من صمت الجبل إلى صوت الشارع: آيت بوكماز تسير نحو بني ملال احتجاجًا على التهميش
في صباح التاسع من يوليو 2025، استيقظ المغرب على مشهد استثنائي: مسيرة شعبية ضخمة انطلقت من قلب جبال الأطلس الكبير، تحديدًا من دواوير آيت بوكماز بإقليم أزيلال، متجهة سيرًا على الأقدام نحو مدينة بني ملال، عاصمة الجهة. لم تكن هذه مجرد خطوة احتجاجية معزولة، بل صرخة جبلية مدوّية، تعبّر عن غضب عارم حيال سنوات من التهميش، وانعدام التنمية، وغياب العدالة المجالية في واحدة من أفقر وأجمل المناطق الطبيعية في البلاد.
1. آيت بوكماز: الجمال المنسي
تُعرف آيت بوكماز بـ"الوادي السعيد"، لما تتمتع به من مناظر طبيعية خلابة وواحات خضراء تتخللها الجبال الصخرية. ورغم هذه المؤهلات السياحية والإيكولوجية، فإن المنطقة تعاني من عزلة خانقة ونقص كبير في البنى التحتية الأساسية، كشبكات الطرق، والخدمات الصحية، والتعليم، وشبكة الاتصالات. يعيش السكان في ظروف قاسية، خاصة خلال فصل الشتاء، حيث تقطع الثلوج الطرق ويُعزل السكان تمامًا عن باقي العالم.
هذه المفارقة الصارخة بين الجمال الطبيعي والبؤس المعيشي تمثل لبّ الإشكال الذي دفع مئات المواطنين إلى اتخاذ قرار غير مسبوق: تنظيم مسيرة طويلة نحو مقر الجهة، لإيصال صوتهم إلى السلطات، بعد أن سُدّت أمامهم سبل التواصل والمؤسسات الوسيطة.
2. دوافع المسيرة: مطالب واضحة ومؤجلة
رفع المتظاهرون شعارات تطالب بتحقيق العدالة المجالية، وتنفيذ وعود التنمية المحلية، وبناء الطرق، وتوفير المرافق الأساسية. ومن بين المطالب الأساسية:
تعبيد الطريق الرابط بين آيت بوكماز وأزيلال وبني ملال.
توفير طبيب قار للمركز الصحي بالمنطقة.
إنشاء ثانوية تأهيلية وأقسام داخلية لتقليل الهدر المدرسي.
توفير التغطية الهاتفية والإنترنت.
بناء مرافق رياضية وشبابية لاحتواء الشباب.
تطبيق مقتضيات "قانون الجبل" الذي ظلّ مجرد حبر على ورق.
يؤكد المشاركون في المسيرة أن هذه المطالب ليست جديدة، وإنما وُعدوا بها مرارًا دون أن يُنفَّذ منها شيء. كما يعبرون عن إحباطهم من ضعف أداء المجالس المنتخبة وعجزها عن الدفاع عن مصالحهم.
3. السياق السياسي والاجتماعي: الاحتجاج الجبلي كآلية للضغط
ما يُميز هذه المسيرة أنها تأتي في سياق متوتر محليًا ووطنياً. فقد شهدت مناطق أخرى من أزيلال خلال الأشهر الماضية احتجاجات متفرقة، خصوصًا في دواوير "تباروشت"، "تيلوكيت"، و"زركان"، وكلها تطالب بما يشبه المطالب المرفوعة في مسيرة آيت بوكماز.
هذا التواتر في الحركات الاحتجاجية يُبرز حالة من الغليان الاجتماعي في المناطق الجبلية، حيث يشعر المواطنون أنهم خارج معادلة التنمية الوطنية، بالرغم من خطابات الدولة حول العدالة المجالية والنموذج التنموي الجديد.
يرى بعض المحللين أن هذه التحركات تعكس فشل النموذج التنموي في اختراق الهشاشة البنيوية للمجالات الجبلية، وضعف التنسيق بين الجهات، والإدارات، والجماعات الترابية. كما تسلط الضوء على غياب الرؤية الجهوية الحقيقية التي تترجم الاستراتيجيات المركزية إلى نتائج ملموسة في الميدان.
1. آيت بوكماز: الجمال المنسي
تُعرف آيت بوكماز بـ"الوادي السعيد"، لما تتمتع به من مناظر طبيعية خلابة وواحات خضراء تتخللها الجبال الصخرية. ورغم هذه المؤهلات السياحية والإيكولوجية، فإن المنطقة تعاني من عزلة خانقة ونقص كبير في البنى التحتية الأساسية، كشبكات الطرق، والخدمات الصحية، والتعليم، وشبكة الاتصالات. يعيش السكان في ظروف قاسية، خاصة خلال فصل الشتاء، حيث تقطع الثلوج الطرق ويُعزل السكان تمامًا عن باقي العالم.
