تأجيل لجنة مراجعة مخطط المغرب الأخضر في البرلمان: صراع على المحاسبة البيئية والاجتماعية

الصراع البرلماني وتأجيل لجنة مراجعة مخطط المغرب الأخضر: تعثر المحاسبة في ظل تحديات بيئية واجتماعية


 تأجيل لجنة مراجعة مخطط المغرب الأخضر داخل البرلمان المغربي: صراع داخلي لتفادي المحاسبة البيئية
مقدمة
منذ عام 2022، كان من المفترض أن تنعقد لجنة داخل البرلمان المغربي لمراجعة تقييم شامل لمخطط المغرب الأخضر (Plan Maroc Vert)، الذي أُطلق عام 2008 بهدف تحديث وتطوير القطاع الفلاحي بالمغرب. لكن، رغم مرور سنوات على انتهاء المخطط رسميًا، تأجلت اجتماعات هذه اللجنة مرات عديدة، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول أسباب التعطيل الحزبي لهذا المسار الرقابي المهم، خاصة في ظل الانتقادات البيئية والاجتماعية التي لاحقت المخطط منذ بدايته.
خلفية المخطط المغربي الأخضر وأهمية مراجعته
المخطط المغربي الأخضر هدف إلى تعزيز الفلاحة وجعلها رافعة اقتصادية مهمة، لكنه أثار جدلاً واسعًا بسبب استنزاف الموارد الطبيعية، خاصة المياه، وإقصاء صغار الفلاحين من الاستفادة الفعلية، بالإضافة إلى التركيز المفرط على الزراعات التصديرية وسط مناخ جاف.
مراجعة المخطط من خلال لجنة برلمانية كانت ضرورية لتقييم الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي للمخطط، وإخراج تقرير رسمي يُحدد النجاحات والإخفاقات، مع اقتراح حلول ملموسة.
أسباب تأجيل اللجنة ومقاومة المحاسبة
تشير مصادر برلمانية وإعلامية إلى وجود صراعات حزبية داخل البرلمان أدت إلى تعطيل انعقاد اللجنة، وأبرز هذه الأسباب:
خوف من المحاسبة السياسية والبيئية: حيث إن نتائج التقييم قد تكشف عن إخفاقات جسيمة وأضرار بيئية قد تتسبب في تحميل مسؤوليات مباشرة لبعض الأطراف السياسية والاقتصادية المرتبطة بالمخطط.
تداخل مصالح اقتصادية: وجود فاعلين كبار مستفيدين من استثمارات ضخمة في القطاع الفلاحي، قد يجعل بعض الأطراف الحزبية تفضل تأجيل المناقشة الرسمية للحفاظ على مصالحهم.
خلافات حزبية حول توزيع المسؤوليات: بين الفرقاء السياسيين من حيث من يتحمل مسؤولية الإخفاقات أو يتحكم في مسار اللجنة.
المخاوف من إثارة الرأي العام: حيث قد يسبب تقرير اللجنة تصاعد الاحتجاجات والمطالبات بإصلاحات جذرية.
الأبعاد البيئية والاجتماعية وراء تأجيل المراجعة
المخطط المغربي الأخضر استنزف الفرشة المائية بشكل كبير، خاصة في الجنوب الشرقي للمملكة، ما شكل تهديدًا حقيقيًا للموارد الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تركيز الدعم على كبار الفلاحين أدى إلى زيادة الفجوة الاجتماعية وإقصاء الفلاحين الصغار.
تأجيل اللجنة يعكس أيضًا تردّدًا في مواجهة هذه القضايا البيئية والاجتماعية الصعبة، والتي تتطلب قرارات جريئة وإصلاحات عميقة قد تتعارض مع مصالح قوية.
ردود فعل المجتمع المدني والناشطين البيئيين
أثار تأجيل انعقاد اللجنة استياء واسعًا في أوساط المجتمع المدني، والناشطين البيئيين الذين اعتبروا ذلك مؤشرًا على ضعف الشفافية وحجم التأثير السياسي والاقتصادي في القرارات المتعلقة بالقطاع الفلاحي.
