ليلة بابا عاشور

المعطي الخريبكي
المؤلف المعطي الخريبكي
تاريخ النشر
آخر تحديث
ليلة بابا عاشور في حي الرحبة

في حي الرحبة، أحد أحياء الدار البيضاء الشعبية، كانت رائحة الفواكه الجافة تملأ الأزقة مع اقتراب يوم عاشوراء. الأطفال يتراكضون فرحين، يرتدون أقنعة ملونة وأزياء تنكرية صنعتها لهم أمهاتهم من بقايا الأقمشة القديمة. كانوا يحملون سلالًا صغيرة، يجوبون البيوت وهم يرددون بصوت واحد: "حق بابا عاشور؟ حق بابا عاشور؟"
عمر، فتى في العاشرة من عمره، كان يقود مجموعة من أصدقائه. كان قد صنع قناعًا من الكرتون على شكل وجه بابا عاشور، الرجل الأسطوري الذي يُقال إنه يزور الأحياء في هذا اليوم ليوزع الحلوى ويجلب الفرحة للأطفال. القناع مزين بشارب كبير من الصوف الأسود، وتاج من الورق الملون يرمز إلى قلادة بابا عاشور الشهيرة. كانت أمه قد حكت له قصة بابا عاشور، الرجل الطيب الذي يظهر في العاشر من محرم ليذكّر الناس بالتضامن والمشاركة.
في تلك الليلة، توقف عمر وأصدقاؤه أمام بيت الحاجة خديجة، سيدة عجوز معروفة في الحي بكرمها. فتحت الباب وهي تبتسم، تحمل صينية مليئة بالمكسرات والحلوى التقليدية. "عاشوري عاشوري، عليك دليت شعوري!"، رددت الحاجة خديجة مع الأطفال وهي تضحك، مستذكرة أيام طفولتها حين كانت تغني نفس الأغنية: "عاشور يا بومديجة، مات وخلا خديجة."


أعطت كل طفل حفنة من المكسرات وبعض الحلوى، ثم رشت عليهم الماء بضحكة مرحة، وهي تقول: "هذا ماء زمزم، يجيب البركة!" الأطفال ركضوا مبتعدين، يضحكون وهم يحاولون رش بعضهم البعض بالماء، في تقليد مغربي قديم يُعرف بـ"الزمزمية"، حيث يُعتقد أن الماء يجلب الخير والبركة في هذا اليوم.
بينما كان الأطفال يواصلون جولتهم، كان الكبار في الحي يجتمعون في ساحة صغيرة. النساء يتحلقن حول نار صغيرة، يغنين أغاني عاشوراء التراثية، بينما يوزع الرجال الهدايا على الأطفال اليتامى والمحتاجين. كان الحي بأكمله يعيش أجواء احتفالية، مزيجًا من الفرحة الطفولية والتضامن الاجتماعي.
عندما عاد عمر إلى البيت، جلس بجانب أمه وهو يفرغ سلته من الحلوى والمكسرات. سألها بفضول: "يا أمي، هل بابا عاشور حقيقي؟" ابتسمت أمه وقالت: "بابا عاشور هو رمز يا ولدي، رمز للفرحة والعطاء. هو يعيش في قلوبنا كلما جعلنا طفلًا يبتسم في هذا اليوم." أومأ عمر برأسه، ثم أخذ قطعة حلوى وخرج ليعطيها لأخيه الصغير، مقتنعًا أن بابا عاشور قد يكون رمزًا، لكنه يجلب الفرحة حقًا.

تحليل الرواية

 اخترت حيًا شعبيًا في الدار البيضاء كما هو الشان لباقي المدن المغربية لأن تقاليد بابا عاشور تُحتفل بها غالبًا في الأحياء الشعبية المغربية، حيث تكون الأجواء مليئة بالتضامن والمشاركة.
بابا عاشور: استوحيت شخصية بابا عاشور من التراث المغربي، حيث يُعتبر رمزًا احتفاليًا في يوم عاشوراء، يُقارن أحيانًا ببابا نويل في الثقافة الغربية، لكنه يحمل طابعًا محليًا مميزًا. الأطفال يتنكرون ويطوفون البيوت طالبين "حق بابا عاشور"، أي الحلوى والمكسرات.


العادات: 

أدرجت تقاليد مثل "الزمزمية" (رش الماء) وأغاني عاشوراء التراثية ("عاشوري عاشوري")، وهي جزء من الاحتفالات المغربية في هذا اليوم، مع التركيز على التضامن الاجتماعي وتوزيع الهدايا على المحتاجين.

النهاية: 

النهاية تعكس قيمة التضامن والعطاء التي ترتبط ببابا عاشور، مع لمسة تعليمية للأطفال عن معنى هذا التقليد.

خلفية عن بابا عاشور

بابا عاشور هو تقليد مغربي شعبي مرتبط بيوم عاشوراء (العاشر من محرم)، حيث يُحتفل به بشكل خاص في الأحياء الشعبية. الأطفال يرتدون الأقنعة ويطوفون البيوت طالبين الحلوى والمكسرات، فيما يُعرف بـ"حق بابا عاشور". تقليد "الزمزمية" (رش الماء) مستوحى من الاعتقاد بأن الماء يجلب البركة، وله جذور تاريخية تعود إلى تقاليد يهودية مغربية استوعبها المجتمع المغربي مع الإسلام. هناك جدل حول أصالة هذا التقليد، حيث يراه البعض تقليدًا دخيلًا مستوحى من بابا نويل، بينما يدافع آخرون عنه كجزء من التراث المغربي الأصيل.

و السلام عليكم 

تعليقات

عدد التعليقات : 0