خطاب عيد العرش 2025: تركيز على الماء والصحراء

الملك يركز على الأمن المائي ويغفل غزة 

خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش جاء مركزًا على قضايا استراتيجية تعكس رؤية طويلة الأمد لتنمية المغرب وتعزيز استقراره. من أبرز المحاور التي تناولها جلالته قضية الموارد المائية، حيث أكد على أهمية مواجهة أزمة الجفاف التي تهدد الأمن المائي للبلاد. دعا إلى ترشيد استهلاك الماء وحماية الملك العام المائي، مع التشديد على تفعيل آليات رقابية صارمة للحد من الاستغلال العشوائي للمياه. كما ربط جلالته بين السياسة المائية والفلاحية، مشيرًا إلى ضرورة تنسيق أفضل بينهما لضمان الأمن الغذائي، وهي نقطة حيوية نظرًا لتأثيرها المباشر على الحياة الريفية والاقتصاد الوطني.كذلك، تناول الخطاب قضية الصحراء المغربية، حيث جدد جلالته التأكيد على موقف المغرب الثابت في دعم مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع، معبرًا عن تقديره للدعم الدولي المتزايد لهذا الموقف، وخص بالذكر دولًا مثل المملكة المتحدة والبرتغال لدعمهما البناء. أكد جلالته على حرص المغرب على إيجاد حل توافقي يحفظ كرامة جميع الأطراف، مما يعكس نهجًا دبلوماسيًا يسعى للاستقرار الإقليمي.
من المحاور البارزة أيضًا، التزام المغرب بالعلاقات الأخوية مع الجزائر، حيث عبر جلالته عن تمسكه بمد يد التعاون للشعب الجزائري الشقيق، مشددًا على الروابط الإنسانية والتاريخية التي تجمع البلدين، رغم التحديات السياسية القائمة. هذا الموقف يعكس رغبة في تهدئة التوترات وفتح آفاق للحوار.
أما بخصوص الإنجازات، فقد أشار الخطاب إلى التقدم المحرز خلال 26 عامًا من الحكم، مع التركيز على الإصلاحات المؤسساتية وتعزيز الهوية المغربية. كما تضمن الخطاب إعلان العفو الملكي عن أكثر من 2400 شخص، وهي خطوة رمزية تحمل دلالات التسامح في هذه المناسبة الوطنية.لكن، كما أشرتَ، لم يتطرق الخطاب إلى القضية الفلسطينية أو غزة على الإطلاق، وهو ما قد يثير استغراب الشارع المغربي، نظرًا لأهمية هذه القضية في الوجدان الشعبي. فالشعب المغربي يتابع بقلق بالغ ما يحدث في غزة من عنف وحصار، وكان يتوقع إشارة ولو رمزية تعبر عن التضامن أو تدين الانتهاكات، خاصة بعد المواقف السابقة للمغرب التي تميزت بدعم إنساني وسياسي للقضية الفلسطينية. غياب هذا الموضوع قد يُفسر بأن الخطاب ركز على القضايا الداخلية والإقليمية ذات الأولوية الاستراتيجية، لكنه ترك فراغًا لدى من كانوا ينتظرون موقفًا صريحًا حول غزة.كذلك، هناك مواضيع أخرى كان الشعب يتطلع إلى تناولها بشكل أعمق. على سبيل المثال، الوضع الاجتماعي والاقتصادي، مثل ارتفاع الأسعار والبطالة، لم يحظَ بإشارة مباشرة توضح خططًا ملموسة لمعالجته، رغم أن هذه المشكلات تؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين. قضايا التعليم والصحة، التي تُعد من أولويات الشعب، لم تكن حاضرة بشكل بارز أيضًا، مما قد يُشعر البعض بأن الخطاب كان موجهًا أكثر نحو السياسات الكبرى على حساب الهموم اليومية.ردود الفعل الشعبية، كما يمكن استشفافها من بعض التعليقات على منصات التواصل مثل إكس، تُظهر خليطًا من التقدير للخطاب لتركيزه على قضايا مثل الماء والصحراء، مع بعض الإحباط لغياب تناول قضايا مثل غزة أو المشكلات الاقتصادية الملحة. هذا الإحباط قد يعكس توقعات الشارع المغربي بأن يعالج الخطاب قضايا إنسانية وعاجلة تحظى بتعاطف شعبي كبير.بشكل عام، الخطاب كان متوازنًا من حيث الرؤية الاستراتيجية، لكنه ترك مساحة للنقاش حول غياب قضايا حساسة مثل غزة والتحديات الاجتماعية، مما قد يدفع البعض للتساؤل عن أولويات الخطاب في ظل السياق الراهن. 
