قصة دوار رويحين: الفقيه المداوي وحل أزمات الحب والمشاكل الأسرية

 رواية دوار رويحين: عندما يتقمص الإنسان دور الفقيه لإنقاذ الصديق من أزماته

دوّار: رويحين الجزء الثاني.
رافقني صديقي  الى البيت ثم جلسنا أمام الفرن نتحدث، فقال لي إن السيد الأنيق، صاحب مقاولة الحدادة، يسبح في المشاكل مع زوجته. لقد هربت إلى مدينة وجدة، وأخذت معها ابنه البالغ من العمر سنتين. أنا وهو نقطن في نفس الحي، لكننا بعيدان عن بعضنا في السكن، ولي صديقة من جيرانه قد روت لي القصة كاملة.
فقلت له: وما المطلوب مني؟
قال: أنت ستكون الطبيب المداوي.
قلت: كيف؟
قال: ستتقمص شخصية الفقيه، وانا سأبلغه بمعلومات تجعله يأتي راكضًا.
فقلت له: حسنًا، هيا لنلعب هذه اللعبة، خيرٌ من أن نموت جوعًا.
وفي صباح اليوم الموالي، لم يكن لدينا لا شاي، ولا سكر، ولا خبز، لا شيء على الإطلاق. اتفقنا، وذهب إلى هاتف ثابت بقرية أولاد موسى. لم تكن التكنولوجيا قد ظهرت بعد، ولم تكن الهواتف النقالة متوفرة. استلف من البنّائين خمسة دراهم وذهب. ثم اتصل به وأخبره أن عنده مفاجأة له. وكان يوم خميس صباحًا، ويصادف السوق الأسبوعي "خميس أولاد موسى".
وبينما ننتظر، كنت أجمع المعلومات الكافية عنه، فكتبت اسم أمه وأبيه واسم الولد و... و...، ثم افترقنا لكي لا يشعر بأننا سنتحايل عليه.
دخلت بيتي ورتبته، وضعت القرآن فوق المائدة، وبعض أقلام المداد، ودفترًا، أشياء ترافقني دائمًا في سفري أينما حللت. كان الجو صحوًا ذلك اليوم، فجاء الرجل ومعه صديقه بسيارة جميلة. نظرت إليهما من بعيد ثم دخلت وبقيت أراقبه من ثقب في الحائط، ورأيته يتكلم مع صديقي ويسأل متلهفًا عن رؤية "الفقيه الذي يجمد الماء" (ههههه). فأشار له أن يرافقه إلى بيتي، لكن صديقي رفض، ونصحه بأن يأتي وحده دون مرافقة أحد.
فتوجه نحوي، فجلست وبدأت أقرأ القرآن بصوت منخفض، وكنت ألبس جلبابًا من صوف دافئ. وصل إلى الباب، وكان مفتوحًا، لكنه بدأ يدق.
قلت: من؟
قال: أنا فلان .
قلت: وما الذي جاء بك اليوم عندي؟ فليس من عادتك.
قال: أريد أن أتحدث معك قليلاً.
قلت: تفضل، ادخل. فدخل وكأنه دخل إلى ضريح أو مسجد، وأكثر من ذكر الله وحُسن الخلق والآداب.
فقال، وهو خائف من العاقبة: هل أنت فقيه؟
قلت: لا. ومن قال لك أنني فقيه؟
قال: هناك أحد العمال الذين يشتغلون معي، قال لي إنك فقيه، لكنه طلب مني ألا أطلعك على الأمر. و اردف قائلا اناجئتك لتقضي 
لي غرض مهم للغاية يتعلق الامر بزوجتي اخذت طفلي و لا اعلم اين هي الان .
قلت له لا تقلق امرك يسير ان شاء الله.
قال:يا رب.
قلت له: حسنًااعطني يدك اليمنى رسمت فيها جدول و كتبت حروف ثم بدات اساله امك اسمها فلانة ? و ابوك فلان?قال : نعم صدقت. فقلت: زوجتك اسمها فلانة? و امها اسمها فلانة ? قال: والله لقد صدقت،  فقلت له: زوجتك هربت مع صديقة لها اسمها فلانة و هما الان في وجدة او بركان و ستعود انشاء الله لا تخف. لكن لا سف لا يمكنني أن أساعدك الان، لأنني لا أملك لوازم العمل.
