إلغاء الأضحية واستمرار موازين: تناقض أم أولويات؟

  لماذا أُلغيت الأضحية واستمر موازين.و لماذا نربط هذا بذاك ؟

السلام عليكم
موضوع: إلغاء شعيرة عيد الأضحى في المغرب مقابل استمرار مهرجان موازين: تناقض أم أولويات مختلفة؟
مقدمة
أثار قرار العاهل المغربي، الملك محمد السادس، إلغاء شعيرة ذبح الأضحية في عيد الأضحى لعام 2025 جدلاً واسعاً بين المغاربة، خاصة في ظل استمرار تنظيم مهرجان موازين الذي يُعتبر أحد أكبر المهرجانات الفنية في المنطقة. هذا القرار، الذي جاء للمرة الرابعة في تاريخ المغرب الحديث، استند إلى أسباب مناخية واقتصادية، لكن استمرار مهرجان موازين أثار تساؤلات حول التناقض الظاهري بين تعليق شعيرة دينية راسخة ودعم فعاليات ثقافية تُكلف ملايين الدراهم. في هذا الموضوع، سنناقش أسباب إلغاء شعيرة الأضحية، استمرار موازين، والتكلفة المالية لهذا المهرجان مقارنة بثمن الأضاحي، مع محاولة فهم هذا "التناقض" المزعوم.
أسباب إلغاء شعيرة ذبح الأضحية في عيد الأضحى 2025
أعلن الملك محمد السادس في فبراير 2025 عن تعليق شعيرة ذبح الأضحية استجابة لظروف استثنائية، وهي ليست المرة الأولى التي يُتخذ فيها هذا القرار، حيث سبق أن أُلغيت الشعيرة في أعوام 1963، 1981، و1996 في عهد الملك الحسن الثاني لأسباب مشابهة. الأسباب الرئيسية لقرار 2025 تشمل:
الجفاف وتراجع الثروة الحيوانية: يعاني المغرب من موجات جفاف متواصلة منذ سبع سنوات، أدت إلى تراجع أعداد الماشية بنسبة 38% مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لوزارة الفلاحة والصيد البحري. هذا التراجع نتج عن نقص المراعي وارتفاع أسعار الأعلاف، مما جعل تربية الماشية مكلفة للغاية.
ارتفاع أسعار الأضاحي: شهدت أسعار الأضاحي ارتفاعاً قياسياً في السنوات الأخيرة، حيث تراوحت بين 2000 و7000 درهم (200-700 دولار) في 2024، مما جعلها عبئاً ثقيلاً على الأسر ذات الدخل المحدود. القرار الملكي استهدف رفع الحرج عن هذه الفئات وحماية القدرة الشرائية.
الحفاظ على الأمن الغذائي: إلغاء الذبح يهدف إلى الحفاظ على القطيع الوطني، الذي انخفض إلى 20.3 مليون رأس في 2024، بانخفاض 2% عن 2023. ذلك يضمن استقرار أسعار اللحوم ويمنع استنزاف الموارد الحيوانية.
الجانب الشرعي: أكدت الرسالة الملكية أن الأضحية سُنة مؤكدة وليست فريضة، وأن القرار لا يلغي العيد نفسه، بل يركز على شعائر أخرى مثل صلاة العيد وصلة الرحم.
لماذا لم يُلغَ مهرجان موازين؟
مهرجان موازين، الذي يُنظم سنوياً في الرباط وسلا، يُعتبر رمزاً ثقافياً وحدثاً اقتصادياً مهماً في المغرب. على الرغم من الانتقادات التي وجهت لاستمراره في ظل الأزمة الاقتصادية والمناخية، هناك أسباب تدعم استمرار تنظيمه:
الأثر الاقتصادي والسياحي: موازين يجذب آلاف السياح سنوياً، مما يعزز الاقتصاد المحلي من خلال الإنفاق على الفنادق، المطاعم، والنقل. كما يوفر فرص عمل مؤقتة ويروج لصورة المغرب كوجهة ثقافية عالمية.
التمويل الخاص: يعتمد المهرجان بشكل كبير على الرعايات الخاصة من شركات ومؤسسات، مما يقلل من العبء على ميزانية الدولة، على عكس ما يُروج له في بعض منشورات مواقع التواصل الاجتماعي.
الأولويات الثقافية: يُنظر إلى موازين كوسيلة لتعزيز الانفتاح الثقافي ودعم الفنانين المحليين والعالميين، مما يساهم في تعزيز الهوية الثقافية المغربية في سياق عالمي.
عدم وجود تناقض مباشر: إلغاء الأضحية كان قراراً استثنائياً يهدف إلى حماية الثروة الحيوانية والتخفيف عن الأسر الفقيرة، بينما موازين حدث ثقافي يُنظم في إطار زمني ومالي مختلف، ولا يؤثر مباشرة على الأمن الغذائي أو القطيع الوطني.