هناك قضايا ملحة أثارت استياء الشارع المغربي ولم تُذكر في الخطاب، مما يعكس شعورًا بالتهميش لدى المواطن الذي لا يهتم به لا الملك ولا الحكومة.ومن هذه القضايا :
مشكلة الهدم وعدم التعويض وسرقة الأراضي:
قضية الهدم ونزع الملكية دون تعويض عادل، إلى جانب اتهامات بسرقة الأراضي من أصحابها، هي من المشكلات التي تثير غضبًا شعبيًا واسعًا في المغرب. هذه المشكلة ترتبط غالبًا بمشاريع تنموية أو استثمارية تُنفذ دون مراعاة حقوق المواطنين، خاصة في المناطق الريفية أو الأحياء الشعبية. هناك تقارير تشير إلى أن عمليات نزع الملكية قد تتم أحيانًا بتعويضات غير كافية أو دون شفافية، مما يزيد من شعور المواطن بالظلم. في الخطاب، لم يتطرق جلالته لهذه القضية بشكل مباشر، رغم أنها تمس حياة فئات واسعة. هذا الغياب قد يُفسر بتركيز الخطاب على قضايا كبرى مثل الماء والصحراء، لكنه يعزز شعور البعض بأن هموم المواطن العادي ليست في صلب الأولويات. تقرير نشرته جريدة "تيليغراف" في مايو 2025 أشار إلى تحرك لجان تحقيق في تجاوزات عمليات الهدم والإفراغ، مما يؤكد أن هذه المشكلة موجودة وتحتاج معالجة عاجلة.
وضع الحكومة واتهامات الفساد:
 أن "نصف الحكومة في السجن والباقون في الطريق" يعكس حالة من عدم الثقة في الأداء الحكومي، خاصة مع انتشار تقارير عن الفساد وسوء الحكامة. والتهرب الضريبي لوزير العدل و الطالبي العلمي و غيرهم من كبار المسؤلين الذين يتسترون على بعضهم البعض .هذه الاتهامات ليست جديدة، إذ تتردد في أوساط الشارع المغربي ووسائل التواصل، حيث يرى البعض أن الحكومة لم تنجح في معالجة قضايا مثل الفقر والبطالة. منشور على منصة إكس في يوليو 2025 أشار إلى تصاعد الاحتجاجات ضد الفساد والديون الخارجية، مما يعكس استياء شعبيًا متزايدًا. في الخطاب، لم يتطرق جلالته إلى قضايا الفساد أو أداء الحكومة بشكل مباشر، مما قد يعزز شعور المواطن بأنه "مهمش"، لأن هذه القضايا تمس حياته اليومية بشكل مباشر.
