الإشهار العمومي في المغرب: من يدير اللعبة من وراء الستار؟


من يتحكم فعليًا في كراء المساحات الإعلانية؟

السلام عليكم .
📝 مقدمة:
منذ اعتلائه العرش سنة 1999، اعتمد الملك محمد السادس مقاربة تُولي أهمية كبيرة للوفاء والولاء الشخصي، ما جعل دائرة "الثقة القديمة"، المكونة أساسًا من رفاق الدراسة في المعهد المولوي، تتبوأ مراكز حساسة داخل مفاصل الدولة. هؤلاء المقربون تحوّلوا مع الوقت إلى فاعلين محوريين في الحياة السياسية والاقتصادية المغربية، وأصبح نفوذهم يتجاوز المؤسسات الرسمية أحيانًا، ليطال قطاعات استراتيجية ذات عائد مالي ضخم، مثل الإعلام، الإشهار، والعقار.
من بين أكثر القطاعات إثارة للجدل، قطاع كراء واستغلال المساحات الإعلانية العمومية، الذي يُدر مداخيل بملايين الدراهم سنويًا، ويُتهم بأنه محكوم بمنطق الزبونية وتكريس الامتيازات لصالح نخبة بعينها. هذا يدفع إلى التساؤل الجدي:
هل هناك علاقة مباشرة أو غير مباشرة بين أصدقاء الملك القدامى وهذه المنظومة الاقتصادية المغلقة؟ ومن فعلاً يستفيد من هذا القطاع؟
🤝 لنتعرف على اصدقاء الملك القدامى
1. فؤاد عالي الهمة
صديق الدراسة منذ الطفولة.
مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة سنة 2008 (ثم انسحب منه لاحقاً).
يشغل منصب مستشار ملكي منذ 2011.
يوصف إعلاميًا بأنه "ظلّ الملك".
2. منير الماجيدي
درس معه، وتم تعيينه سنة 2000 سكرتيرًا خاصًا للملك.
يتحكم في ملفات حساسة مرتبطة بالإدارة المالية والاتصال الملكي.
له ارتباطات بعدة مؤسسات اقتصادية وشركات.
3. ياسر الزناكي
صديق قديم، كان وزيرًا للسياحة.
يشغل اليوم منصب مستشار في الديوان الملكي.
4. حسن أوريد (سابقًا)
كان ناطقًا رسميًا باسم القصر الملكي.
والي جهة مكناس تافيلالت سابقًا.
رغم تباعده الآن عن محيط القصر، يبقى من أبرز الشخصيات التي درست مع الملك.
🎯 الربط بين أصدقاء الملك وملف الإشهار العمومي
قطاع الإعلانات في المغرب، خاصة الإشهار الخارجي (Affichage Urbain)، هو مجال ضخم يدر مليارات السنتيمات سنويًا، ويتم تدبيره من خلال اتفاقيات وعقود بين الجماعات الترابية (البلديات) وشركات متخصصة.
⚠️ السؤال الجوهري: هل يستفيد أحد من المحيط الملكي من هذا المجال؟
الجواب:
ليس هناك أدلة قانونية دامغة أو رسمية تربط فؤاد عالي الهمة أو منير الماجيدي مباشرة بشركات كراء الإعلانات.
لكن، هناك مؤشرات قوية ونقاشات إعلامية حول وجود شبكة مصالح اقتصادية محيطة بالقصر، تتحكم أو تسهّل لبعض الجهات السيطرة على قطاعات استراتيجية، مثل:
الإعلام
الإشهار
الاتصالات
العقار
🔍 شبهات وتركيبة النفوذ
1. منير الماجيدي
سكرتير الملك منذ سنة 2000.
كان رئيسًا لمجموعة SIGER، الذراع المالي للعائلة الملكية.
يملك نفوذاً كبيرًا في المجال الاقتصادي، وورد اسمه في وثائق "ويكيليكس" و"وثائق بنما" باعتباره طرفًا في إدارة ثروات الملك وأصول اقتصادية كبرى.
منير الماجيدي متهم إعلاميًا (خاصة من جهات معارضة بالخارج) بتسهيل حصول شركات "مقرّبة" من القصر على صفقات عمومية، من ضمنها شركات إعلان.
ملاحظة: الاتهامات المتداولة لم تثبت قضائيًا، لكنها قائمة على تقاطعات مصالح وشهادات فاعلين سابقين.
2. فؤاد عالي الهمة
رغم أن تأثيره أقرب إلى المجال السياسي والأمني، إلا أن قربه من الملك يجعله جزءًا من "النخبة المتحكمة".
لا توجد له شركات مسجلة باسمه في هذا القطاع، لكن اسمه يُذكر ضمن من يُنسّقون التوازنات الاقتصادية الكبرى غير المعلنة.
البعض يعتبره "صمام الأمان" لأي صفقة كبرى لا تمر إلا بمرجعية القصر.
🏙️ كيف تُدار فعليًا صفقات الإعلانات بالمغرب؟
الجماعات تطلق صفقات عمومية لكراء المساحات.