طالب العديد من هؤلاء بضرورة فتح نقاش جاد وعلني حول تأثيرات المخطط، وتفعيل دور البرلمان في مراقبة تطبيق السياسات الزراعية لضمان استدامة الموارد الطبيعية وحقوق الفلاحين.
الخلاصة
تأجيل لجنة مراجعة مخطط المغرب الأخضر داخل البرلمان المغربي ليس مجرد تأخير إداري، بل يعكس صراعًا داخليًا حادًا بين الأطراف السياسية والمصالح الاقتصادية لتفادي محاسبة حقيقية على الأضرار البيئية والاجتماعية التي خلفها المخطط. هذا التعطيل يهدد قدرة المغرب على إصلاح قطاعه الفلاحي بطريقة مستدامة، ويؤكد ضرورة تعزيز الشفافية والمساءلة لضمان مستقبل أفضل للبيئة والفلاحين.
الخطوات القادمة المحتملة
مع استمرار تأجيل انعقاد لجنة مراجعة مخطط المغرب الأخضر، هناك عدة سيناريوهات محتملة يمكن أن تطرأ في المستقبل القريب:
ضغط المجتمع المدني والناشطين: من المتوقع أن يستمر المجتمع المدني والناشطون البيئيون في الضغط على البرلمان والحكومة من أجل عقد اللجنة وإجراء مراجعة حقيقية وشفافة.
تدخل من المؤسسات الرقابية: قد تتدخل هيئات مستقلة مثل المجلس الأعلى للحسابات أو هيئة حقوق الإنسان لتقديم تقارير حول آثار المخطط، مما يضيف ضغطًا إضافيًا على الجهات السياسية.
مبادرات برلمانية بديلة: قد تقوم بعض الكتل البرلمانية بمبادرات خاصة أو لجان فرعية بديلة، تحاول تجاوز التعطيل الحزبي، خصوصًا من الأحزاب التي تدعو إلى إصلاحات بيئية واجتماعية.
توسيع نطاق النقاش ليشمل الجيل الأخضر: نظرًا لأن الجيل الأخضر هو امتداد للمخطط المغربي الأخضر، يمكن أن تشمل المراجعة المستقبلية تقييمًا مشتركًا للمرحلتين لضمان عدم تكرار الأخطاء.
آراء خبراء في القطاع الفلاحي والبيئي
خبير بيئي مستقل يقول:
"تأجيل مراجعة المخطط يعكس تجاهلًا واضحًا لأزمة استنزاف المياه وتدهور البيئة الزراعية. بدون محاسبة حقيقية، سيظل القطاع يعاني من مشاكل هيكلية تهدد الأمن الغذائي في المغرب."
خبير في السياسات الزراعية يشير إلى:
"المخطط المغربي الأخضر كان ناجحًا من حيث جذب الاستثمارات وتطوير بعض الزراعات التصديرية، لكن تعثر دمج صغار الفلاحين والاستدامة البيئية أدى إلى اختلالات كبيرة. لجنة المراجعة مهمة لتصحيح المسار."
ناشط حقوقي يضيف:
"تأجيل انعقاد اللجنة هو تعبير عن ضعف الشفافية وعدم رغبة بعض الأطراف في فتح ملفات قد تكون حساسة سياسيًا. الفلاحون الصغار الذين تم إقصاؤهم بحاجة إلى صوت في البرلمان، وهذا الدور يجب أن تؤديه هذه اللجنة."
خاتمة مع توصية
إن استمرار تأجيل لجنة مراجعة مخطط المغرب الأخضر يُعرقل جهود إصلاح القطاع الفلاحي ويهدد استدامة الموارد الطبيعية والعدالة الاجتماعية. لذلك، من الضروري أن يعمل البرلمان المغربي على تجاوز الانقسامات الحزبية وفتح باب المحاسبة والشفافية من أجل بناء مستقبل فلاحي مستدام.
تفعيل اللجنة وإنجاز تقييم موضوعي هو الخطوة الأولى نحو تبني سياسات فلاحية تراعي البيئية والاجتماعية وتخدم مصالح جميع الفاعلين، خاصة الفلاحين الصغار، وتضمن الأمن الغذائي للمملكة.

تعليقات