التطبيع مع إسرائيل ورفض المغاربة له:
قضية التطبيع مع إسرائيل، التي أُعلن عنها في ديسمبر 2020 بوساطة أمريكية مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، لا تزال تثير جدلًا كبيرًا. رغم أن الخطاب لم يتطرق إلى القضية الفلسطينية أو غزة،  فإن غياب أي إشارة إلى هذا الموضوع في سياق الحرب المستمرة على غزة أثار استياء الشارع المغربي، الذي يرفض التطبيع بشكل واسع. تقارير تشير إلى أن المغاربة نظموا مظاهرات ووقفات احتجاجية ضد التطبيع، خاصة بعد تصاعد العنف في غزة، كما أن أكاديميين ونوابًا دعوا إلى مراجعة الاتفاق. منشور على إكس أشار إلى اتهامات ببيع أراضٍ مغربية لجهات صهيونية، مما يعكس حساسية هذا الموضوع لدى الشعب. غياب تناول القضية الفلسطينية أو التطبيع في الخطاب قد يُفسر بمحاولة تجنب إثارة الجدل، لكنه زاد من شعور الشارع بأن مواقفه لم تُعبر عنها.
شعور المواطن بالتهميش:
 المواطن اصبح يشعر بأنه لا يهتم به لا الملك ولا الحكومة و هذا يعكس إحباطًا شعبيًا متزايدًا. قضايا مثل الغلاء، البطالة، ضعف التعليم والصحة، وغياب العدالة الاجتماعية لم تُذكر في الخطاب، رغم أنها تشكل همومًا يومية للمغاربة. هذا الغياب عزز الانطباع بأن الخطاب كان موجهًا للسياسات الكبرى ( الصحراء، العلاقات الإقليمية.والماء مع ان الماء لايضيعه الفقير لانه لا يملك مسابح )على حساب القضايا التي تمس المواطن مباشرة.
ردود الفعل الشعبية:
ردود الفعل على الخطاب، كما تظهر في مناقشات الشارع وعلى منصات مثل إكس، تتراوح بين التقدير للتركيز على قضايا استراتيجية مثل الماء والصحراء، وبين الإحباط بسبب غياب تناول قضايا مثل غزة، التطبيع، الهدم، والفساد. المغاربة، كما أشرتَ، يشعرون بأن صوتهم لم يُسمع، خاصة في قضايا تمس هويتهم وعدالتهم الاجتماعية. هذا الشعور يتضح في المظاهرات ضد التطبيع والاحتجاجات ضد الفقر والبطالة التي ذكرتها.
ختام الخطاب 
الختام يعكس شعورًا شعبيًا بأن الآية استُخدمت كرسالة موجهة للمواطنين تحثهم على القناعة بما لديهم من أكل وأمان، وكأنها دعوة ضمنية للتوقف عن المطالبة بحقوق أخرى، مثل العدالة الاجتماعية أو معالجة قضايا الهدم، سرقة الأراضي، الفساد، والتطبيع. هذا التفسير يعبر عن إحباط عميق في الشارع المغربي، الذي يرى أن الخطاب لم يتناول معاناته الحقيقية، بل ركز على قضايا استراتيجية بعيدة عن همومه اليومية.

ماذا قصد الملك؟من وجهة نظر رسمية،
 اختيار الآية يهدف إلى تعزيز التماسك الوطني والدعوة إلى الشكر والصبر في مواجهة التحديات، مع إبراز دور الدولة في الحفاظ على الاستقرار. لكن، هذه الرسالة قد تبدو للشارع وكأنها دعوة للقناعة بأقل القليل، بينما المطالب الحقيقية (العدالة الاجتماعية، محاسبة الفاسدين، إنهاء التطبيع) تُترك دون معالجة. غياب هذه القضايا من الخطاب، إلى جانب الختام الروحي، يعزز شعور التهميش لدى المواطن الذي يرى أن معاناته لم تُسمع.
الخلاصة:
خطاب عيد العرش 2025 كان استراتيجيًا لكنه لم يعالج قضايا حساسة مثل الهدم وعدم التعويض، سرقة الأراضي، الفساد الحكومي، التطبيع المرفوض شعبيًا، والقضية الفلسطينية. هذا الغياب عزز شعور التهميش لدى المواطن، الذي يرى أن همومه اليومية لم تُعطَ الأولوية. 
تعليقات