مأساة الشاب مينا موسى: فخ الوظيفة الذي انتهى بجريمة بشعة هزّت مصر

تفاصيل استدراج وقتل مينا موسى بعد خداعه بإعلان عمل وهمي في القاهرة

صورة حقيقية للشاب مينا موسى

 في أواخر سبتمبر من عام 2024، خرج الشاب مينا موسى، ابن محافظة المنيا، وتحديدًا من مركز ملوي، متجهًا إلى القاهرة. كان مينا شابًا في أوائل العشرينات، يعمل ممرضًا ويبحث عن فرصة عمل تُحسن من وضعه المعيشي وتساعد أسرته. تلقى عرضًا مغريًا عبر الإنترنت لوظيفة في إحدى العيادات الخاصة بالقاهرة. الراتب كان جيدًا، والوظيفة تبدو مناسبة لتخصصه في مجال التمريض أو العلاج الطبيعي.
بروح الأمل، غادر مينا بلدته متجهًا إلى العاصمة. لم يكن يعلم أن هذا العرض مجرد فخ شيطاني، وأنه على وشك أن يقع ضحية واحدة من أبشع الجرائم التي عرفها الشارع المصري في السنوات الأخيرة.
حين وصل مينا إلى العنوان المحدد، وتحديدًا في منطقة الزاوية الحمراء، استُدرج إلى داخل شقة مغلقة بحجة المقابلة الشخصية. لكن سرعان ما تكشفت الحقيقة. داخل الشقة، كان في انتظاره رجلان: أحدهما يُدعى مصطفى، ممرض يبلغ من العمر 36 عامًا، والآخر يُدعى إبراهيم، عامل مطاعم في الأربعينات من عمره.
قاما باحتجازه عنوة، وقيداه، ثم تواصلا مع أسرته وطالبا بفدية مالية بلغت حوالي 150 ألف جنيه، مدعين أنه محتجز لديهم. الأسرة، المصدومة، حاولت التواصل معه، لكن المتهمين كانوا يتحكمون بكل شيء. وعندما حاول مينا الهروب أو ربما التفاوض، قررا التخلص منه. قُتل الشاب بدم بارد داخل الشقة، في جريمة حملت طابعًا وحشيًا.
ولم يكتفِ القاتلان بذلك. فقد قاما بتقطيع جثته إلى أجزاء، وتوزيعها في أماكن متفرقة، حيث ألقيا بعض الأشلاء في ترعة الإسماعيلية، وجزءًا آخر في مكب نفايات بمنطقة الزاوية. كانت جريمة لا تخطر على بال، بكل تفاصيلها القاسية.
في اليوم التالي، بدأت أسرة مينا إجراءات الإبلاغ عن اختفائه، وبدأت الشرطة التحريات. وخلال أيام، بدأت تظهر خيوط. تم العثور على أجزاء من جثة في مناطق مختلفة، من بينها ذراع وقدمان. أُرسلت العينات لتحليل الحمض النووي، وكانت النتيجة: إنها تعود للشاب مينا موسى.
في وقت قصير، تمكنت أجهزة الأمن من القبض على المتهمين الاثنين. وأثناء التحقيق، اعترفا بالجريمة كاملة، وشرحا كيف استدرجاه عبر إعلان عمل وهمي، وخططا لخطفه من البداية، وبعدها قتلاه حينما فشلوا في الحصول على الفدية.
أُحيل المتهمان للنيابة العامة، التي وجهت إليهما تهمًا متعددة: الخطف، القتل العمد، طلب فدية، وإخفاء الجثة. كما طالب محامي أسرة مينا بإضافة تهمة الاتجار بالبشر أو بالأعضاء البشرية، نظرًا للطريقة البشعة التي قُطعت بها الجثة.
في 22 ديسمبر 2024، أحالت محكمة جنايات شمال القاهرة أوراق المتهم الأول إلى المفتي، تمهيدًا لإصدار حكم الإعدام، بينما تم توصيف المؤبد للمتهم الثاني. وبعد شهرين تقريبًا، وفي 26 فبراير 2025، صدر الحكم النهائي:
الإعدام شنقًا للمتهم الأول مصطفى
والسجن المؤبد للثاني إبراهيم
كان ذلك بمثابة انتصار مؤلم لعائلة مينا، التي لم يكن شيء سيعوّضها عن فقدان ابنها، ولكنها شعرت بقدر من العدالة وقد أُنجز القصاص.
أُقيمت جنازة مهيبة في محافظة المنيا، شارك فيها المئات من الأهالي، يتقدمهم أسقف ملوي وممثلون عن الكنيسة. تم دفن ما أمكن العثور عليه من أشلاء مينا في مراسم جنائزية حزينة.
انتشرت القصة كالنار في الهشيم، وشغلت الرأي العام المصري، وخرجت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بتحقيق العدالة لمينا، تحت وسم:
#حق_مينا_لازم_يرجع
وكانت هذه الجريمة تذكيرًا صادمًا بضرورة التعامل بحذر مع عروض العمل المجهولة، وبأهمية تعزيز الردع ضد جرائم الخطف والقتل.

تعليقات