هذه المفارقة الصارخة بين الجمال الطبيعي والبؤس المعيشي تمثل لبّ الإشكال الذي دفع مئات المواطنين إلى اتخاذ قرار غير مسبوق: تنظيم مسيرة طويلة نحو مقر الجهة، لإيصال صوتهم إلى السلطات، بعد أن سُدّت أمامهم سبل التواصل والمؤسسات الوسيطة.
2. دوافع المسيرة: مطالب واضحة ومؤجلة
رفع المتظاهرون شعارات تطالب بتحقيق العدالة المجالية، وتنفيذ وعود التنمية المحلية، وبناء الطرق، وتوفير المرافق الأساسية. ومن بين المطالب الأساسية:
تعبيد الطريق الرابط بين آيت بوكماز وأزيلال وبني ملال.
توفير طبيب قار للمركز الصحي بالمنطقة.
إنشاء ثانوية تأهيلية وأقسام داخلية لتقليل الهدر المدرسي.
توفير التغطية الهاتفية والإنترنت.
بناء مرافق رياضية وشبابية لاحتواء الشباب.
تطبيق مقتضيات "قانون الجبل" الذي ظلّ مجرد حبر على ورق.
يؤكد المشاركون في المسيرة أن هذه المطالب ليست جديدة، وإنما وُعدوا بها مرارًا دون أن يُنفَّذ منها شيء. كما يعبرون عن إحباطهم من ضعف أداء المجالس المنتخبة وعجزها عن الدفاع عن مصالحهم.
3. السياق السياسي والاجتماعي: الاحتجاج الجبلي كآلية للضغط
ما يُميز هذه المسيرة أنها تأتي في سياق متوتر محليًا ووطنياً. فقد شهدت مناطق أخرى من أزيلال خلال الأشهر الماضية احتجاجات متفرقة، خصوصًا في دواوير "تباروشت"، "تيلوكيت"، و"زركان"، وكلها تطالب بما يشبه المطالب المرفوعة في مسيرة آيت بوكماز.
هذا التواتر في الحركات الاحتجاجية يُبرز حالة من الغليان الاجتماعي في المناطق الجبلية، حيث يشعر المواطنون أنهم خارج معادلة التنمية الوطنية، بالرغم من خطابات الدولة حول العدالة المجالية والنموذج التنموي الجديد.
يرى بعض المحللين أن هذه التحركات تعكس فشل النموذج التنموي في اختراق الهشاشة البنيوية للمجالات الجبلية، وضعف التنسيق بين الجهات، والإدارات، والجماعات الترابية. كما تسلط الضوء على غياب الرؤية الجهوية الحقيقية التي تترجم الاستراتيجيات المركزية إلى نتائج ملموسة في الميدان.
4. رمزية المسيرة: من الصبر إلى الفعل
تحمل المسيرة بعدًا رمزيًا قويًا: الانتقال من السكون إلى الحركة، من الصبر الطويل إلى المطالبة الفعلية. فالسير على الأقدام لعشرات الكيلومترات ليس فقط فعلًا احتجاجيًا، بل أيضًا تأكيد على التصميم الجماعي لسكان الجبل على كسر جدار الصمت. هو إعلان شعبي بأن الصبر بلغ مداه، وأن كرامة المواطن الجبلي لم تعد تقبل التنازل أو الانتظار.
هذه الرمزية تُعيد إلى الأذهان مشاهد من احتجاجات أخرى في المغرب، كما حصل في الريف وجرادة، وتطرح السؤال عن مدى فعالية نماذج التنمية القطاعية الحالية، ومدى قدرتها على التفاعل مع نبض الشارع المحلي.
5. غياب التجاوب الرسمي: صمت يُعمق الأزمة
حتى لحظة كتابة هذا الموضوع، لم يصدر أي بلاغ رسمي من السلطات المحلية أو الجهوية تعليقًا على المسيرة. هذا الغياب يزيد من الاحتقان ويعزز شعور التهميش لدى المشاركين، الذين كانوا يأملون على الأقل في فتح حوار مباشر مع ممثلي الدولة. فالصمت الرسمي لا يُقرأ إلا كنوع من اللامبالاة، ويهدد بتحول الحركات الاجتماعية السلمية إلى موجات غضب أكثر تصعيدًا.
6. بين مطالب التنمية ومخاطر التجاهل
لا يطالب سكان آيت بوكماز بالمستحيل، بل يطالبون فقط بحقوق دستورية أساسية: التعليم، الصحة، الطريق، والاتصال. مطالبهم ليست سياسية في جوهرها، لكنها قد تتحول إلى مطالب سياسية إذا استمر التجاهل.
والمقلق في هذا السياق هو أن انعدام الاستجابة لا يولد فقط الإحباط، بل قد يؤدي إلى تفكك الثقة بين المواطن والدولة، مما يُهدد الاستقرار الاجتماعي في مناطق هشة أصلًا من حيث الجغرافيا والبنية السكانية.
