير أو عنف في الأبواب أو النوافذ. هواتف الأسرة توقفت عن استقبال الرسائل والمكالمات في وقت متقارب، وأغلق هاتف الأب بعدهم بساعات. الخزنة الخاصة بهم لم تُفتح بالقوة، ولم تُسرق المصوغات أو الأموال.
كل هذه التفاصيل دفعت النيابة العامة لاحقًا لحفظ القضية واعتبارها جريمة قتل منتحر، أي أن الأب أقدم على قتل زوجته وأولاده ثم انتحر بسبب الضغوط المالية والاجتماعية. لكن هذا القرار لم يُرضِ أقارب العائلة، خاصة من جهة الزوجة، الذين شككوا في رواية الانتحار. قالوا إن عماد قد يكون قد تعرّض للقتل وتم التلاعب بالجريمة لتبدو وكأنها انتحار، خاصة مع تعدد خصومه وتاريخ الديون والملاحقات القانونية التي كان يعاني منها. كما أشاروا إلى أن وضع الجثث في أماكن متفرقة في الفيلا يوحي بأن القتل تم على مراحل وليس بشكل لحظي كما يحدث في الانتحار المتسلسل.
لكن مع مرور الوقت، تراجعت التغطية الإعلامية، وحُفظت القضية رسميًا كحادثة انتحار وانتهى بها الأمر ضمن قضايا "ضد مجهول" رغم ضبابيتها. البعض ما زال يرى أنها جريمة حقيقية وتم التستر عليها، بينما آخرون يعتبرونها فعلًا مأساويًا لرجل انهار أمام ديونه وخشي على أسرته من الضياع فقرر أن يأخذهم معه.
هكذا بقيت مذبحة الرحاب علامة استفهام مفتوحة، وصورة من صور الغموض في جرائم الأسر داخل الطبقة الراقية، حيث لا شيء يبدو كما هو، والبيوت المغلقة تخفي أحيانًا ما لا يصدقه عقل.