فقال وقد همّ بالوقوف ليسلم على راسي ليشكرني لأنني قبلت بالنظر في أمره لكنني منعته.
فقلت له: أكتم السر! أنا لا أريد أن يعرف الناس أنني فقيه، ولا تتكلم مع أحد في الموضوع.
فأقسم ألا يُخبر أحدًا بالأمر، ثم قال لي: ما الذي ستحتاجه؟ أنا أشتريه...
وبما أنه عنده سيارة والسوق بعيد، قلت له: أشتري لي ديكًا أسود الرأس، وإن وجدته كله أسود فسيكون أحسن، و7 شمعات و نصف كيلو تمر.
و لكي نؤمن الديك قلت له: إن أردت أن تأخذ الديك إلى بيتك بعد أن نذبحه فخذه، أنا لا أريد منه سوى الدم لأكتب به.
فقال لي: لا، لا، لن آخذه.
قلت له: إذًا اشترِ لنا بعض الخضر وسنطبخه هنا ونأكله جميعًا.
قال: أنا ذاهب إلى الرباط، أدع فقط أصدقائي إن أرادوا المجيء.( اصدقاؤه هم الذين يعملون معه وهم اصدقائي و شركائي في اللعبة )
فقلت له: حسنًا، ثم أعطاني 200 درهم، وذهب، واشترى لنا أكل ثلاثة أيام: خضر، وخبز، وسكر، وشاي. وكان مسرورًا وعلى ثقة تامة بأنني سأُخرجه من الكابوس الذي يعيشه مع زوجته.
سبحان الله، في بعض الأحيان يُهزم الإنسان من كثرة ما يُلمّ به من مشاكل، خاصة هذا الرجل، فقد أخذت زوجته ابنه وهو صغير، وكان يحبه كثيرًا. حتى لو كان على يقين أنني لا حول لي ولا قوة على مساعدته بهذه الطريقة، ولو علم أنني لا أملك شيئًا آكله، لفهم أنني لو كنت أنفع لنفعت نفسي أولاً.
حين عاد من السوق، دخل بيتي، فقلت له: غدًا الجمعة، نلتقي هنا لأعطيك أمانتك جاهزة وسأشرح لك كيفية الاستعمال.
حين توارى عن أنظارنا، جاء الفريق كله. هيئنا الشاي ، ثم ذبح أحدهم الديك الأسود، وكان هناك تعاون في الطبخ. وأكلنا وضحكنا كثيرًا ذلك اليوم. وكنت قد أخذت بعض الدم ومزجته بالماء، وكتبت في ورقة بيضاء الكلام التالي بالدارجة:
"يا ربي تجي هاد المرا، وإلا ما بغاتش تجي، لهلا يجيب باباها..."
ثم طويتها ولففتها بقطعة من ثوب، وكتبت في شمعة واحدة حروفًا لم أفهمها حتى أنا.
كما أكلنا التمر، وجمعت له 7 بدور منه، وانتظرت مجيئه في الغد.
بعد عصر يوم الجمعة، جاء، وأعطيته ما حضرته له، وأطلعته على طريقة الاستعمال، مؤكّدًا عليه ألا يتهاون أو يغيّر شيئًا في الطريقة. ثم ذهب مسرورًا.
وبعد يومين، أي يوم الاثنين، اشتغلنا ذلك اليوم، وبعد أن انتهينا، عدنا للبيوت. فجاء هو وصديقه، ومعه طفل صغير يحمله بين ذراعيه، وكان قادمًا نحوي وهو يجر صديقه من يده.
وحين وصل، سلّمت على الطفل، وكان طفلاً جميلاً.
فقال لي: هذا ابني، لقد عادت زوجتي.
ولأجل هذا جئتك بصديقي، هو أيضًا يريد المساعدة (ههههه).
فرفضت، وقلت في نفسي: إن نجوت من الأولى، فلن أنجو من الثانية.
وظل يلحّ علي، فقلت له: حسنًا، لكن ليس الآن.
فقال: ومتى؟
قلت: حين أعلمك، قُل له أن يأتي.
لكني لم أفعل له شيئًا، لأنني رحلت قبل أن يعود.
ورست بي الباخرة في وسط دوار رويحين... وما أدراك ما رويحين.
والسلام عليكم ورحمة الله.

تعليقات