"امرأة أمام السجون والتعذيب: كيف قاومت زينب الغزالي آلة القمع؟"

"زينب الغزالي ومحنتها في سجون عبد الناصر: صمود لا ينكسر"

 زينب الغزالي ومحنتها في السجون المصرية
زينب الغزالي الجبيلي (1917 – 2005) كانت من أبرز القيادات النسائية الإسلامية في القرن العشرين، عُرفت بنشاطها الدعوي والاجتماعي، وارتبط اسمها بجماعة الإخوان المسلمين، رغم أنها لم تكن عضوًا رسميًا فيها، لكنها كانت من أبرز المتعاونين معهم، خصوصًا في فترة محنة الجماعة بعد صدامها مع نظام الرئيس جمال عبد الناصر.
النشأة والبدايات
ولدت زينب الغزالي في قرية "ميت الخولي" بمحافظة الدقهلية عام 1917. منذ صغرها ظهرت عليها علامات النبوغ والتمسك بالدين، وكانت طموحة في نشر الدعوة الإسلامية بين النساء. أسست في الثلاثينات "جمعية السيدات المسلمات"، التي أصبحت منصة للدعوة والتعليم ومساعدة الفقراء.
الصدام مع النظام الناصري
بعد حل جماعة الإخوان المسلمين عام 1954 واتهامها بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر، بدأت حملات الاعتقال والملاحقة. ورغم أن زينب لم تكن ضمن الجماعة رسميًا، فإنها واصلت دعمها لهم، واحتضنت العمل التنظيمي السري داخل جمعيتها.
عام 1965، وقعت مواجهة جديدة بين الإخوان والنظام، بعد ما سُمِّي بتنظيم "سيد قطب"، واتُّهمت زينب الغزالي بأنها من قيادات التنظيم، فتم اعتقالها.
المحنة في السجن
دخلت زينب السجن عام 1965، وتعرضت هناك لأبشع صنوف التعذيب الجسدي والنفسي. ووصفت تجربتها المؤلمة في كتابها الشهير:
"أيام من حياتي"
في هذا الكتاب، تحكي تفاصيل ما واجهته في زنازين النظام:
حبس انفرادي في زنزانات ضيقة مظلمة.
تعذيب مبرح بالضرب والسياط.
إطلاق الكلاب البوليسية عليها.
محاولات إذلالها نفسيًا وإجبارها على التراجع عن أفكارها.
تهديدات مستمرة ومحاكمات صورية.
ورغم كل ذلك، ثبتت زينب الغزالي، ورفضت التراجع عن دعوتها أو الاعتراف بما نُسب إليها.
الإفراج عنها
في نهاية الستينات، وبعد تدخلات دولية ومحلية، أُفرج عنها عام 1971 بعد وفاة عبد الناصر وتولي السادات الحكم، الذي انتهج سياسة انفتاح على التيارات الإسلامية في بدايته.
العودة للدعوة
بعد خروجها من السجن، عادت زينب الغزالي إلى نشاطها الدعوي من خلال المحاضرات والكتب، حتى أصبحت من رموز الصحوة الإسلامية في العالم العربي. وظلت تكتب وتُلقي المحاضرات حتى وفاتها عام 2005.
خلاصة
قصة زينب الغزالي ليست فقط قصة امرأة في السجن، بل قصة صمود إيماني وفكري في وجه الاستبداد. لقد شكّلت محنتها في السجن علامة فارقة في التاريخ الإسلامي المعاصر، وساهمت في إلهام أجيال من النساء والرجال على التمسك بالمبدأ، مهما كان الثمن.

تعليقات