كم خروف يمكن شراؤه بميزانية موازين؟
لتقدير عدد الأضاحي التي يمكن شراؤها بميزانية موازين، نحتاج إلى تقديرات مالية. لكن، للأسف، لا توجد أرقام رسمية دقيقة متاحة في المصادر حول ميزانية موازين لعام 2025. ومع ذلك، يُمكننا الاعتماد على تقديرات سابقة ومنشورات على منصة إكس لإجراء حساب تقريبي:قصد الترفيه.
ميزانية موازين: تشير تقارير غير رسمية إلى أن ميزانية موازين تتراوح بين 50 و70 مليون درهم سنوياً (5-7 ملايين دولار)، معظمها من الرعايات الخاصة. لنفترض أن الميزانية لعام 2025 هي 60 مليون درهم كمتوسط تقديري.
متوسط سعر الخروف: في السنوات الأخيرة، تراوح سعر الخروف بين 2000 و5000 درهم، حسب الحجم والجودة. لنأخذ متوسط سعر 3500 درهم للخروف.
الحساب: 
60,000,000 درهم ÷ 3500 درهم/خروف = حوالي 17,143 خروفاً.
إذن، بميزانية موازين التقديرية، يمكن شراء حوالي 17 ألف خروف. هذا الرقم كبير، لكنه لا يعكس الصورة الكاملة، حيث إن ميزانية موازين لا تُنفق بالكامل من خزينة الدولة، بل تشمل رعايات خاصة، كما أن الأضاحي ليست متاحة بكميات كافية في السوق بسبب الجفاف، مما يجعل مقارنة مباشرة غير دقيقة.
هل هناك تناقض فعلي؟
الانتقادات التي وجهت لاستمرار موازين، كما ظهرت في منشورات على منصة إكس، تركز على فكرة أن الدولة "تبذر الأموال" على فعاليات ترفيهية بينما تطالب المواطنين بالتخلي عن شعيرة دينية. لكن هذا الجدل يمكن تحليله من زوايا مختلفة:
المنظور الاقتصادي: إلغاء الأضحية يهدف إلى حماية الثروة الحيوانية والتخفيف من الضغط الاقتصادي على الأسر، بينما موازين يُساهم في تحريك الاقتصاد المحلي. الاثنان يخدمان أهدافاً اقتصادية مختلفة، مما يقلل من فكرة التناقض.
المنظور الديني والثقافي: بعض المنشورات، مثل تلك من @muslima_farha
، اعتبرت استمرار موازين اعتداءً على القيم الإسلامية. لكن القرار الملكي أكد أن تعليق الأضحية لا يلغي العيد، بل يركز على شعائر أخرى مثل الصلاة وصلة الرحم. موازين، من جهة أخرى، حدث ثقافي لا يتعارض مباشرة مع الدين، بل يُنظر إليه كجزء من الهوية الثقافية المغربية المعاصرة.
الأولويات الوطنية: الحفاظ على القطيع الوطني يُعتبر أولوية قصوى في ظل أزمة الجفاف، بينما موازين يُروج للمغرب دولياً. الدولة قد ترى أن الاثنين ليسا متعارضين، بل يكملان بعضهما في سياقات مختلفة.
ردود الفعل الشعبية: رحب العديد من المغاربة بإلغاء الأضحية لتخفيف العبء المالي، لكن آخرين اعتبروا استمرار موازين دليلاً على "انسلاخ" من القيم الإسلامية. هذا الانقسام يعكس تنوع الآراء حول الأولويات الوطنية.
خاتمة
إلغاء شعيرة ذبح الأضحية في المغرب لعام 2025 جاء استجابة لأزمة مناخية واقتصادية تهدف إلى حماية الثروة الحيوانية وتخفيف العبء عن الأسر ذات الدخل المحدود. في المقابل، استمرار مهرجان موازين يعكس أولويات ثقافية واقتصادية مختلفة، حيث يُساهم في تعزيز السياحة والاقتصاد المحلي. الجدل حول "التناقض" بين القرارين ينبع من اختلاف وجهات النظر حول الأولويات الوطنية والدينية. بميزانية موازين التقديرية، يمكن شراء حوالي 17 ألف خروف، لكن هذه المقارنة تبسيطية، إذ إن الأزمة ليست فقط مالية، بل تتعلق بنقص الموارد الحيوانية. في النهاية، يبقى القرار الملكي محاولة لتحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية والدينية والاجتماعية، في ظل ظروف استثنائية تتطلب تضحيات مشتركة من الجميع.

تعليقات