الصحافة النزيهة تحت ضغط حكومة أخنوش ووزير العدل وهبي
موضوع دعم الصحافة في المغرب وتأثيره على نزاهتها يفتح نقاشا عميقا حول حرية التعبير ودور الإعلام في ظل التحولات السياسية. في المغرب، يُعتبر الدعم العمومي للصحافة جزءا من السياسة الإعلامية التي بدأت منذ الثمانينات بقرار ملكي لدعم الصحف الوطنية والأحزاب السياسية. لكن هذا الدعم أثار جدلا واسعا حول شفافيته وتأثيره على استقلالية الإعلام. بحسب تقارير، تلقت الصحافة الحزبية في 2019 حوالي 13 مليون درهم كدعم مباشر، بينما استفادت الصحف الخاصة والحزبية معا في 2020 من خطة إنقاذ بقيمة 200 مليون درهم خلال جائحة كورونا، شملت 75 مليون درهم لتغطية أجور الصحفيين لثلاثة أشهر مع تمديدات لاحقة. في 2023، ذكر وزير الثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد أن 125 مقاولة إعلامية استفادت من دعم كامل لأجور موظفيها على مدى خمس سنوات، و211 مقاولة حصلت على دعم جزافي. لكن، لا تُنشر لوائح مفصلة بأسماء المستفيدين أو المبالغ المحددة لكل مؤسسة، مما يغذي اتهامات بنقص الشفافية. صحف مثل الأسبوع الصحفي، التي يديرها مصطفى العلوي، استفادت من مبالغ كبيرة، كمليون درهم في وقت سابق، رغم انتقادات حول ضعف هيكلتها التحريرية. هسبريس، كبرى المواقع الإلكترونية، وأخبار اليوم، المقربة من حزب العدالة والتنمية سابقا، من بين الأسماء البارزة التي تستفيد من الدعم أو الإعلانات الحكومية. هذا الدعم، الذي يشمل الإعلانات الإدارية وتغطية تكاليف الطباعة، يُنظر إليه كريع إعلامي يربط بعض المنابر بالسلطة، مما يحد من قدرتها على النقد الحر. في ظل حكومة عزيز أخنوش، التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار، تتزايد الانتقادات لاستخدام الدعم كأداة للتحكم في الإعلام. تقرير مراسلون بلا حدود لعام 2025 صنف المغرب في المرتبة 144 عالميا في حرية الصحافة، متراجعا تسع مراتب، مشيرا إلى تكثيف الملاحقات القضائية ضد الصحفيين المنتقدين، خاصة مع اقتراب انتخابات 2026. وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بصلاحياته القانونية، مُتهم بتشديد القيود عبر قوانين جنائية تستهدف حرية التعبير، كما في قضايا صحفيين مثل توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني، اللذين ووجهوا بتهم أخلاقية أثارت جدلا حول دوافعها السياسية. الصحافة النزيهة، التي تسعى لنقل الحقيقة دون محاباة، تواجه تحديات جمة. مواقع مثل بديل وأنفاس بريس تحاول الحفاظ على استقلاليتها، لكنها تعاني من ضغوط اقتصادية وقانونية. الصحف الإلكترونية، رغم انتشارها بفضل ثورة الإنترنت، تعاني من غياب تنظيم واضح وضعف التكوين المهني، مما يؤثر على مصداقيتها. في المقابل، الصحف الموالية، التي تروج لسياسات الحكومة، تجد دعما أكبر، مما يعمق الانقسام بين إعلام مستقل وآخر موجه. مصير الصحافة النزيهة يبدو معلقا بين إصلاحات تشريعية غائبة وضرورة وعي مجتمعي يدعم حرية التعبير. دون شفافية في توزيع الدعم وفصل واضح بين السلطة والإعلام، يصعب تصور تقدم حقيقي. النضال من أجل صحافة حرة يتطلب إرادة سياسية ومجتمعية، لكن الواقع يشير إلى أن الطريق لا يزال طويلا.