الطريق إلى رويحين: البداية في أرض الغرابة
الجزء الاول
في يوم من الأيام، سافرت إلى مدينة سلا للبحث عن عمل، وشاءت الأقدار أن أمكث بقرية أولاد موسى أو سيدي موسى، لكن في الجهة المقابلة، طريق مكناس كلم 7.
ولكي أرشدكم إلى المكان بالضبط، فقد كنت أقطن بدوار رويحين (تصغيرًا لروحاني هههههه). قليل من سكان المنطقة كان يعلم بمكانه، حتى سكان القرية، لأنه كان في مكان حساس بين ثكنات الجنود ومطار الرباط سلا والقصر الملكي بالمعمورة. هذا شيء عجبًا!
قد تتساءلون بغرابة عن صحة روايتي، لأنه من غير الممكن أن يتواجد حي من الصفيح في مركز هذه المؤسسات الحساسة. ولكنها الحقيقة، والسبب أن أغلب فتيان دوار رويحين كانوا يعملون سائسين للخيول عند ولي العهد آنذاك، جلالة الملك محمد السادس.
وشهادة صادقة لله، فقد كان يحبهم ويعطف عليهم، وكان سدًا منيعًا لهم ضد المؤسسات البلدية التي كانت تحاول ترحيلهم من هناك. كانوا يتمتعون بحماية قوية من القصر الملكي.
أما باقي الشباب الذين لا يعملون في القصر، وعددهم قليل جدًا، فكانوا يعملون بضيعة الفرنسي Jean Luis، التي لا زالت إلى يومنا هذا، لأنني قد رأيتها في الخريطة على القمر الاصطناعي لجوجل.
أما الباقون، فكانوا يرعون الغنم والأبقار داخل غابة المعمورة. وكنت أعرف إحدى العائلات هناك تقطن أيضًا برويحين. اشتغلت في البناء داخل المطار أثناء بناء الشطر الثاني أيامها.
وكنت أَبيت في إحدى البنايات العشوائية داخل المطار، كانوا قد بنوها للعمال من الأجور وقليل من الإسمنت، لأنها ستُزال مع نهاية الأشغال. وكانت ستة أو سبعة محلات ومسجد صغير.
ومن الرفاق الذين كانوا يعملون إلى جانبنا، فريق الحدادة، وكان المقاول من الرباط، قلما يأتي هو وصديقه بسيارة جميلة سوداء، مع أناقة في الهندام وروائح غالية الثمن.
وكان قلما يأتي للعمل مع فريقه، الذي كان يتكون من أربعة أفراد أو أكثر. وكان أيضًا بعض البنّائين في باقي البيوت. أما أنا، فكنت أسكن وحدي أمام باب المسجد. و كنت أُصلي بهم احيانا، وعندي كتاب القرآن، وكان بيتي نظيفًا، وإن كان الفصل شتاءً ولا بلاط على الأرض، كانت طينية.
وكنت قد صنعت فرنًا للطبخ وللتدفئة، وجلبت أنبوبًا حديديًا يجلب الدخان إلى الخارج ويحافظ على حرارة المكان.
لأجل هذا، كان أغلب البنّائين يأتون بعد انتهاء العمل من أجل التدفئة، إلا ذلك المقاول الأنيق، كان يخاف من أن تلتصق به رائحة الدخان.
وفي بعض الأحيان، كنت ألعب الأوراق مع فريق الحدادة في بيتهم، وآكل معهم، أو آتي بالأكل الذي طبخته ونأكل جميعًا.
مرت أيام، وكنا نشتغل يومًا أو يومين ونتوقف أربعة أو خمسة أيام بسبب الأمطار، وحين تعود الشمس نعود للعمل.
وذات يوم من الأيام الممطرة، نفدت نقودنا، ولم نعد نملك ما نأكله بعد أسبوع من المطر. وكنا نظل نفكر فيما يجب علينا فعله لإيجاد لقمة العيش، ونحن في ذلك المكان النائي شيئًا ما.
وكانت هناك شركة، على ما أظن اسمها ATASA، خاصة بالأكل لعمال المطار، كانوا يجلبون الأكل في أوانٍ بلاستيكية، كأنه خرج من الفرن للتو من حرارته.
وكنت أراقبهم من بعيد، مراقبة الأطفال لما تطبخ أمهم حين يكونون جياعًا. فقررت الذهاب إليهم حين تكون الفرصة مواتية: لا حارس مكان ولا شرطي.
فذهبت وطلبت منهم الأكل، فأعطوني كيسين مليئين. وعدت إلى بيت أصدقائي الحدادين، الذين هرب عنهم المقاول ولم يترك لهم نقودًا. أكلنا جميعًا، وبقينا نتدبّر أفكارًا قد لا تخطر على عقل الشيطان.
قال لي أحدهم: هيا بنا إلى بيتك، فإني أحس ببرودة. ولم يكن هذا هو السبب، ولكنه أراد أن يكتم السر، لأن فيه خطورة.
ذهبنا، وأشعلت النار، وكان قد اقترب حلول صلاة المغرب، فقال لي إنه لديه فكرة خطيرة للحصول على المال من المقاول الذين يشتغلون معه، وأنه سيأتي رغما عنه إن سمع بما سأقوله له.
