القاتل المتسلسل سفاح تارودانت المغرب
القصة
الظل الذي نام على القبور: قصة سفاح تارودانت
في أطراف المدينة القديمة تارودانت، تحديداً في منطقة مهجورة يعرفها السكان بـ "الواد الواعر" كانت قصة رعب تتخمر تحت الصفيح والصمت.
لم يكن أحد يلتفت للرجل النحيل الذي يبيع المكرونة والكراسان في المحطة. كان عبد العالي الحاضي يعيش بهدوء يخيفك، ويعتريك منه شعور غريب لا تعرف له منشأ.
في المساء، عندما يفرغ الكل إلى بيوتهم، يكون عبد العالي في كوخه، يشعل شمعة، ويجلس بهدوء يرتقب. ينتظر طفلاً ضائعاً، أو شاباً يتدرج في الضياع، يطلب قطعة خبز أو مكاناً للنوم.
كان الكوخ له فماً يبتلعهم. يعدهم بالطعام، يستضيفهم باللطف، ثم ينزع القناع.
غفوا على فراش من الوعود، واستيقظوا في قبور من الصفيح والرماد.
بائع الهدوء والموت
عبد العالي لم يكن رجلاً عادياً. كان نسخة حية من صمت قاتل. لا يصرخ، لا يشتم، لا يضحك كثيراً. لكنه كان يحفظ وجوه أولئك الأطفال جيداً. يعرف نقاط ضعفهم، ويعرف كيف يقترب منهم دون أن يخيفهم.
كان بعضهم يعود أكثر من مرة، يبيت في الكوخ، ويأكل من يد الجلاد دون أن يدري أن الأرض تحته تُفتح له.
مع كل ضحية، كان يحفر قليلاً في تراب الكوخ. لا إسمنت، لا جدران صلبة، فقط تربة سهلة... وذاكرة موحشة.
لحظة الانكشاف
في صيف 2004، حين انخفض منسوب مياه مجرى الصرف القريب من "الواد الواعر"، ظهرت جماجم صغيرة وعظام متناثرة. لعب القدر لعبته: ورقة صغيرة ملقاة قرب الهيكل العظمي الأول، كتب فيها بخط يد مرتعش: "الحاضي عبد العالي".
الشرطة لم تكن تتوقع شيئاً كهذا. ومع بدء التحقيق، أخذت الصورة تتضح: هذا الرجل قتل ما لا يقل عن ثمانية أطفال.
الاعتراف المرعب
حين جلس أمام المحققين، لم يكن خائفاً. نظر إليهم وقال:
"كانوا تيجيو بوحدهم... تيجوعو... تيطلبو ماكلة... وأنا كنت كنشوف راسي بحال باهم. ولكن من بعد... شي حاجة كتقلب فدماغي."
كان كلامه مرعباً، هادئاً جداً، كأنه يحكي عن شيء عادي. لا ندم. لا دموع. لا محاولة لتبرير أو طلب غفران.
المحاكمة والصمت الطويل
في المحكمة، كان عبد العالي يحدّق في الأرض. الأمهات يصرخن، الآباء يشتمون، لكنه ظل صامتاً. صدر في حقه حكم بالإعدام في سنة 2005، لكنه لم يُنفذ. المغرب توقف عن تنفيذ أحكام الإعدام منذ 1993، فبقي في زنزانة انفرادية بسجن مول البركي في آسفي.
هناك، في ذلك القبر الذي يسمى زنزانة، عاش سبعة عشر عاماً. لا اختلاط، لا زيارات. فقط قرآن، وأحاديث خافتة مع نفسه.
النهاية
في 6 ماي 2022، عُثر عليه ميتاً في زنزانته. لم يمت بسكين أو شنقاً كما مات ضحاياه. مات بصمت كما عاش. قيل إنه كان مريضاً، لكن التفاصيل ظلت مغلقة.
