مأساة مشرع بلقصيري: ضابط شرطة يقتل زملاءه في 2013

حسن البلوطي: تفاصيل الجريمة التي هزت المغرب

مقدمة
في مارس 2013، شهدت مدينة مشرع بلقصيري، الواقعة في إقليم سيدي قاسم بالمغرب، حادثة مأساوية هزت الرأي العام المغربي، حيث أقدم ضابط شرطة يُدعى حسن البلوطي على قتل ثلاثة من زملائه داخل مفوضية الشرطة باستخدام سلاحه الوظيفي. هذه الجريمة، التي وُصفت بأنها "فاجعة بلقصيري"، أثارت جدلاً واسعاً حول الأسباب التي دفعت الشرطي إلى ارتكاب هذا الفعل البشع، وظروف العمل داخل الجهاز الأمني، والوضع النفسي والاجتماعي للأفراد العاملين فيه. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل القصة الكاملة، مستندين إلى المعلومات المتوفرة من مصادر موثوقة، مع محاولة فهم السياق والدوافع وراء هذه الجريمة.
خلفية الحادثة
مشرع بلقصيري هي مدينة صغيرة تُعرف بكونها مركزاً لإنتاج السكر في المغرب، لكنها غالباً ما كانت بعيدة عن أضواء الإعلام حتى وقوع هذه الحادثة. في صباح يوم 11 مارس 2013، دخل الشرطي حسن البلوطي، وهو ضابط برتبة مفتش شرطة، إلى مفوضية الشرطة في المدينة. كان البلوطي يحمل سلاحه الوظيفي، وفي لحظة غير متوقعة، أطلق النار على ثلاثة من زملائه، مما أدى إلى مقتلهم على الفور. الضحايا كانوا يعملون في نفس المفوضية، وهم: اثنان من أعوان الأمن ورئيس المفوضية، الذي كان يُشار إليه في بعض التعليقات بـ"الكوميسير كبير الكرش"، وهو لقب يعكس استياء البعض من تصرفاته.بعد ارتكاب الجريمة، لم يحاول البلوطي الفرار، بل سلم نفسه للسلطات، مما أثار تساؤلات حول دوافعه. هل كان هذا الفعل نتيجة لحظة انفعال؟ أم أن هناك خلفيات أعمق تتعلق بظروف العمل أو علاقاته مع زملائه ورؤسائه؟ هذه الأسئلة كانت محور التحقيقات التي أعقبت الحادثة.
التحقيقات الأولية
في 12 مارس 2013، بدأ المحققون الاستماع إلى حسن البلوطي لفهم ملابسات الجريمة. وفقاً لتقارير إعلامية، أُحيل المتهم إلى المحكمة العسكرية لاحقاً، نظراً لطبيعة الجريمة التي ارتكبها شرطي ضد زملائه أثناء أداء واجبهم. خلال التحقيقات، أشار البلوطي إلى وجود خلافات شخصية مع رئيس المفوضية، الذي كان أحد الضحايا. ووفقاً لبعض التعليقات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي آنذاك، كان هذا الخلاف يتعلق بقضية إفراج عن سيارة محتجزة تحتوي على مخدرات، حيث زُعم أن رئيس المفوضية أفرج عنها مقابل رشوة، مما أثار استياء البلوطي وزملائه.ومع ذلك، لم تكن هذه الرواية كافية لتبرير قتل ثلاثة أشخاص، خاصة أن الضحايا الآخرين لم يكونوا طرفاً مباشراً في الخلاف. هذا دفع البعض إلى التساؤل: لماذا لم يوجه البلوطي غضبه نحو رئيسه فقط؟ ولماذا تورط زملاؤه الآخرون؟ إحدى الروايات تشير إلى أن الضحايا الآخرين حاولوا التدخل لتهدئة الموقف، لكنهم أصبحوا ضحايا غضبه.
ردود الفعل والتعليقات العامة
أثارت الحادثة موجة من الجدل في الأوساط المغربية، سواء بين عامة الناس أو داخل الجهاز الأمني. كثيرون عبروا عن صدمتهم وحزنهم لفقدان ثلاثة من رجال الأمن، مقدمين تعازيهم لأسرهم واصفين إياهم بـ"شهداء الواجب". في الوقت نفسه، ظهرت تعليقات أخرى تنتقد الجهاز الأمني ككل، مشيرة إلى قضايا مثل الفساد في التوظيف، وسوء التعامل بين الرؤساء والمرؤوسين، وظروف العمل الصعبة التي قد تؤثر على الحالة النفسية للشرطيين.على سبيل المثال، أشار أحد المعلقين إلى أن الفساد يطغى على عملية التوظيف في الأمن الوطني، حيث يُزعم أن الرتب تُشترى بمبالغ مالية كبيرة، مما يزرع بذور الفساد منذ البداية. كما أشار آخرون إلى أن الضغوط النفسية والاجتماعية التي يعاني منها الشرطيون، مثل ساعات العمل الطويلة والتعامل مع قضايا معقدة، قد تكون ساهمت في انهيار البلوطي نفسياً.من ناحية أخرى، دافع البعض عن سمعة الجهاز الأمني، مشيرين إلى أن هناك أفراداً شرفاء يعملون بجد ونزاهة. وكمثال، ذكر أحد المعلقين قصة شرطي في مطار محمد الخامس تصرف بإنسانية تجاه معتقلين، مما يظهر أن هناك جانباً إيجابياً في الجهاز الأمني لا ينبغي إغفاله.
الحكم القضائي ومصير حسن البلوطي
في 15 مارس 2013، أمر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، عزيز التفاحي، بإيداع حسن البلوطي السجن المحلي بالقنيطرة. وبعد محاكمة، حُكم على البلوطي بالسجن المؤبد بتهمة القتل العمد. ظل البلوطي في السجن حتى يناير 2017، عندما أعلنت إدارة السجن المركزي بالقنيطرة عن وفاته إثر سكتة قلبية في مصحة المؤسسة السجنية. لم تُنشر تفاصيل إضافية عن ظروف وفاته، لكن هذا الحدث أنهى فصلاً...
تعليقات