فقلت له: وما هي هذه الفكرة؟
فقال...
يتبع...
ألقاكم في الحلقة القادمة إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ولكي أرشدكم إلى المكان بالضبط، فقد كنت أقطن بدوار رويحين (تصغيرًا لروحاني هههههه). قليل من سكان المنطقة كان يعلم بمكانه، حتى سكان القرية، لأنه كان في مكان حساس بين ثكنات الجنود ومطار الرباط سلا والقصر الملكي بالمعمورة. هذا شيء عجبًا!
قد تتساءلون بغرابة عن صحة روايتي، لأنه من غير الممكن أن يتواجد حي من الصفيح في مركز هذه المؤسسات الحساسة. ولكنها الحقيقة، والسبب أن أغلب فتيان دوار رويحين كانوا يعملون سائسين للخيول عند ولي العهد آنذاك، جلالة الملك محمد السادس.
وشهادة صادقة لله، فقد كان يحبهم ويعطف عليهم، وكان سدًا منيعًا لهم ضد المؤسسات البلدية التي كانت تحاول ترحيلهم من هناك. كانوا يتمتعون بحماية قوية من القصر الملكي.
أما باقي الشباب الذين لا يعملون في القصر، وعددهم قليل جدًا، فكانوا يعملون بضيعة الفرنسي Jean Luis، التي لا زالت إلى يومنا هذا، لأنني قد رأيتها في الخريطة على القمر الاصطناعي لجوجل.
أما الباقون، فكانوا يرعون الغنم والأبقار داخل غابة المعمورة. وكنت أعرف إحدى العائلات هناك تقطن أيضًا برويحين. اشتغلت في البناء داخل المطار أثناء بناء الشطر الثاني أيامها.
وكنت أَبيت في إحدى البنايات العشوائية داخل المطار، كانوا قد بنوها للعمال من الأجور وقليل من الإسمنت، لأنها ستُزال مع نهاية الأشغال. وكانت ستة أو سبعة محلات ومسجد صغير.
ومن الرفاق الذين كانوا يعملون إلى جانبنا، فريق الحدادة، وكان المقاول من الرباط، قلما يأتي هو وصديقه بسيارة جميلة سوداء، مع أناقة في الهندام وروائح غالية الثمن.
وكان قلما يأتي للعمل مع فريقه، الذي كان يتكون من أربعة أفراد أو أكثر. وكان أيضًا بعض البنّائين في باقي البيوت. أما أنا، فكنت أسكن وحدي أمام باب المسجد. و كنت أُصلي بهم احيانا، وعندي كتاب القرآن، وكان بيتي نظيفًا، وإن كان الفصل شتاءً ولا بلاط على الأرض، كانت طينية.
وكنت قد صنعت فرنًا للطبخ وللتدفئة، وجلبت أنبوبًا حديديًا يجلب الدخان إلى الخارج ويحافظ على حرارة المكان.
لأجل هذا، كان أغلب البنّائين يأتون بعد انتهاء العمل من أجل التدفئة، إلا ذلك المقاول الأنيق، كان يخاف من أن تلتصق به رائحة الدخان.
وفي بعض الأحيان، كنت ألعب الأوراق مع فريق الحدادة في بيتهم، وآكل معهم، أو آتي بالأكل الذي طبخته ونأكل جميعًا.
مرت أيام، وكنا نشتغل يومًا أو يومين ونتوقف أربعة أو خمسة أيام بسبب الأمطار، وحين تعود الشمس نعود للعمل.
وذات يوم من الأيام الممطرة، نفدت نقودنا، ولم نعد نملك ما نأكله بعد أسبوع من المطر. وكنا نظل نفكر فيما يجب علينا فعله لإيجاد لقمة العيش، ونحن في ذلك المكان النائي شيئًا ما.
وكانت هناك شركة، على ما أظن اسمها ATASA، خاصة بالأكل لعمال المطار، كانوا يجلبون الأكل في أوانٍ بلاستيكية، كأنه خرج من الفرن للتو من حرارته.
وكنت أراقبهم من بعيد، مراقبة الأطفال لما تطبخ أمهم حين يكونون جياعًا. فقررت الذهاب إليهم حين تكون الفرصة مواتية: لا حارس مكان ولا شرطي.
فذهبت وطلبت منهم الأكل، فأعطوني كيسين مليئين. وعدت إلى بيت أصدقائي الحدادين، الذين هرب عنهم المقاول ولم يترك لهم نقودًا. أكلنا جميعًا، وبقينا نتدبّر أفكارًا قد لا تخطر على عقل الشيطان.
قال لي أحدهم: هيا بنا إلى بيتك، فإني أحس ببرودة. ولم يكن هذا هو السبب، ولكنه أراد أن يكتم السر، لأن فيه خطورة.
ذهبنا، وأشعلت النار، وكان قد اقترب حلول صلاة المغرب، فقال لي إنه لديه فكرة خطيرة للحصول على المال من المقاول الذين يشتغلون معه، وأنه سيأتي رغما عنه إن سمع بما سأقوله له.
فقلت له: وما هي هذه الفكرة؟
فقال...
يتبع...
ألقاكم في الحلقة القادمة إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.