الاستيلاء على الأراضي السلالية في خريبكة: بين القانون والواقع

 أراضي سلالية في خريبكة تواجه الاستحواذ والتفويت المشبوه

مقدمة
الحديث عن الأراضي السلالية في خريبكة (كما في مناطق أخرى من المغرب) يدخل في إطار واحد من أكبر الإشكالات المرتبطة بالأراضي الجماعية في المغرب، والتي تتميز بطابعها العرفي والتاريخي، وتخضع لوصاية وزارة الداخلية عبر الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية.
1. ما هي الأراضي السلالية؟
الأراضي السلالية هي أراضٍ تعود ملكيتها للجماعات السلالية، وهي مجموعات من السكان يشتركون في نسب سلالي واحد (قبيلة أو عرش).
تُستغل هذه الأراضي جماعياً أو فردياً من قبل ذوي الحقوق، ولا يجوز بيعها أو التصرف فيها بشكل فردي.
الدولة تمارس الوصاية عليها عبر وزارة الداخلية.
2. خريبكة والأراضي السلالية: السياق المحلي
إقليم خريبكة يُعتبر من أغنى المناطق في المغرب بالفوسفاط، مما جعله محط أطماع استثمارية وتوسع عمراني وصناعي كبير، لا سيما من طرف:
المكتب الشريف للفوسفاط (OCP)
شركات صناعية ومقاولات بناء
مصالح الدولة لتشييد مشاريع كالمطارات، الطرق، البنايات العمومية...
وهذا ما أدى إلى توسع العمران والاستيلاء على مساحات مهمة من الأراضي السلالية.
3. كيف تم الاستيلاء على الأراضي السلالية في خريبكة؟
هناك عدة طرق تم بها انتزاع أو الاستيلاء على هذه الأراضي، بعضها قانوني، وبعضها يطرح شبهات فساد وتلاعب، وأبرزها:
❖ 1. نزع الملكية للمنفعة العامة
تُعلن الدولة أن الأرض ضرورية لإنجاز مشروع عمومي (كطريق، منشأة عامة...).
يتم تعويض الجماعة السلالية أو ذوي الحقوق مادياً.
غير أن كثيراً من ذوي الحقوق يشتكون من ضعف التعويض، أو غياب الشفافية في توزيعه.
❖ 2. تفويتات مشبوهة
تُفوت أراضٍ سلالية إلى شركات أو أفراد بأسعار رمزية، تحت غطاء الاستثمار أو مشاريع تنمية.
أحياناً يتم ذلك بدون استشارة حقيقية لذوي الحقوق أو عبر تواطؤ بعض النواب السلاليين.
❖ 3. عدم تحفيظ الأراضي
كثير من الأراضي السلالية غير محفظة، ما يجعلها عرضة للاستيلاء من طرف لوبيات العقار.
غياب الوثائق الرسمية يسهل التلاعب.
❖ 4. استغلال ضعف الوعي القانوني
العديد من السكان لا يعرفون حقوقهم، ويتم الضغط عليهم لتوقيع وثائق تفويت دون إدراك العواقب.
4. الأمثلة والنماذج من خريبكة
دوار أولاد عبدون، أولاد عزوز، وادي زم، وادي الحيمر... كلها مناطق سجلت احتجاجات لذوي الحقوق ضد تفويت أراضيهم.
بعض الملفات وصلت للمحاكم، وأخرى أُغفلت بفعل ضغوطات أو تسويات غير عادلة.
5. موقف الدولة ومشاريع الإصلاح
المغرب قام بإصلاحات قانونية مثل:
القانون 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها.
يهدف هذا القانون لتحديث تدبير الأراضي السلالية وتمكين النساء من الحقوق، وتحفيظ الأراضي.
لكن يبقى التحدي في تطبيق القانون ميدانياً، ومحاربة الفساد والزبونية.
6. خلاصة
الاستيلاء على الأراضي السلالية في خريبكة يُعَدّ جزءاً من إشكال وطني أكبر، حيث تلتقي مصالح الدولة، لوبيات العقار، ضعف الحكامة، والفراغ القانوني السابق، مما أدى إلى فقدان كثير من ذوي الحقوق لأراضيهم بطرق غير عادلة أو مشبوهة.
إذا أردت أمثلة أو تقارير ميدانية من الصحافة المغربية حول حالات بعينها في خريبكة، يمكنني البحث لك مباشرة عن أحدثها. هل ترغب في ذلك؟
والسلام عليكم و رحمة الله.

تعليقات