شركات كبرى تسيطر على هذه الصفقات، غالبًا ما تكون لها علاقات غير مباشرة مع النخبة النافذة.
في حالات كثيرة، تُطرح تساؤلات حول غياب الشفافية، أو حول وجود شركات "دائمة الفوز" بالعقود.
✅ الخلاصة
هل فؤاد عالي الهمة أو منير الماجيدي بأسمائهم يسيطرون على كراء المساحات؟ → لا.
هل يمكن أن يكون لهم أو لمحيطهم تأثير غير مباشر على من يستفيد من هذه العقود؟ → نعم، وهذا ما يُثير الشبهات والنقاش.
هل هناك تحقيقات أو تقارير رسمية تثبت تورطهم؟ → لا، فقط تقارير إعلامية وتسريبات خارجية.
هل ترغب أن أقدم لك مثالاً بشركة محددة تستفيد من كراء الإشهار وتُطرح حولها تساؤلات؟ أم ننتقل إلى الجانب القانوني والجبائي لهذه المنظومة؟
توسيع التحقيق من خلال مثال عملي على شركات تستفيد من كراء المساحات الإعلانية، مع طرح ما يُثار حولها من تساؤلات، ثم نُعرّج على الجوانب القانونية، الجبائية، والسلطوية التي تسمح باستمرار هذه المنظومة.
🏢 أمثلة على شركات تستفيد من الإعلانات الخارجية في المغرب
1. FC COM
من بين أكبر الشركات المتخصصة في الإشهار الحضري (Affichage urbain).
تنشط في العديد من المدن الكبرى (الرباط، الدار البيضاء، مراكش...).
حصلت على عقود طويلة الأمد لتدبير اللوحات الإعلانية في الشوارع.
تساؤلات تُثار حول كيفية حصولها على العقود في بعض الجماعات دون منافسة حقيقية.
2. JCDécaux Maroc
فرع للشركة الفرنسية العملاقة، تعمل بالشراكة في المغرب.
دخلت السوق من خلال شراكات مع جماعات حضرية، مثل مجلس مدينة الدار البيضاء.
عقودها تمتد أحياناً لعقود من الزمن، وهو ما يجعل مراقبة العائدات أو الشفافية صعبة.
3. Ocean Publicité
تنشط في اللوحات الكلاسيكية والإعلانات الرقمية.
ظهرت في عدة ملفات مرتبطة بمشاكل تسيير داخل بعض الجماعات.
❗ملاحظة مهمة: غالبًا ما تكون هذه الشركات مجرد واجهات تنفيذية، بينما القوة الحقيقية تكمن في النفوذ الذي يسهّل لها الوصول إلى العقود دون منافسة فعلية.
🧾 الإطار القانوني والجبائي لكراء الإشهار العمومي
📜 من الناحية القانونية:
تخضع عملية تفويت كراء المساحات العمومية لقانون الصفقات العمومية.
يجب أن تتم عبر طلبات عروض شفافة، تنشر رسميًا.
الجماعات لها الحق في منح عقود التدبير المفوض (Gestion déléguée) لشركات خاصة.
⚠️ في الواقع:
في كثير من الحالات، تتم "مفاوضات مباشرة" خلف الأبواب المغلقة، دون منافسة حقيقية.
بعض الجماعات تفشل في تحصيل الجبايات المستحقة من هذه الشركات أو تمنحها امتيازات مفرطة.
غياب الرقابة المالية الصارمة على مداخيل الجماعات من الإشهار.
💰 كم تُدر هذه العقود من الأموال؟ ومن يستفيد فعلاً؟
العائدات التقديرية:
تُقدَّر مداخيل الإشهار الحضري بـ عشرات الملايين من الدراهم سنويًا لكل مدينة كبرى.
الدار البيضاء وحدها يمكن أن تدر أكثر من 50 مليون درهم سنويًا من الإشهار.
المستفيدون:
الشركات الخاصة (عبر رسوم الإشهار والتأجير).
بعض المنتخبين أو مسؤولي الجماعات (بطرق مشروعة وغير مشروعة).
شبكات النفوذ المرتبطة بمراكز القرار، التي تتحكم في من يفوز بالعقد ومن لا.
🕳️ أين تكمن "الثغرة الكبرى"؟
غياب الشفافية في إبرام العقود.
تحكّم غير معلن من شبكات سياسية واقتصادية في منح الصفقات.
ضعف الرقابة البرلمانية أو القضائية على هذا المجال، إلا في حالات نادرة من تدخل المجلس الأعلى للحسابات.
🎙️ ما يقوله الإعلام والمجتمع المدني:
تقارير من صحفيين استقصائيين (داخل المغرب وخارجه) تشير إلى أن بعض شركات الإشهار تحظى بمعاملة تفضيلية.
منظمات مثل ترانسبرانسي المغرب دعت أكثر من مرة لفتح ملفات الإشهار الحضري و"تفكيك لوبياته".