7. دروس ورسائل
تُوجه هذه المسيرة رسالة واضحة إلى صانع القرار: لا تنمية دون إنصاف مجالي، ولا استقرار دون عدالة اجتماعية. المناطق الجبلية ليست عبئًا على الدولة، بل رافعة أساسية إذا أُحسن استثمارها. والتنمية ليست بناء منشآت فقط، بل بناء علاقة ثقة بين المواطن ومؤسساته.
كما تُبرز المسيرة أهمية المجتمع المدني المحلي، الذي ساهم في تأطير الحراك وتوجيهه نحو السلمية، مما يعكس نضجًا في وعي المواطنين، رغم الظروف الصعبة.
خاتمة
إن مسيرة آيت بوكماز نحو بني ملال ليست فقط مسيرة احتجاج، بل هي تعبير صريح عن أزمة مزمنة في تدبير التفاوتات المجالية. إنها صوت الجبل حين يعلو ليُطالب بحق الحياة الكريمة، وهي فرصة حقيقية لصنّاع القرار ليعيدوا النظر في أولوياتهم التنموية. فقد آن الأوان لتكريم الهامش، لا بتكريسه، بل بإدماجه إدماجًا فعليًا في مسار الوطن نحو العدالة والكرامة.
تحمل المسيرة بعدًا رمزيًا قويًا: الانتقال من السكون إلى الحركة، من الصبر الطويل إلى المطالبة الفعلية. فالسير على الأقدام لعشرات الكيلومترات ليس فقط فعلًا احتجاجيًا، بل أيضًا تأكيد على التصميم الجماعي لسكان الجبل على كسر جدار الصمت. هو إعلان شعبي بأن الصبر بلغ مداه، وأن كرامة المواطن الجبلي لم تعد تقبل التنازل أو الانتظار.
هذه الرمزية تُعيد إلى الأذهان مشاهد من احتجاجات أخرى في المغرب، كما حصل في الريف وجرادة، وتطرح السؤال عن مدى فعالية نماذج التنمية القطاعية الحالية، ومدى قدرتها على التفاعل مع نبض الشارع المحلي.
5. غياب التجاوب الرسمي: صمت يُعمق الأزمة
حتى لحظة كتابة هذا الموضوع، لم يصدر أي بلاغ رسمي من السلطات المحلية أو الجهوية تعليقًا على المسيرة. هذا الغياب يزيد من الاحتقان ويعزز شعور التهميش لدى المشاركين، الذين كانوا يأملون على الأقل في فتح حوار مباشر مع ممثلي الدولة. فالصمت الرسمي لا يُقرأ إلا كنوع من اللامبالاة، ويهدد بتحول الحركات الاجتماعية السلمية إلى موجات غضب أكثر تصعيدًا.
6. بين مطالب التنمية ومخاطر التجاهل
لا يطالب سكان آيت بوكماز بالمستحيل، بل يطالبون فقط بحقوق دستورية أساسية: التعليم، الصحة، الطريق، والاتصال. مطالبهم ليست سياسية في جوهرها، لكنها قد تتحول إلى مطالب سياسية إذا استمر التجاهل.
والمقلق في هذا السياق هو أن انعدام الاستجابة لا يولد فقط الإحباط، بل قد يؤدي إلى تفكك الثقة بين المواطن والدولة، مما يُهدد الاستقرار الاجتماعي في مناطق هشة أصلًا من حيث الجغرافيا والبنية السكانية.
7. دروس ورسائل
تُوجه هذه المسيرة رسالة واضحة إلى صانع القرار: لا تنمية دون إنصاف مجالي، ولا استقرار دون عدالة اجتماعية. المناطق الجبلية ليست عبئًا على الدولة، بل رافعة أساسية إذا أُحسن استثمارها. والتنمية ليست بناء منشآت فقط، بل بناء علاقة ثقة بين المواطن ومؤسساته.
كما تُبرز المسيرة أهمية المجتمع المدني المحلي، الذي ساهم في تأطير الحراك وتوجيهه نحو السلمية، مما يعكس نضجًا في وعي المواطنين، رغم الظروف الصعبة.
خاتمة
إن مسيرة آيت بوكماز نحو بني ملال ليست فقط مسيرة احتجاج، بل هي تعبير صريح عن أزمة مزمنة في تدبير التفاوتات المجالية. إنها صوت الجبل حين يعلو ليُطالب بحق الحياة الكريمة، وهي فرصة حقيقية لصنّاع القرار ليعيدوا النظر في أولوياتهم التنموية. فقد آن الأوان لتكريم الهامش، لا بتكريسه، بل بإدماجه إدماجًا فعليًا في مسار الوطن نحو العدالة والكرامة.