عنوان: "الذين يحكموننا هم من يبيعون لنا السم"
السلام عليكم
لم نعد نفرق بين تاجر المخدرات وعضو البرلمان، فهما وجهان لعملة واحدة، كلاهما يقتل الشباب، الأول بيده يمنحهم الجرعة، والثاني يسن القوانين ليحرمهم من الأمل والعمل والحلم. صار في المغرب القنب الهندي مرخصًا، وتُخفض أسعار الخمور، وتنتشر أقراص القرقوبي كما لو كانت سلعة عادية، والبوفا تدور في الأزقة كما لو كانت لعبة أطفال، ولكن ليس هذا هو الأمر المخيف، بل أن الدولة تعلم وتغض الطرف، وكأنها تريد لهذا الجيل أن يضيع عن عمد. أرى في طنجة أطفالًا لا يتجاوز عمر بعضهم أربعة عشر عامًا يستنشقون السموم في قوارير، وعيونهم حمراء كأنها دماء، وفي فاس تُباع الفتيات مقابل قرقوبي، وفي الدار البيضاء أحياء بأكملها تحولت إلى مسالخ للجرعة. ما يثير الاشمئزاز في هذا البلد هو النفاق؛ يتحدثون عن التوعية والتنمية ومحاربة المخدرات وهم يفتحون الأبواب أمامها، يتحدثون عن محاربة الإدمان وهم يُسهّلون الطريق أمامه. كيف تنتظر من دولة نصف برلمانها يقبع في سجن عكاشة بتهم التجارة في المخدرات أن تشن حربًا على المخدرات؟ من سيشرّع قوانين ضدها؟ من يستفيد منها؟ من في بيته تاجر مخدرات؟ أم من صمت خوفًا أو مصلحة؟ كم من شاب كان يحمل موهبة وحلمًا، لكنه أصبح مهرّبًا، أو مدمنًا، أو لصًا في الأزقة، وهذا ليس صدفة، بل هو مخطط مدروس، لأن الشعب الواعي مخيف، والشاب الواعي لا يمكن السيطرة عليه، أما المدمن فيمكن التحكم به كيفما شاءوا، يجعله يصوت، يقتتل، يموت، ولا يسأل لماذا. ليست المشكلة في المخدرات وحدها، بل في دولة تركت كل شيء يسير، وأغلقت عينيها، وألقت اللوم على الشارع، لكن الشارع لم يصنع البوفا، بل فقط يشرب السم الذي يُصنع فوق رأسه، ويرى السياسي الذي يبتسم له في الانتخابات، وهو نفسه المستفيد من هذه الكارثة. لا ألوم المدمن، بل ألوم من تركه يصل إلى هنا، ألوم من شرّع الخراب وأسماه قانونًا، ألوم من يبيع الوطن في قنينات وأكياس، ولا زال يتحدث عن الاستقرار، أي استقرار هذا؟ هل نحن مستقرون فوق قنبلة الجهل والتهميش والمخدرات؟ ذلك الجيل الذي يحترق ويُشرد ويذوب في البوفا لم يسقط من السماء، بل سقط عليه من دولة نائمة، أو ربما صاحبة عينين مفتوحتين لكنها لا تريد أن ترى.