المحجوبي أحرضان من أبرز الشخصيات السياسية في المغرب الحديث

بحث أكاديمي حول المحجوبي أحرضان

المقدمة:

يُعد المحجوبي أحرضان من أبرز الشخصيات السياسية في المغرب الحديث، إذ كان فاعلاً مركزياً في تشكيل ملامح الدولة بعد الاستقلال. عرف بأدواره العسكرية والسياسية والثقافية، وكان من أوائل المدافعين عن الهوية الأمازيغية في المشهد الوطني. يمتاز مساره بالتنوع والغنى، مما يجعله موضوعًا مهمًا للدراسة الأكاديمية.
أولاً: النشأة والتكوين
وُلد المحجوبي أحرضان في منطقة والماس بالأطلس المتوسط عام 1921 أو 1924. نشأ في بيئة أمازيغية محافظة، حيث حفظ القرآن في سن مبكرة. التحق بمدرسة طارق بن زياد في آزرو، ثم تابع دراسته بالمدرسة العسكرية في مكناس، وتخرج منها ضابطًا سنة 1940. خدم في الجيش الفرنسي خلال فترة الحماية، ثم انضم إلى جيش التحرير المغربي قبل الاستقلال.
ثانيًا: المسار السياسي وتولي المناصب
بعد الاستقلال، انخرط أحرضان في العمل السياسي، حيث تولى عدة مناصب وزارية:
* عامل على مدينة الرباط مباشرة بعد الاستقلال.
* وزير الدفاع الوطني (1961-1964).
* وزير الفلاحة (1964-1965).
* وزير الدولة المكلف بالدفاع الوطني (1966-1967).
* وزير الدولة في حكومة أحمد عصمان (1977).
* وزير البريد والمواصلات (1977).
* وزير التعاون في حكومة المعطي بوعبيد (1979).
* وزير دولة في حكومة عبد الكريم العمراني (1983).
ثالثًا: التأسيس الحزبي والنشاط السياسي
في عام 1957، شارك في تأسيس حزب الحركة الشعبية مع الدكتور عبد الكريم الخطيب. أصبح كاتبًا عامًا للحزب عام 1962. بعد خلافات داخلية، انفصل عن الخطيب واستمر بقيادة الحزب إلى غاية إقالته عام 1986، حين حلّ محله محمد العنصر. في 1991، أسس حزب الحركة الوطنية الشعبية، والذي عاد لاحقًا للاندماج مع الحركة الشعبية في 2006.
رابعًا: الهوية الثقافية والدفاع عن الأمازيغية
كان أحرضان من أبرز المدافعين عن الثقافة واللغة الأمازيغية، ليس فقط من خلال العمل السياسي، بل أيضًا عبر مساهماته الأدبية والفنية. كتب مذكراته بعنوان "ماسترا" (Mastṛa)، وألف عدة روايات وقصائد بالأمازيغية والفرنسية. كما عرف برسمه للّوحات التشكيلية، ما يعكس تعدد اهتماماته وهواياته.
خامسًا: أقواله المأثورة وشخصيته
عرف المحجوبي أحرضان بتصريحاته الجريئة والمباشرة. من أشهر أقواله:
* "لم نحصل على الاستقلال لنفقد الحرية".
* "أنا مواطن مغربي أكرّس نفسي في خدمة بلدي، لا أكثر ولا أقل".
كان يُوصف بأنه ملكي حتى النخاع، شديد التمسك بوحدة الدولة ومؤسساتها، ومناصر قوي للتعدد الثقافي واللغوي في المغرب.
سادسًا: الوفاة والإرث
توفي رحمة الله عليه في صباح يوم الأحد 15 نوفمبر 2020 بالرباط عن عمر ناهز المئة عام. دُفن في مسقط رأسه والماس إلى جانب زوجته الفرنسية الأصل، مريم أحرضان. ترك خلفه إرثًا متنوعًا سياسياً وثقافياً وفنيًا.
الخاتمة:
المحجوبي أحرضان شخصية استثنائية في التاريخ المغربي المعاصر، حيث جمع بين العمل السياسي، والدفاع الثقافي، والإبداع الأدبي والفني. يمثل نموذجًا فريدًا لرجل الدولة متعدد الأبعاد، وشكل حضوره علامة بارزة في تكوين الهوية المغربية المعاصرة، خصوصًا في ما يتعلق بإدماج الثقافة الأمازيغية في النسيج الوطني.
تعليقات