نصب مقاول على 18 عائلة متضررة من زلزال الحوز

  تفاصيل قضية النصب على متضرري زلزال الحوز

بعد زلزال الحوز المدمر الذي ضرب وسط المغرب في الثامن من سبتمبر 2023، واجه المتضررون تحديات كبيرة لإعادة بناء حياتهم ومنازلهم التي دمرها الزلزال. وسط هذه الأزمة، ظهرت قضية نصب واحتيال استهدفت 18 عائلة من المتضررين، مما زاد من معاناتهم. الحادثة بدأت عندما استغل مقاولون الوضع الصعب للأسر المنكوبة، حيث تلقت هذه الأسر دعماً مالياً من الدولة لإعادة بناء منازلهم. المقاول الرئيسي المتهم، القاطن بدوار بوزوك أيت ملو، قام بالنصب على 14 مستفيداً من دوار تغزوت بجماعة إمكدال و4 مستفيدين من دوار تنمل بجماعة ثلاث نيعقوب. هؤلاء الضحايا سلموا المقاول مبالغ مالية كدفعة أولى من الدعم الحكومي، الذي كان يبلغ 20,000 درهم لكل أسرة، لكنه أخل بالتزاماته، إما بترك الأعمال دون إتمامها أو بعدم البدء بها أصلاً، دون احترام الضوابط التقنية للبناء.القضية أثارت استياءً واسعاً، خاصة أن الأهالي كانوا في وضع هش، يعيشون في خيام تحت ظروف مناخية قاسية، خاصة مع حلول الشتاء وانخفاض درجات الحرارة. النائبة البرلمانية عائشة الكوط، من حزب العدالة والتنمية، سلطت الضوء على هذه الواقعة من خلال سؤال كتابي وجهته إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، مستفسرة عن الإجراءات المتخذة للتحقيق في هذه العملية غير المقبولة وحماية المتضررين من تكرار مثل هذه الحوادث. في رده، أكد الوزير أن السلطات رصدت ثلاثة مقاولين متورطين في عمليات النصب. أحدهم تم اعتقاله من قبل الدرك الملكي في أيت ملول بتهمة "خيانة الأمانة" و"إنجاز أشغال بناء دون احترام الضوابط التقنية"، بينما لا يزال الآخران موضوع مذكرات بحث. أحد هؤلاء المقاولين، القاطن بدوار تاسا ويركان بجماعة ويركان، أخل بالتزاماته مع مستفيدين من دوار العرب بجماعة أسني، وهو الآن هارب. المقاول الثالث، من بني ملال، تورط في النصب على تسعة مستفيدين من دواوير تنزرت ومريغة العليا والعزيب، وتمت دعوة الضحايا لتقديم شكاوى فردية لدى النيابة العامة لمتابعة القضية قانونياً.في سياق متصل، كشفت التحقيقات عن تورط مسؤولين محليين في القضية. في فبراير 2025، أوقفت مصالح الدرك الملكي بأمزميز مقاولاً ونائب رئيس مجلس جماعة أمغراس وموظفاً آخر بالجماعة، للاشتباه في تورطهم في عمليات نصب طالت أكثر من 30 أسرة، بقيمة مالية تقدر بحوالي 120 مليون سنتيم. هذه العملية شملت إعداد عقود وهمية وتزوير توقيعات للاستيلاء على التعويضات المخصصة للمتضررين. نتيجة لذلك، أصدرت المحكمة الابتدائية بمراكش حكماً بالسجن ثلاثة أشهر نافذة ضد النائب الجماعي، كما صدر قرار إداري بعزله من منصبه. كذلك، تم عزل مقدم قروي بدوار مريغة بجماعة ويركان في ديسمبر 2024، بعد ثبوت تورطه في ابتزاز المتضررين مقابل وعود كاذبة بالتدخل لضمان حصولهم على الدعم.السلطات المحلية حثت المقاولين المتورطين على إعادة الأموال أو استكمال الأعمال، وشجعت الضحايا على تقديم شكاوى رسمية لتفعيل الإجراءات القانونية. وزير الداخلية شدد على أن السلطات ستتخذ إجراءات تأديبية صارمة ضد أي شخص يثبت تورطه، سواء كان مقاولاً أو موظفاً عاماً، لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث. كما دعا المواطنين إلى التعامل فقط مع جهات رسمية ومعتمدة لتجنب الوقوع ضحية النصب. لكن بالنسبة للضحايا، يبقى السؤال المؤلم: من سيعيد الأموال التي سُرقت؟ الأسر المتضررة، التي فقدت الدفعة الأولى من الدعم، لم تتمكن من استلام الدفعات التالية بسبب شروط استكمال البناء، مما تركهم في ظروف معيشية صعبة، خاصة مع استمرار العيش في خيام تواجه البرد والأمطار.هذه القضية أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط المغربية، حيث عبر نشطاء ومواطنون عن غضبهم من استغلال كارثة إنسانية لتحقيق مكاسب شخصية. منتصر إتري، عضو التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز، أكد أن هذه الحوادث تتماشى مع تحذيرات التنسيقية منذ فترة، مشيراً إلى أن بعض المقاولين بدأوا الأعمال ثم توقفوا في منتصف الطريق، تاركين الأسر تحت رحمة الظروف القاسية. الناشط سعيد آيت مهدي، رئيس التنسيقية، واجه هو الآخر متابعة قضائية بتهمة "التشهير" بعد انتقاده طريقة إدارة السلطات لتبعات الزلزال، وحُكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر في يناير 2025. هذه القضية لم تكن الأولى من نوعها، إذ سبق أن تلقت السلطات شكاوى مشابهة من مناطق أخرى متضررة، مما يكشف عن تحديات كبيرة في مراقبة عمليات إعادة الإعمار وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه بشكل عادل وشفاف.
تعليقات