في بعض المدن (مثل الرباط وطنجة)، أُثيرت فضائح تتعلق بتجاوزات في منح رخص الإشهار.
🧩 الخلاصة المؤقتة لهذا الموضوع:
كراء المساحات الإعلانية العمومية قطاع ريعي مغلق إلى حد كبير، رغم أنه يفترض أن يكون مفتوحًا وتنافسيًا.
لا يوجد دليل رسمي مباشر على تورط فؤاد عالي الهمة أو منير الماجيدي، لكن المناخ العام للنفوذ والزبونية يجعل بعض الشركات محمية ضمنيًا.
المواطن والجماعة في نهاية المطاف لا يستفيدان كما ينبغي من هذا القطاع المربح.
موضوع الآن بأسلوب تحليلي يُبيّن كيف تعمل "شبكات النفوذ المرتبطة بالنخبة" للسيطرة على قطاعات استراتيجية مثل الإعلام، العقار، والموانئ، بنفس الطريقة التي يُشتبه أنها تُستعمل في الإشهار العمومي.
🧠 أولاً: ما المقصود بـ"الشبكة"؟
"الشبكة" هنا لا تعني عصابة ظاهرة، بل هي:
منظومة غير رسمية من رجال أعمال، مسؤولين، سياسيين، وأحياناً فاعلين من داخل القصر.
تعمل بمنطق الولاء والثقة أكثر من الكفاءة.
تُمنح فيها الامتيازات الاقتصادية مقابل الحفاظ على التوازن السياسي.
🏗️ 1. قطاع العقار
كيف تُسيطر عليه الشبكات؟
الحصول على أراضٍ في مواقع استراتيجية بثمن رمزي (ما يُعرف بـ "هبات أو تفويتات").
تغيير تصاميم التهيئة بتدخل سياسي أو إداري لصالح مشاريع معينة.
فرض شركات مقربة كمقاولين فرعيين.
من يُشتبه في استفادتهم؟
منير الماجيدي كان مرتبطًا إعلاميًا بعدة صفقات عقارية، منها مشروع "مارينا الرباط".
شركات يُقال إنها تابعة لـ SIGER أو مقرّبين من القصر استفادت من مشاريع إعادة تهيئة بأرباح ضخمة.
النتيجة:
تضخّم في ثروة بعض الأشخاص.
تفقير المجالس الجماعية وحرمانها من العائدات الحقيقية.
📺 2. قطاع الإعلام
لماذا هو حساس؟
لأن من يسيطر على الإعلام، يسيطر على الرواية العامة، ويوجه الرأي العام، ويُسكت الأصوات الحرّة.
كيف يتم التحكم؟
تمويل مباشر أو غير مباشر عبر شركات إعلانات (نعود هنا للإشهار!).
التحكم في الخط التحريري لبعض القنوات أو الجرائد عبر:
الضغط الاقتصادي (حرمان من الإشهار العمومي)
أو التمويل الخفي عبر وسطاء.
مثال:
الإذاعة والتلفزة المغربية (SNRT) تتحكم في جزء كبير من السوق، ومن يُمنح الإنتاج والترويج.
شركات كـ "ميديا 21" أو "ماروك سوار" كانت موضوع تساؤلات حول تمويلها وتوجهاتها.
هل هناك صلة بالمحيط الملكي؟
تقارير تشير إلى دور غير معلن لبعض الأسماء المقربة من القصر في توجيه سوق الإشهار لدعم إعلام صديق.
استبعاد الصحف أو المواقع التي تنتقد المؤسسة الملكية أو تسائل المال العام.
⚓ 3. الموانئ والنقل واللوجستيك
لماذا هو قطاع استراتيجي؟
لأنه مرتبط بالتجارة الخارجية، الاستيراد، التصدير، ومداخيل ضخمة يوميًا.
كيف تتم السيطرة؟
تفويت صفقات تدبير موانئ إلى شركات مقرّبة.
تحكم في مناطق التبادل الحر (zones franches) قرب الموانئ.
تحكم في تدبير منصات الشحن واللوجستيك.
مثال:
شركة Marsa Maroc كانت تُتهم بالتحكم في حركة الشحن بطريقة شبه احتكارية.
ميناء طنجة المتوسط مرتبط بشبكة مصالح معقدة بين الدولة، القطاع الخاص، وشبه العمومي.
من يظهر اسمه هنا؟
ليس بالضرورة بأسماء مباشرة (مثل الهمة أو الماجيدي)، لكن:
مقربون جداً من دائرة القرار.
بعضهم يُقال إنهم مجرد واجهات لرجال أقوياء لا يظهرون في العلن.
🔄 الربط النهائي: كيف تُشتغل هذه الشبكات بنفس الأسلوب في كل القطاعات؟
🧱 في النهاية: ما الخطر؟
احتكار الثروة من طرف قلة من النخبة.
خنق القطاع الخاص المستقل.
قتل التنافسية وشفافية السوق.
خلق اقتصاد سياسي قائم على الولاء بدل المردودية.
والسلام عليكم و رحمة الله.
تعليقات