ما بعد الحكاية
بقيت المدينة تهمس باسمه. بقيت الأمهات يَرنّ في المنام أسماءً لم تعد تُنادى. وبقي الناس يسألون:
كيف عاش هذا الرجل بيننا كل هذا الوقت؟
من المسؤول؟ هو فقط؟ أم مجتمع جعل من الطفل طيفاً لا يُرى؟
وهل الوحوش تولد أم تُصنع؟
لم يكن أحد يلتفت للرجل النحيل الذي يبيع المكرونة والكراسان في المحطة. كان عبد العالي الحاضي يعيش بهدوء يخيفك، ويعتريك منه شعور غريب لا تعرف له منشأ.
في المساء، عندما يفرغ الكل إلى بيوتهم، يكون عبد العالي في كوخه، يشعل شمعة، ويجلس بهدوء يرتقب. ينتظر طفلاً ضائعاً، أو شاباً يتدرج في الضياع، يطلب قطعة خبز أو مكاناً للنوم.
كان الكوخ له فماً يبتلعهم. يعدهم بالطعام، يستضيفهم باللطف، ثم ينزع القناع.
غفوا على فراش من الوعود، واستيقظوا في قبور من الصفيح والرماد.
بائع الهدوء والموت
عبد العالي لم يكن رجلاً عادياً. كان نسخة حية من صمت قاتل. لا يصرخ، لا يشتم، لا يضحك كثيراً. لكنه كان يحفظ وجوه أولئك الأطفال جيداً. يعرف نقاط ضعفهم، ويعرف كيف يقترب منهم دون أن يخيفهم.
كان بعضهم يعود أكثر من مرة، يبيت في الكوخ، ويأكل من يد الجلاد دون أن يدري أن الأرض تحته تُفتح له.
مع كل ضحية، كان يحفر قليلاً في تراب الكوخ. لا إسمنت، لا جدران صلبة، فقط تربة سهلة... وذاكرة موحشة.
لحظة الانكشاف
في صيف 2004، حين انخفض منسوب مياه مجرى الصرف القريب من "الواد الواعر"، ظهرت جماجم صغيرة وعظام متناثرة. لعب القدر لعبته: ورقة صغيرة ملقاة قرب الهيكل العظمي الأول، كتب فيها بخط يد مرتعش: "الحاضي عبد العالي".
الشرطة لم تكن تتوقع شيئاً كهذا. ومع بدء التحقيق، أخذت الصورة تتضح: هذا الرجل قتل ما لا يقل عن ثمانية أطفال.
الاعتراف المرعب
حين جلس أمام المحققين، لم يكن خائفاً. نظر إليهم وقال:
"كانوا تيجيو بوحدهم... تيجوعو... تيطلبو ماكلة... وأنا كنت كنشوف راسي بحال باهم. ولكن من بعد... شي حاجة كتقلب فدماغي."
كان كلامه مرعباً، هادئاً جداً، كأنه يحكي عن شيء عادي. لا ندم. لا دموع. لا محاولة لتبرير أو طلب غفران.
المحاكمة والصمت الطويل
في المحكمة، كان عبد العالي يحدّق في الأرض. الأمهات يصرخن، الآباء يشتمون، لكنه ظل صامتاً. صدر في حقه حكم بالإعدام في سنة 2005، لكنه لم يُنفذ. المغرب توقف عن تنفيذ أحكام الإعدام منذ 1993، فبقي في زنزانة انفرادية بسجن مول البركي في آسفي.
هناك، في ذلك القبر الذي يسمى زنزانة، عاش سبعة عشر عاماً. لا اختلاط، لا زيارات. فقط قرآن، وأحاديث خافتة مع نفسه.
النهاية
في 6 ماي 2022، عُثر عليه ميتاً في زنزانته. لم يمت بسكين أو شنقاً كما مات ضحاياه. مات بصمت كما عاش. قيل إنه كان مريضاً، لكن التفاصيل ظلت مغلقة.
ما بعد الحكاية
بقيت المدينة تهمس باسمه. بقيت الأمهات يَرنّ في المنام أسماءً لم تعد تُنادى. وبقي الناس يسألون:
كيف عاش هذا الرجل بيننا كل هذا الوقت؟
من المسؤول؟ هو فقط؟ أم مجتمع جعل من الطفل طيفاً لا يُرى؟
وهل الوحوش تولد أم تُصنع؟
والسلام عليكم و رحمة الله .